إذا كنت ممن يحلمون بلقب من القاب العظمة والفخار كلقب لورد مثلا ، فلا تجهد نفسك كثيرا في البحث عن كيفية الحصول عليه في بلد فقير أوعديم الموارد ، فلربما تستطيع ان تحقق أي حلم كان بلمح البصر في بلدان العالم الثالث او الرابع كما يقولون ، دونما حاجة لبذل أي جهد معتبر اينما كنت ومهما كنت ، لأن هذا اللقب لم يعد قاصرا على الأغنياء وأصحاب الأمجاد او التاريخ الأرستوقراطي الضارب في الجذور وإنما أصبح لقبا سهلا في متناول الجميع و لا يتطلب الحصول عليه عقد صفقة شراكة مع الذهبي على ثروته المقدرة بمئآت الملايين على ذمة وكالات الأنباء ، ولا أنصحك بمثل هذه الشراكة لأنك قد تصاب بخيبة أمل كبرى فيما لو تبين أن صاحب هذا الإسم الأصفر ، لا يملك فلسا واحدا في حسابه الشخصي ، وأن محاكمته المرتقبة قد تؤدي الى إعلان براءته واندحار خصومه لعدم الإثبات.
ولا تستغرب الأمر إذا قلت لك أن المسألة لا تستدعي البحث عن شريك آخر أكثر لمعانا أو أدسم أو تتطلب بذل المستحيلات الثلاث من أجل كسب رضا الملكة اليزابيث التي تستطيع منحك هذا اللقب المهيب بجرة قلم ، وإنما تجد الحل ممكنا ببساطة ضمن إعلانات الشركات البريطانية على الإنترنت دونما حاجة لمعونة صديق من الدولمه.
الإعلانات تقول أن بمقدورك شراء عقار بمساحة قدم مربع واحد (أي محط رجل) في بريطانيا ثم تسميه ما شئت كأن يكون عجلون مثلا باعتباره إسما سهلا يجوز استعارته بكل وقت بعد ان سلكت عليه الارجل ، وبذلك تكون بالنتيجة مالكا لهذا القدم المربع المسمى عجلون ويطلق عليك ببساطة (لورد عجلون ) وتحقق امنيتك بلمح البصر... فما رأيك بهذا الحل السهل والسريع ؟.
إن كنت مهتما بهذا العرض المغري فلا تنسى أيضا أن مثل هذا اللقب لايكسبك أية مزايا في بريطانيا أو دول المجموعة الأوروبية أو أمريكا ولا حتى الهند ، وإنما تستطيع بواسطته خداع كل الناس في البلدان الفقيرة التي لا تجيد شعوبها لغة شكسبير ، ولعله يساعدك على تقدم كل الصفوف أوقات الزحمة واحتلال موقع الصدارة في الحفلات العامة ومخاطبة الجميع بعجرفة زائدة ونبرة عالية شأنك في ذلك شأن أي لورد متغطرس كسب لقبه أبا عن جد ، حتى ولو كنت لوردا مزيفا وما أسهل الزيف في بلادنا .
بعض الناس غابت عنهم هذه الفطنة وسلكوا طريقا آخر على أمل اكتساب أي لقب متاح ، فتراهم قد أمضوا عمرهم كله في المراوغة والنفاق والتزلف حتى لو وصل به الأمر الى حد تقبيل الأحذية أو التخلي عن الشرف ، من أجل الوصول الى مرتبة أفندي وليس باشا أو لورد ومع ذلك باؤا بفشل ذريع لأن غيرهم أولى والطريق طويل ويحتاج الى تضحيات بالمسلّمات التي عجزوا عن تجاوزها لأنهم ولدوا في بيئة محافظة .
البعض الآخر ظن أن اكتساب هذا اللقب المهيب يأتي نتيجة حتمية لحيازة الثروة فمدوا أياديهم بطيش وتهور الى المال العام في عصر المد والجزر، ولكن سرعان ما عصرتهم قبضة الباشوات والقت بهم في غياهب السجون لأنهم فعلوا فعلتهم الخبيثة خلسة عن أسيادهم .
أما الذين فاتهم القطار ممن عاشوا على ويلات الشعوب ، فقد ندبوا حظوظهم لأنهم لم يتمكنوا من تعظيم القابهم وثرواتهم في الحروب التي مرت على المنطقة ، وظنوا ضياع كل الفرص لعجزهم عن سماع صوت كل المدافع القريبة التي احتسبوها الغاما في المحاجر. غير ان خبراء الكوارث والويلات الكبرى لاتفوتهم فرصة الإثراء من كل مصيبة وحرب قذره...... وما أقذر الحروب التي حلت بمنطقتنا دون توقف.
ولكن لماذا كل هذا التكالب على اكتساب الألقاب والثروات الخبيثة دون أن يشبع احد المتكالبين رغم زيادة النعم ، مع أنهم ينتمون لأمة عاش أعظم رجل فيها معيشة بالغة الزهد والتواضع وكان ابسط الناس ينادونه باسمه المجرد قائلين له : يا محمد ؟