منسف بالأرانب
تعارفا في إحدى المؤتمرات ، كان شاباً ذكياً لماحاً ،واسع الثقافة هادئ الطباع، وكانت فتاة حماسية ومندفعة نحو الحياة، قررا البقاء على إتصال كأي صديقين تجمعهما صدفة أنيقة على وعد بأن يحدث أحدهما الآخر عن ثقافته وتقاليده وبلده
كان هو من أشد المعجبين بصلاح جاهين ورباعياته وبالأبنودي وقصائده فأخذ يغدق عليها "مغنى" و "حضارة مصرية" و "حكاوي بلد" لتغدق عليه هي الأخرى بترويدات كركية وقصائد من توقيع عرار وصور لآثار جرش، ودون أن يدري كلاهما قفزت صداقتهما المهذبة عن أسوار الحضارات وتسلل إلى النفس حب عميق كان أقوى من الحدود و جوازات السفر
تقدم لخطبتها فجن جنون الأسرة وكأنها خرجت عن الملة ،حاولت الدفاع عن موقفها فواجهت والدها قائلة: ألست من أشد المؤمنين بوحدتنا؟؟؟
- أنا مؤمن بأن نتبادل القطن والحنطة لا أن أعطيهم إبنتي عربون قومية مني ولست نبياً كإبراهيم!!!!
- ومن قال لك أني أضحية ؟؟ أولست ستعطيني لرجل له كرامته وشخصيته؟؟
- وكأنك لا تدركين أيتها القومية العظيمة حجم المعاناة التي ستحيينها، إمراءة بلا وطن،بلا أمان وأطفال بلا هوية، ناهيك عن إختلاف شاسع في العادات والتقاليد ولعل في ذلك فرصة لأذكرك بأم قصي التي عادت من العراق بزوج ميت و أبناء ثلاثة على قائمة انتظار اللاشيء!!!!
- ولكن ماذا عن سيداو؟؟؟ يقال أنها ستضمن للأم حق منح الجنسية
- الله الله ، إذا كانت سيداو هي المنقذ فلترحلي إليه دون إذني فذلك واحد من أهم بنود سيداو التي تتغنين بها أمامي هكذا بملئ الفم؟؟
- ياأبتي لم تدير الحوار بتلك الطريقة؟؟؟
- لأن الأمر ليس سهلاً كما تظنين فأنا سأفكر ألف مرة قبل أن أوافق على شاب من خارج أبناء العشيرة فكيف لي أن اوافق على رحيلك إلى بلد آخر؟؟؟ ماذا أقول للأهل؟؟؟ وماذا عساي أقول لعمك "كايد" على وجه الخصوص؟؟؟ أأقول له بأنني زوجت إبنتي لشاب يدعى " مدحت" وأنه ليس من المبعد أن تدعوك يوماً لتناول وجبة "منسف بالأرانب"!!!! ، أنتي تعلمين جيداً أننا نفضل المنسف على طريقتنا وأنني أرحب دوماً بإبن العم
- هكذا هو فكرنا يا أبتي، لطالما ظننت أننا شعوباً تحب بعضها وأن العلة ليست فينا ولكن بعد تلك المباراة اللعينة بدى لي أننا نبغض بعضنا قمماً وقيعاناً ، نبدع في التنظير وندعي أننا سنتبادل القطن والحنطة ولكننا نحيا "اللهم نفسي" ونرحب دوماً بإبن العم!!!!