مفلح القضاة
جلست على عتبة البيت، وفي حضنها (جاط) كبير أبيض، وإلى جانبها كيس مملوء بما ادخرته من حبوب، أظنه كان عدساً أو برغلاً أو شيئاً من ذاك القبيل.
نسفت بيدها بعض تلك الحبوب وأعادت الكرة مرتين أو ثلاث مرات، نثرته يميناً و شمالاً وهي تتمم بضع كلمات لا تفهم منها غير التأفف والضجر.
تنظر إليها بتمعن، لتحاول فك اللغز لكنك لا تستطيع، تحاول أخرى فيرتد إليك البصر بلا جدوى.
وبمجرد لمحة واحدة لذاك الـ ( جاط ) تنكشف عنك معالم الدهشة والاستغراب، فقد ملأ السوس قوت الشتاء، وأفسد منه ما يشاء، وزاد الطين بلة أن لا غير ذاك القوت لهذا اليوم بل وربما لأيام.
في الصباح وقبل أن تبدأ مشروع التنقيب عن السوس، طلبت من زوجها شراء بعض أغراض البيت، لكنه اعتذر، فدفتر الديون قد فاق التصور، حتى شقيقه حمد ضج من كثرة ديونه، فقد كتب فوق دكانه عبارة صريحة جداً جداً ( ممنوع الدين حتى لو لأمي).
لملمتْ همومها وتابعت تأففها، ولكنه أصبح بنبرة أقل مما سبق، ففاتورة الكهرباء مازال موعدها بعيداً، وجرة الغاز ممتلئة.
من الغريب أنها لم تبحث عن بيت السوس لتسكب عليه بعض الكاز، وتريح نفسها من عناء اليوم وفاقة الغد.
للحظة شعرت أنها تستمتع بما تعمل رغم ضجرها المزعج.