في ساعة غضب شديد أثناء خلاف بين الزوجين، أقسمت الزوجة أن تغادر البيت ولا تعود إليه إطلاقاً، بعد أن أشبعت الزوج شتماً وردحاً وتهديداً ووعيداً، وذهبت إلى منزل والديها. وتوسط أهل الخير لإصلاح ذات البين، وأن تعود إلى بيتها وزوجها، فالخلافات حدث طبيعي في الحياة الزوجية، بل إنها تزيد الروابط الزوجية قوة، وتضفي عليها مزيداً من الحيوية والتجديد والتألق، ولكن باءت كل الجهود بالفشل، وذهبت أدراج الرياح.
وتفتق ذهن أحدهم عن إجراء حوار غير مباشر بين الزوجين، فوافق الطرفان بعد تمنع، وأخذ الضمانات على عدم ممارسة أية ضغوط من شأنها أن تؤثر على سير الحوارات أو التحيز لطرف دون طرف.
رفض الزوج إجراء الحوار في بيت أهل زوجته، ورفضت الزوجة إجراء الحوار في بيت أهل زوجها؛ تجنباً للضغوط، وأخيراً اتفق الجميع على إجراء الحوار في منزل الزوجين بعد أن تعهد أحدهم أن يتكفل بالتكفير عن يمين الزوجة.
اختارت الزوجة غرفتها، وحددت غرفة الزوج كونها الطرف الأضعف، واتخذت لجنة الحوار والمفاوضات الصالة لها منطلقاً ومقراً، وجرت جولة من المفاوضات المكوكية الطويلة دون أية بادرة بالانفراج. وفي أثناء ذلك حضرت أخت الزوجة للاطمئنان على تقدم المفاوضات غير المباشرة، ولما اطلعت على مكان تمركز كل من الزوجين فوجئت وأسرت في أذن رئيس لجنة المفاوضات أنَّ البابين لكل من الزوجين هما لغرفة واحدة، كل باب يطل على ممر مختلف. فأكد لها رئيس اللجنة أنه يعرف ذلك، وجميع أعضاء اللجنة على اطلاع ودراية بالوضع. ولما استفسرت عن سبب سكوتهم، وما معنى مفاوضات غير مباشرة، وهما في غرفة واحدة وعلى سرير واحد، أجابها إنَّ ذلك للحفاظ على البرستيج، ومراعاة لمشاعر الزوجة وكرامتها التي جرحت أمام الجيران والأقارب والأصدقاء الذين علموا بالمشكلة. قلّبت أخت الزوجة شفتيها وعينيها وغادرت وهي تضرب كفاً بكف.
في وقت متأخر، توقفت المفاوضات غير المباشرة على أن تستأنف في صبيحة اليوم التالي، وفي تقييم للوضع وتقدم المفاوضات صرَّح رئيس اللجنة أنَّ المفاوضات عسيرة وتمر بمرحلة حرجة، ولكن حدث انفراج بسيط يوحي ببعض الأمل، ولكن الوضع يتطلب أن تستمر المفاوضات غير المباشرة، ومن المبكر جداً التكهن بموعد محدد أو قريب لنهايتها مكللة بالنجاح.
ثم ركن الجميع للنوم بعد عشاء فاخر على حساب اللجنة، حيث نام أعضاء اللجنة في الصالة، ونام كل من الزوجين في غرفته.
mosa2x@yahoo.com