على مدى يومين تابعنا ورشة العمل التي دعت إليها وزارة الثقافة، حول «الدراما التلفزيونية الأردنية». وقد حضرها منتجون ومخرجون وممثلون قدموا دراسات وقدموا شهادات وابدوا ملاحظات كانت كلها في الصدد، وتمنينا ان يكون هناك مسؤولون لسماع الكلام المتزن، العاقل المخلص حول تدهور هذه الصناعة الثقافية إلى الحد الموجع الذي وصلت إليه!!.
بدأ فيلسوف القومية الاجتماعية عمله السياسي بطرح السؤال الأول: ما الذي جلب على امتي هذا الويل؟!. فالأساس هو تشخيص الحالة المرضية والتخلف حاله!!. وقد استمعنا الى تشخيص دقيق قدمه بشكل عملي الصديق صلاح ابو هنود ممثل اكبر شركة إنتاج أردنية (السمعية والبصرية) وأول من حاز على جائزة «الاورد» على مسلسل الاجتياح الذي روى قصة الكارثة والبطولة في مخيم جنين، وفي قلب اللوبي الصهيوني الأميركي!!.
الدراما التلفزيونية الأردنية، لن تعود بقرار حكومي فقد وصلنا إلى درجة من القناعة الذاتية الحكومية بأنها إدارياً مكرسحة، وأن القطاع الخاص هو الذي ينتج وما عليها إلاّ أن تدفع.. طبعا لأبناء الداية!!.
المطلوب من الحكومة ان تقبل ما تنادي به لمشاركة القطاع الخاص بالقطاع العام.
والدراما التلفزيونية الأردنية لن تنهض بالجهد الفردي مهما كان عبقريا. فالمسلسل المعقول بثلاث عشرة حلقة يكلف خمسة ملايين دينار!!. ورحم الله أيام كانت الكلفة مائة وخمسين ألف دينار فقط.. أيام باب العامود وشمس الأغوار والطواحين.! وقد استقطب مسلسل نمر بن عدوان في mbc إعلانات قيمتها 19 مليون دولار. وهذا ما يجب على التلفزيون الأردني فهمه من .. القصة!!.
المطلوب الآن وعندنا استوديوهات A.T.V التي تعتبر الأحدث في الوطن العربي، ان نجد لها أباً شرعياً. أن تكون هي الحل طالما أن أحداً لا يعجبه عدنان العواملة وفريقه المذهل. فلا مانع من تشكيل شركة مساهمة عامة يكون للتلفزيون حصة فيها (دون التصويت في مجلس إدارتها) وتطرح أسهمها في السوق، للبنوك والضمان والمستثمرين الأفراد والشركات.
الدراما التلفزيونية الأردنية تملك جيلاً مبدعاً من الكتاب والمخرجين والممثلين والفنيين ونحن هنا نتحدث عن عشرات الآلاف. فورش التلفزيون فيها مناجر ومحادد، ومصانع ثياب ودهانات وديكور، وفيها مئات العاملين في مهن لا نعرف اسماءها، وخاصة في الإلكترونيات. فماذا يحدث إذا خسرنا هذا الجيل من المبدعين..؟؟. وكيف نستطيع إنتاج جيل ثانٍ يليه؟!.
إن مئات المحطات الفضائية العربية أصبحت «بالوعة» استهلاك، وسنصل إلى المسلسلات التركية، والمكسيكية والإيرانية بل والأفلام الأميركية الناطقة بالعربية، فيما نحن لا نعرف ما الذي يمكن أن نفعله.
لقد فتحت ورشة العمل في المركز الثقافي الملكي عيوننا وعقولنا على ثروة وطنية، نركلها ببلاهة.. هكذا، فيما نحن نمارس الرندلة في هذا العالم المسكون بالفكر والإبداع والإنتاج!!.