رفض المعلم الذي اصابت عينَه عصا طالب في اربد تقديم شكوى ضد الطالب الذي تسبب في ايذاء لعينه ، فالحادثة كلها غير مقصودة ولا تستوجب الشكوى ، كما يقول المعلم ، كما ان المعلم بحكم تكوينه لا يستطيع ان يكون سببا في ايذاء طلابه بحكم الابوة في العلاقة وحرصه على مستقبل الابناء.
كثير منا ومن ابنائنا ما زال المعلم مفتاح نجاحه ومثاله الاعلى ، مهما ارتفعت وتيرة الحياة ومهما توالدت مهن جديدة مبهرة وعالية المردود ومهما وصلنا الى سلم تراتبية وظيفية عالية ، فحتى الاب الذي فقد فلذة كبده الابصار في احد عينيه يأسف لانهاء خدمة المعلم - كما يقول خبر الدستور - الذي تسبب دون قصد بفقدان ابنه الابصار فهو مدرك ان المعلم لم يكن يبيت لابنه شرا وحريص على الطالب كحرص ابيه .
لا نبرر العنف في المدارس ولسنا مع العقاب البدني القاسي ، ونحن مع هيبة المعلم وكرامة الطالب واعادة قراءة العملية التربوية من جديد بحكم تطور الادوات التعليمية ودخول الشبكة العنكبوتية على خط التعليم والحياة برمتها.
لكننا مع الرحمة في تناول الاخطاء تحديدا بين المعلم والطلاب ، ومع عدم الهبة عند خطأ ضد طالب في حين نصمت امام الاعتداء على المعلم وكأن العملية التربوية طالب فقط او ان المعلم طرفا ثانويا في العملية التربوية ونتصيد له الخطأ وننهي حياته المهنية لخطأ غير مقصود حكما حتى وإن كان مؤذيا .
المعلم نموذج للاجيال التي تجلس على مقاعد الدراسة ، ومن هنا كانت التفاتة جلالة الملكة للمعلم وتحفيزه لاطلاق طاقات طلابه عبر اطلاق ابداعاتهم ايضا ومن هنا كان الالتفات الملكي للمدير المتميز وجائزته لتمكين كل اطراف العملية التربوية ، والقسوة على المعلم تفرز تراجعا في مستوى الاداء او الاقبال على المبادرة التي نطلبها ونعززها في المدارس لتحصين الجيل المقبل من امراض الحداثة ولضبط ايقاع المجتمع على ساعة الوطن واولياته واسسه الاجتماعية وثوابته .
المعلم شخص ريادي ونموذجي في اذهان الطلبة ، والغالبية الساحقة من معلمينا تدرك خطورة دورها وتمارس هذا الدور بأمانة ومعالجة اخطاء المعلم تتم تبعا لذلك بمزيد من الرحمة ودمقرطة التعليم وتأهيل المعلم وتوعية الطالب .
نحتاج الى اعادة قراءة مفاهيم الجوائز الملكية ونبل مقاصدها ، بوصفها خطوات تستهدف رفع سوية العملية التعليمية بكل مكوناتها ومدخلاتها والاهم خلق ثقافة الابداع والتميز وعلى الوزارة ان تقرأ الرسائل الملكية بسياقها الابداعي وليس بكرنفالية الاحتفال والاطلاق .
المعلم اثبت امس انه ابوي التفكير والنزعة ووالد الطالب دويكات عبر عن قيمة المعلم في وجدان الاردنيين رغم جرحه في فلذة كبده ، والباقي ان تتفهم وزارة التربية والتعليم الصورة بكليتها وليس بإنفعالية لا تتسق ومفهوم وزارة التربية والتعليم ، فهذه الاجيال المتعلمة والافواج التي تتخرج سنويا الى سوق العمل من مختلف الدرجات والتخصصات هي منتج المعلم بامتياز ، ويجب الا ننسى ذلك .
omarkallab@yahoo.com