"حكمت فعدلت فأمنت فنمت", أربع كلمات لا غير قالها وفد فارس عندما جاء إلى المدينة سائلا عن أمير المؤمنين ذلك الرجل الذي جيّش الجيوش الإسلامية، التي انتصرت على أقوى جيوش العالم وقتها جيوش إمبراطوريتي فارس وروما فأشار إليهم أحد المسلمين إلى رجل نائم في ظل نخلة بلا حراسة أو حراس يبعدون المار من الاقتراب منه،
هذا هو الفاروق عمر رضي الله عنه وأرضاه.
صور مغايرة – سيارات مصفحة , مئات الآلاف من الجنود والمرتزقة المدججين بالسلاح – فرض حظر التجوال – تهجير الأهالي من مدنهم – اعتقالات واسعة لأشراف البلد – اغتيالات لصفوة المجتمع – نهب وفساد في جميع الصور- بلد عريق شهد حضارات , معروف عنه بالغيرة والنخوة والشهامة- يحاول من يملك زمام الأمور فيه إلى تعريته من أصوله وجذوره – وما نهج عليه من صفات تجعله في مصافي الدول والأمم وفي أعلى القمم.
يتخيل للناظر للمشهد أن ما يسعى إليه هؤلاء الشرذمة انه قد أثمر إجرامهم ولكن هيهات لهم من النجاح فيما يخططون, فهي مسالة وقت لا أكثر لتتكشّف عوراتهم فنحن أمة "اقرأ" ومن غشي على بصره وبصيرته من رؤية الحقيقة فلا بد وان يأتي يوما ليستبين طريق الحق.
مؤتمر القمة المزمع عقده في بغداد , لسنا ضد بغداد فهي منا ونحن منها وهي عاصمة الرشيد وموطن الحضارة وفخر لكل عربي ومسلم – ولكننا ضد من نصّب نفسه على أشلاء الشهداء ودموع الأرامل وحرمان اليتامى وقهر المعتقلين وغربة المهجّرين , نحن ضد أن يرأس قرارات شعوب المنطقة من يستهين بدماء الإنسانية – سوريا تنزف- غزة تُغتال- وموقفهم واضح يشد على يد الظالم وبكل الطرق المعلنة والخفية – نحن ضد من باع نفسه لحب الكراسي والأموال- ومن صافح كفه يد من يحارب العروبة من صفويين ومجوس – نحن ضد من تاجر في محاولة هدم دين "محمد عليه الصلاة والسلام" .
هذا مختصر لما هو عليه المشهد الحالي , نحن نريد أن تعقد القمة في بغداد ولكن ليست وهي مطبق عليها ومحتلة من جماعات شهد لهم العالم بشتى منظماته بقمة الفساد والضلال- كيف سيرأس قمة لملوك ورؤساء ينوبون عن شعوب وهو الحلقة الأكبر في الفساد – والأدهى أن من سيرأس تلك القمة لا يجرؤ على التواجد في أرضه, إنما متفرقون في بقاع الأرض يصولون ويجولون عن بعد, فأي حكم هذا وأي قمة تلك – إنها مهزلة العصر.
دعوة للشعوب قبل رؤسائها قليل من التفكر في أوضاعنا – الثورات في كل مكان فما كانت نتيجته ايجابية فقد فرحنا واستبشرنا به خيرا , إلا أن هناك من يحاول تحوير النصر إلى أهداف ذات أجندة خاصة تخدم أولا وأخيرا الكيان الصهيوني- وما كان لازال قائما فهو تسويف وإسالة المزيد من الدماء لما هو أشد قادم , والأيام خير دليل فالحذر من الاندفاع وراء حركات لا تبغي سوى الدمار وخلق البلبلة في أراض مضيافة لجأ إليها الكثير في ظل الأزمات المتعاقبة على المنطقة , دعوة للتفكر فقط فكل ما حولنا تزلزل فهل سنكون"وتد" يحمي المنطقة من الانهيار الكامل أو أن نكون"القشة" التي ستقسم ظهر الأمة بكاملها.
لا لقمة عربية في ظل حكم صفوي يعطيها الضوء الأخضر للتغلغل في باقي مواقعنا , فهي تنتشر كالسم وتعمل بلا توقف ولتكن قراراتنا صادرة لمصلحة العروبة والإسلام وكف هدر الدماء لا لكراسي ومصالح خاصة وأحزاب فالقمة وانعقادها ليس منوطا بمكان معين ولكن الهدف منها نجدة المستغيث ونصرة المظلوم وهذا غير متواجد في هذه القمة المرتقبة, فعلى أبنائها جَنَتْ فكيف على غيرها .
أيها السادة الملوك والرؤساء – بالإمكان عقد القمة في أي مكان وان لم تجتمعوا فنحن في عصر التكنولوجيا والتطور العلمي ولكن المهم بالأمر انه حين يتحول حزننا ورفضنا لما يحدث إلى قرار , والقرار إلى تنفيذ وجب تأكيده والعمل على تغذية الإعلام بما يخدم لا يهدم , وتمويل المقاومة الشريفة في وضح النهار ضد الظلم والظلام وكسر شوكة المعتدي وإقامة الحد عليه بكل الطرق فهذه هي" القمة" بحد ذاتها .
أيها الملوك والرؤساء ومن يملك السمع والقلب وهو شهيد لتكون منا خطوة ايجابية في إعادة العراق للعراق وحقن دماء العرب والمسلمين في كل مكان ولنحفظ ماء وجوهنا لكي لا تدور الدائرة علينا ولنتفكر قليلا بأن عقد قمة في ظل هذه المعطيات يساوي فقد أمة فهل سنختم على هذا القرار بالموافقة أم سنخطو خطوة ايجابية في رفض أي قمة وفي أي مكان إن لم تَعْني بإرجاع الأمة إلى مكانها الأنسب وفي أعلى القمم لنكون أعزة على الكافرين أذلة على المؤمنين – وما النصر إلا من عند الله.