زاد الاردن الاخباري -
صيب الطفل «مؤيد» بحالة من الانطواء والعزلة لمعرفته بانه طفل محتضن بعد ان وصل لعمر العاشرة واكتشف هذه الحقيقة في عمر متاخر عندما سأله احد زملائه بالمدرسة عن عدم كتابة اسم عائلته على كتبه المدرسية وعلى بطاقات اعياد ميلاده التي كان من خلالها يدعو اصدقاءه لمشاركته الاحتفال بعيد ميلاده.
واصراره على اكتشاف الحقيقية وتساؤلاته المستمرة عن عدم الحاق اسم الاسرة التي يعيش بها مع اسمه دفعت باسرته التي عاش معها منذ ان كان عمره شهرين باخباره بانه طفل محتضن.
فمن اين اتيت؟ ... ومن هما والداي الحقيقيان ؟... ولماذا تركوني؟ هي اسئلة واجهها والد مؤيد ووالدته اللذان لم يرغبا باخباره الحقيقة خوفا على مشاعره.
فمن اللحظة التي قاما باحتضانه وهو لا يزال حديث الولادة قررا اخفاء هذا الامر عنه متناسين ان هذا الطفل سيكبر يوما ما وسيلاحظ انه لا يستطيع كتابة اسم اسرته الجديدة على كتبه المدرسية ولا على وثائقه الرسمية في اي يوم ما.
قصة مؤيد قد تتكرر مع اسر كثيرة اختارت خيار الاحتضان بعد ان فقدت الامل في الانجاب واختارت ايضا ان تخفي هذه الحقيقة على اطفالها المحتضنين ليكبروا ويصلوا لمراحل عمرية يصعب بها تقبل هذا الامر اضافة الى الاثار النفسية السلبية التي يمكن ان تؤثر عليهم نتيجة معرفتهم الحقيقة.
مستشارة وزيرة التنمية الاجتماعية للأحتضان هيا ياسين اشارت الى ان وزارة التنمية الاجتماعية اصبحت تتبع قرار الموافقة على الاحتضان بجوانب ارشادية عديدة اهمها التركيز على ضرورة اعلا م الطفل المحتضن بحقيقة وضعه عند وصوله عمر الاربع سنوات.
واضافت ياسين : ان الوزارة بصدد اعداد دليل ارشادي جديد يشمل جميع الامور المتعلقة بالاحتضان من توعية للأباء والامهات بكيفية تربية اطفالهم المحتضنين والعمر المناسب لاخبارهم بحقيقة وضعهم.
واكدت ياسين اهمية مصارحة الاطفال المحتضنين عند بلوغهم الرابعة من العمر تفاديا لمشاكل مستقبلية يتعرضون لها عند اكتشافهم ان اسرتهم ليس هي الاسرة البيولوجية مشيرة الى ان وزارة التنمية الاجتماعية قبل تسليم الطفل المحتضن لاسرته الجديدة تؤكد على هذا الامر وتطالب الاسر بعدم اخفاء هذا لامر عن الاطفال لفترات طويلة.
وبالرغم من خطوة الوزارة هذه التي تعتبر جديدة في قضايا الاحتضان الا ان اسرا تبقي الامر طي الكتمان عن اطفالها المحتضنين معتقدة ان اخفاء الحقيقة يضمن للطفل حياة مستقبلية امنة وتجنبهم الاجابة عن تساؤلات يعتبرونها محرجة لهم ومؤلمة للطفل.
ويؤكد الاخصائيون الاجتماعيون على خصوصية حياة الطفل المحتضن واهمية تنبه اسرته لهذه الحقيقة وتعاملهم معه من هذا المنطلق فالطفل المحتضن يجب ان يعرف حقيقة وضعه قبل بدء سن المراهقة . واضافوا ان اسرة الطفل المحتضن تفضل اخفاء الامر عنه كي تجنبه الالم النفسي الا ان الطفل في طفولته المبكرة يستطيع تقبل الامر في حين انه سيجد صعوبة كبيرة في ذلك كلما تقدم العمر به خاصة وانه في مرحلة ما من عمره سيكتشف حقيقة وضعه سواء كان بموافقة اسرته او برفضها.
وامام خيار المصارحة او الاخفاء تعيش اسرة الطفل بحيرة من امرها تتجسد في اختيار الطريقة الانسب لاخبار الطفل دون ان تعرضه للمعاناة النفسية.
وفي هذا المجال تؤكد مستشارة الوزيرة لشؤون الاحتضان بان هناك طرقا كثيرة يمكن للأسرة اتباعها عند البدء باخبار الطفل الحقيقية اهمها التدرج في طرح الموضوع والتركيز على اعلام الطفل بان الاسرة الحقيقية هي التي تربي وليست التي تنجب مشيرة الى ان هناك امهات اخبرن اطفالهن بانهن انجبنهن من قلوبهن تعبيرا عن مدى الحب الذي يشعرن به اتجاهم اضافة الى الاستشهاد بالقرآن الكريم بقول الله سبحانه وتعالى «وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا» اي ان الاساس هي التربية والرعاية التي يحظى بها الابناء والتي تعكس مدى حرص الاباء والامهات على حياة اطفالهم فان احسنوا تربيتهم واشعورهم بالحب والعطف كانوا بمثابة الاباء والامهات البيولوجيين للطفل.
ويبقى خيار المصارحة خيار الامهات والاباء الذين اختاروا احتضان اطفال حرموا من حنان الام ولم يحظوا بلحظة حب واحدة منذ لحظة ولادتهم فهم كانوا يتمنون العودة لارحام امهاتهم التي منذ ان فارقوها فقدوا كل معاني الارتباط بالام الغائبة ... لكن الاحتضان اعاد لهم الامل بالمستقبل وفتح لهم ابواب الحب من جديد ... ليكتشفوا ان الام هي التي تربي والاب هو الذي يعطف ويرافق مراحل حياة اطفاله لحظة بلحظة ...
فاخبارهم بالحقيقة مبكرا سيضمن استمرار الفرح في قلوبهم وقلوب كل من حولهم.
سهير بشناق / الرأي