لليوم السابع على التوالي يواصل المعلمون في الأردن اضرابهم احتجاجا على عدم منحهم علاوة المئة في المئة الأمر الذي عرقل المسيرة التربوية والتعليمية وآثار سخط واستياء الطلاب وأولياء امورهم نتيجة حرمانهم من الدراسة.
سبق وان كتبنا في هذه الزاوية عن حقوق المعلمين ودعمناهم بما فيه الكفاية بما في ذلك علاوة المئة في المئة وكتبنا ايضا عن حق المعلمين في تشكيل نقابة لهم بالاضافة الى حقوقهم في الاسكان وقضايا اخرى عديدة.
ونؤكد في هذا الصدد اننا ما زلنا مع المعلمين وضرورة حصولهم على حقهم بما في ذلك علاوة المئة في المئة، إلا اننا نؤكد في الوقت ذاته ان المصلحة العامة اهم من المصلحة الشخصية، ومصلحة المعلمين نؤيدها وندعمها ولكن عندما تصطدم بمصلحة الوطن وتعرقل المسيرة التربوية برمتها فانها تصبح في منزلة ادنى من مصلحة الوطن .... وهذه الحقيقة يجب ان يفهمها الجميع بما في ذلك المعلمون الذين ينبغي ان يعودوا جميعا الى عملهم.
عندما كنا نشعر ان حقوقهم مهضومة خاصة في حال حرمانهم من نقابة تحميهم وتدافع عن مصالحهم وحقوقهم، وطوال السنتين الماضيتين تابعنا حراك المعلمين في كافة محافظات المملكة مؤيدين وداعمين لمطالبهم التي شغلت البلاد طوال تلك الفترة مع العلم ان المعلمين كان لهم الفضل الأكبر في الحراك الشعبي الأردني المطالب بالحرية والإصلاح وهو فضل نذكره ونقدره لهذه الشريحة الاجتماعية الواسعة، إلا ان الواقع يقتضي منا وقفة تأملية لمطالب المعلمين على مدى السنتين الماضيتين والنظر في الوقت ذاته الى مطالب العديد من الشرائح الاجتماعية كالمتقاعدين العسكريين والمدنيين والنقابيين وموظفي البلديات وضرورة رفع حجم المعونة الوطنية التي تقدم لمستحقيها.
لقد حقق المعلمون الغالبية العظمى من مطالبهم بما في ذلك تشكيل نقابة لهم ومنحهم علاوات وامتيازات أخرى بالإضافة الى زيادة رواتبهم ولكنهم اعلنوا الإضراب مع بداية الفصل الدراسي الثاني مطالبين بالحصول على علاوة المئة في المئة .... ومع ان الحكومة تقر لهم بهذه العلاوة وتؤكد عليها إلا أنها طالبت إمهالها ثلاث سنوات لتحقيق هذه الغاية ولكن المعلمين رفضوا وبدأوا إضرابهم وضربوا بكل المفاوضات والحوارات عرض الحائط وتوقفوا عن العمل الأمر الذي أضر بالعملية التربوية وأضر بمصالح الطلبة وذويهم وأصبح سخط الرأي العام عليهم كبيرا لدرجة ان دائرة الإفتاء العام أصدرت فتوى تحرم إضرابهم عن العمل طالما انهم يتقاضون راتبا عن هذا العمل، كما تدخل البرلمان في محاولة للتوسط بينهم وبين الحكومة للتوصل الى حل وسط يرضي الطرفين الا ان جهودهم باءت بالفشل،
مع قدرة الحكومة على مواجهة هذه الأزمة من دون حصولهم على اية علاوة خاصة وان للحكومة عدة بدائل لمعالجة هذه المشكلة وحلها كالاستعانة بمدرسي الثقافة العسكرية وكذلك بكوادر الأجهزة الأمنية والحكومية الأخرى الا انها لم تستخدم هذه الوسائل حفاظا منها على كرامتهم واحترامهم وعدم السعي للصدام معهم تكون نتيجته هزيمتهم ....
ومع ان الحكومة ألمحت الى ذلك الا انهم أصروا على موقفهم بمواصلة الاضراب ما يزيد من الخسائر الفادحة للطلبة وذويهم، ويؤكد ان المعلمين فضلوا مصلحتهم الشخصية على المصلحة العامة.
وفي الوقت الذي تلوح فيه في الأفق بوادر لجوء الحكومة للخيارات المتاحة امامها بدأ عدد من المعلمين بالاستجابة لنداء الحكومة والبرلمان والفعاليات الشعبية بفك الإضراب وفي مقدمتهم معلمو الرصيفة الذين كان لهم السبق في فك الإضراب والتمهيد لحل هذه الأزمة الأمر الذي يشجع غيرهم من معلمي المدارس الأخرى في المحافظات والألوية على اتخاذ هذه الخطوة ... وما زلنا نأمل من المعلمين ان يبادروا الى فك الإضراب وعدم دفع الحكومة الى موقف حرج يلزمها باستخدام البدائل المتاحة أمامها ما يفقد المعلمين احترامهم وكرامتهم أمام الرأي العام الأردني.