من حسن الحظ أن البنك المركزي لا يرد على أية شـائعات حول الدينار، لأن كثيرين سيأخذون النفي على أنه دليل وجود مشـكلة يراد التغطية عليها، في حين أن المشكلة ليست موجـودة إلا في أذهان مطلقي الإشاعة والمتأثرين بها.
هناك مشكلة حقيقية في الوضع المالي تتعلق بعجز الموازنة وتضخم المديونية، ولكن الوضع المالي شيء والوضع النقدي شيء آخر، والدينار لا يصدر عن وزارة المالية بل عن البنك المركزي، ومن هنا قلنا بالتكامل بين السياستين المالية والنقدية.
هناك أوضاع تتطلب التوسع مالياً والانكماش نقدياً، وهناك أوضاع أخرى تفرض قدراً من الانكماش المالي يعوضه قدر من التوسع النقدي، وفي جميع الحالات فإن هناك تمايزاً بين الحالتين، فقوة الدينار لا تعتمد على عجز الموازنة أو حجم المديونية بل على قدرة البنك المركزي على حماية الدينار وتثبيت سعر الصرف. ومن هنا كان يقال أن نقطة الضعف في الاقتصاد الأردني تكمن في وزارة المالية ونقطة القوة تكمن في البنك المركزي.
قدرة البنك المركزي على حماية سعر صرف الدينار تعتمد أساساً على حجم الاحتياطي من العملات الأجنبية التي يملكها البنك ويستطيع من خلالها التدخل في الأسواق المحلية وموازنة العرض والطلب بحيث لا يحدث اختلال.
إذا زاد الطلب على الدولار مثلاً، فإن البنك المركزي قـادر على تلبية الطلب بالسعر الرسمي المقرر. وإذا زاد عرض الدولار فإن البنك المركزي جاهز لشراء أية كمية ناقصة من الدولارات بالسعر الرسمي نفسـه، ولذلك فإن سعر الدولار في السـوق الحرة لا يمكن أن يزيد عن 710 فلسات أو ينقص عن 708 فلسات، فسـعر صرف الدينار مثبت بالدولار عند مستوى 41ر1 دولار للدينار منذ 15 عاماً.
مصداقية البنك المركزي في الالتزام بتعهده هذا لا تعتمد على النوايا الحسنة أو التصريحات الصحفية، ولا تتأُثر بالإشاعات، بل تعتمد على توفر الاحتياطي الكافي من العملات الأجنبية الحرة.
احتياطـي البنك المركزي من العملات الأجنبيـة يناهز 11 مليار دولار، وهو مبلغ كبير، يعادل ضعف المستوى المطلوب لحفظ أمن الدينار واستقراره.
تخفيض سعر الفائدة على الدينار دليل آخر على قـوة الدينار والثقة به.