صالح دويكات ومحمد هويمل طالبان اردنيان
في عمر الورد، وبراءة الورد وطيبة الاطفال، غادر كل منهما بيته الى مدرسته
بعينيه، ومن المدرسة الى المستشفى بعد ان فقد كل واحد منهما احدى عينيه.
اهتز المجتمع الاردني لهول ما تعرضا له، وصارت المأساة حديث كل بيت، وتوزعت
المشاعر بين اعلان الحزن والسخط، حتى انتهت الماساة الى إعلان عن مدونة
اخلاق للعاملين والعاملات في مهنة التدريس، وربما لم يحاول اكثرنا طرح
السؤال المهم: لماذا حدث ما حدث؟ ولا اعتقد ان معلما او معلمة واحدة يمكن
ان يؤذي طالبا او طالبة ممن يجلسون امامه ويتلقون المعرفة والسلوك الحسن
منه، وفي القضاء يتوقف القضاة قليلا امام الجرائم الصغيرة والكبيرة
ويتوقفون طويلا امام الاسباب والدوافع، فالحالة النفسية لمن يرتكب الاخطاء
والجرائم دائما ما تكون السبب والدافع.
في غالبية دول العالم الثالث يضع العاملون في سلوك التعليم في قاع قائمة
الموظفين، سواء في ظروف عملهم الصعب او في نظرة المجتمع الخاطئة نحوهم او
فيما يتقاضونه من مرتبات بالكاد يكفي للحد الادنى من متطلباتهم المعيشية
الاساسية، اما في الدول المتحضرة فان المعلم هو الاعلى دخلا بين زملائه
الموظفين، ولا ينظر اليهم كاصحاب مهنة وانما كحملة رسالة، ذلك ان المعلمين
يبنون مستقبل الوطن من خلال بناء سليم لابنائه اما الآخرون فان وظائفهم
تنصب على اللحظة الحاضرة، لهذا فان المعلم في هذه الدول يتقاضى مرتبات
وامتيازات ويلقى احتراماً وتقديراً اكثر من الاطباء والمهندسين والباشاوات
والبيكوات، وبسبب هذا الامر الذي نفتقده فان مشكلات المعلم واحواله
المعيشية واوضاعه النفسية تلازمه امام الطلبة وفي غرف التعليم وخارج اسوار
المدارس.
لقد ركزنا خلال السنوات الاخيرة على مسألة ضرب الطلبة ولم نتوقف بجدية
ومسؤولية امام مسألة ضرب المعلمين والمدراء، كما ظل المعلمون في بلدنا، وفي
الكثير من بلدان العالم التي هي مثلنا الاقل اهتماماً بهم، وبأوضاعهم
المعيشية والنفسية, وهو الامر الذي يفقد المعلم الرغبة في اداء واجبه
النبيل ويضعه في الزاوية الخطرة في التعامل مع طلبته المراهقين والمسيئين،
واوكلت للمعلم مهمة كاملة ليس له منها سوى جزء يسير وهي ان يغطي على تقاعس
الاسر عن تربية ابنائهم وبناتهم واعتبار احترام معلميهم اقل ما يجب ان
يقدموا لمن يقدمون لهم كل ما يحتاجون اليه في حياتهم الحاضرة والمستقبلية.
ارجو الا يفهم من هذه المقالة انني ادافع عن المعلم السيء او الذي يتسبب
بأذى نفسي او جسدي لأي من طلابه، فلا احد يجرؤ على تبرير افقاد معلم لاحدى
عيني احد طلابه، ولا ضربه بطريقة وحشية – اذ هنا تنتهي علاقة الطالب السوية
بمدرسته ومدرسيه وحتى مجتمعه، والى ان تتغير النظرة نحو المعلم، ويتم
التعامل معه كصانع مستقبل ويجري توفير ابسط المقومات لحياة كريمة له
ولأسرته، سيظل كل ما يتعرض له المعلمون والطلبة قائماً، واخطر من ان يفقد
طلبة محدودون عيونهم وايديهم واصابعهم هو ان يفقد الوطن مستقبله، واعتقد
اننا كمواطنين من يحتاج الى مدونة اخلاقية لكيفية التعامل مع المدرسة
والمدرسين حتى يتحقق التوازن النفسي المفقود.
kmahadin@hotmail.com