القلب أساس العاطفة

زاد الاردن الاخباري -

ناهده جابر اللبدي - عندما نعشق الحياة بصفائها وعنفوانها وتأخذنا نحو بريقها وتخترق أفكارنا وتتجسد في خيالنا وتنقلنا إلى البعيد .
تستقر ربوعها في الركن الوجداني لكل واحد منا،  فتتشكل منها الأحاسيس والمشاعر التي من خلالها يتحدد إتجاهنا ومن ثم مسلكنا نحو الأشياء والأشخاص الذين من حولنا والحياة مليئة بذلك... فأحيانا ً لقاؤنا لشخص معين قد تكون لنا مادة مبهجة نسعد لرؤيته ونحزن امرضه ونبتهج لنجاحه وقد نقدم له التنازلات حتى نحتفظ بعلاقتنا به !!.

أحيانا ً نرى أنفسنا متعلقين لبعض الأماكن لما تحمله لنا من ذكريات خالدة قد تكون سارة وقد تكون مؤلمة؛في الحقيقة هذه الإنفعالات والمشاعر ممكن أن نطلق عليها إسم «العاطفة».. عاطفة الحب أو الحاجة إلى الحب فهي إتجاه وجداني نحو موضوع معين مكتسب بالخبرات والتعلم فالعاطفة ماهي إلا رصيد للخبرات العاطفية السابقة.فقد أودعها الله عز وجل في قلوبنا وأفئدتنا كي تترجم فكرنا النقي فالمعروف أن تلك المشاعر التي نحملها في قلبنا تتسبب أفكاراً في العقل والأفكار التي تتولد في عقلنا تولد مشاعر في القلب.

هي الحياة... كيف تكون من غير حب؟ وكيف ينمو الجنين في أحشاء أمه من غير حب؟ وكيف يبصر ويترعرع من غير حب...ويبدع المعلم مع تلاميذه دون حب؟ وكيف نحلم ونكبر بأحلامنا من غير حب؟... إنها اللغة التي نتعلمها منذ نعومة أظفارنا فهي الحاجة الملحة للبقاء وحماية عقولنا من الكره والأنانية وهي السلاح التي تمدنا بالطاقة الإيجابية فالعاطفة تتجلى في كل علاقتنا في هذه الحياة:
علاقتنا مع الله تعالى فكيف نناجيه من غير حب؟ وعندما نحرص بأن لايرانا فيمانهاه يعني أننا نهتم بأن لايرانا إلا بما أمرنا به وسر هذا الإهتمام هو أننا نحبه عزوجل.

علاقتنا مع أنفسنا فعندما نحمي جسدنا من كل ضرر وألم ونجمل أنفسنا بالعلم والإيمان والأخلاق معناه أننا نهتم بذلك وسر إهتمامنا هو حبنا لأنفسنا.
علاقتنا مع الآخرين « الأسرة،الأصدقاء، العمل...»فعندما نبني علاقات على أساس الكلمة الطيبة، الإحترام المتبادل،الإحتواء، الصبر.... فهذا يعني أننا سوف ننشيء علاقات سليمة يسودها الألفة فكما وضحها «ابرهام ماسلو»: تظهر هذه الحاجة في رغبة الفرد في ربط علاقات التواد والتعاطف مع أفراد أسرته ومع آخرين خارج دائرة الأسرة ويعتقد ماسلو أن مشاركة الفرد في الحياة الإجتماعية تتحدد بحاجات الحب والإنتماء ويظهر ذلك في الإقتراب والإستماع بالتعاون مع أفراد المجتمع وعلى عكس ذلك فإن العصيان المدني أو الحركات الإحتجاجية التي تظهر عند بعض فئات المجتمع قد تكون نتيجة لعدم إشباع مثل هذه الحاجات وإشباع ذلك يتم عادة عن طريق علاقتنا بأفراد أسرتنا أو بما يكون لدينا من علاقات مع أفراد المجتمع.. وممكن  للعاطفة أن تتسع وتشمل حب الوطن « التضحية من أجل الوطن» ، حب لمباديء معينة « الأمانة، التسامح، الصدق....

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ).
فالحب لكي ينمو يحتاج الى أرضية وتربة خالية من الشوائب فهي تحتاج الى نفس جميلة وروح طيبة وقلب لايعرف الكره ... نغذيه بالعطاء والإيمان والبناء بعد كل كدرة صفاء فمن المعروف أن القلوب إذا تلاقت تساقت كالسماء عندما تهطل بالأمطار وتسقطها على الأرض فتحييها وتغذيها فينمو النبات ويتفتح الزهر فلولا هذه المياة التي أفاضت بحبها على الأرض مانبت نبات ولانحل رحق رحيقه من زهر...فالحب منبعه القلب وهو مصدر كل جمال وهي قيمة جمالية تعلمنا الإيمان والصبر والإرادة ومتى تحلينا بذلك إنعكس فينا جمال الروح والقلب والعقل والإتزان النفسي... والقلب جميل بدقاته وأحواله فلنجعله يدق بأحلامنا وصلاح عملنا.