تعديلات تشريعية لا بد منها.. والنوايا الطيبة تكتمل بالممارسة والمأسسة
9/3/2010
سحب وزراء دعاوى كانوا رفعوها ضد صحافيين ووسائل اعلام استجابة »لتمنيات« رئيس الوزراء سمير الرفاعي عليهم. الخطوة الحكومية جاءت في سياق حملة منظمة لتحسين صورة الحكومة في وسائل الاعلام وتصفية ملف الخلاف الذي نشب بين الطرفين منذ تشكيل الحكومة.
لم تكن مدونة السلوك هي السبب الوحيد الذي فتح عش الدبابير على الحكومة وان كان هناك متضررون من المدونة, انما كان للسلوك الحكومي بمجمله تأثير سلبي على موقف وسائل الاعلام, فقد ساد انطباع في البداية بأن الحكومة تضيق بالرأي الاخر وتنوي اتخاذ اجراءات قانونية للحد من الحريات الصحافية وتشكّل هذا الانطباع استنادا الى تصريحات رسمية. وفي التواصل اليومي مع وسائل الاعلام وقعت الحكومة في اخطاء عديدة ولم تلتزم دائما بحق وسائل الاعلام في الحصول على المعلومات ثم جاءت سلسلة الدعاوى القضائية بحق اعلاميين وناشطين لتجعل الانطباع كأنه حقيقة.
وفي اطار خطة قادها الرفاعي لانقاذ سمعة وشعبية حكومته التي تضررت تحت وقع الازمة الاقتصادية كان لا بد من مراجعة العلاقة مع وسائل الاعلام واعادة بناء الصورة الاعلامية للحكومة باعتبار ذلك المدخل الاساسي لاستعادة التوازن.
وفي سعيه لتأكيد حسن النوايا الحكومية تجاه وسائل الاعلام حرص الرفاعي خلال زيارته نقابة الصحافيين امس الاول على التذكير بجملة من القرارات التي اتخذتها الحكومة لدعم حرية الصحافة والتعبير في الاردن, واشار في هذا الصدد الى تعديل قانون المطبوعات والنشر على نحو يمنع توقيف او سجن الصحافيين وحصر محاكمتهم امام محكمة بداية عمان, وقرار الحكومة إلحاق دائرة المطبوعات بوزارة الثقافة والغاء اي دور رقابي للدائرة على الصحافة والنشر. كما توقف الرئيس عندما سماها قرارات حكومية لدعم الصحافة تمثلت بالغاء ضريبة الثقافة على الصحف والتوجه لاعادة النظر باجور الاعلانات الحكومية.
ولا ننسى بالطبع قرار الحكومة الاخير لكسب ود الصحافيين والمتمثل بضم ارض نقابة الصحافيين الى بلدية الزرقاء.
وفي اللقاء مع مجلس نقابة الصحافيين لم يترك الرفاعي مجالا للتشكيك بنوايا الحكومة تجاه الحريات الصحافية فقد اطلق تصريحات تجاوزت السقف المعتاد من الحكومات.
لكن ذلك يظل في دائرة الاقوال ويحتاج الى ارادة لترجمته الى ممارسة دائمة ومؤسسية لا نرى انها متوفرة اليوم عند طاقم حكومة الرفاعي بنفس الدرجة. فما زال البعض ينظر بدونية الى دور الاعلام, ويقف اخرون ضد حق وسائل الاعلام في مراقبة اداء الحكومة, ولا يتحمل كلمة نقد واحدة ولا يكل عن محاولة احتواء الاعلاميين بالوسائل الناعمة.
ومع ترحيب الجميع بتعديل قانون المطبوعات والنشر باعتباره خطوة متقدمة تدعم حرية التعبير في الاردن فان سلسلة من القوانين تحتاج الى تعديل ايضا وابرزها قانون امن الدولة.
اما بخصوص الحاق دائرة المطبوعات والنشر بوزارة الثقافة والغاء دورها الرقابي فان هذا الامر يتطلب ايضا تعديلا على التشريعات والانظمة حتى لا يبقى قرار منع الكتب او السماح لها مرهونا بمزاج الوزير وتوجهاته.
نأمل ان لا يكون توجه الحكومة الايجابي تجاه وسائل الاعلام مجرد وسيلة »لاسترضاء« الصحافة واستمالتها للدفاع عن سياسات وقرارات الحكومة في المجال الاقتصادي تحديدا انما سياسة ثابتة تنطلق من قناعة اكيدة وايمان حقيقي بحق وسائل الاعلام كسلطة رابعة في المجتمع.
الرفاعي يكسب الان الجولة الاولى لتصحيح العلاقة مع وسائل الاعلام نأمل ان لا يخسر الجولات المقبلة.0