تقوم أمانة عمّان الكبرى بجهدٍ يستحق الإشادة في مجال تنظيف عمّان من النفايات المنزلية وبشكلٍ يومي ودائم. وهي بذلك تحافظ على النظافة المادية لعمّان الجملية البهية. ولكن النظافة المعنوية الروحية لعمّان ما زالت دون مستوى الطموح أو الواجب. فعمّان تشكو من كثرة النفايات المعنوية في أحيائها. فسكارى في آخر الليل، وبنات ليل يبعن بضاعة رخيصة في بورصة الأجساد والغواية، وتُجار الأعراض ينشطون تحت جُنح الظلام، يقايضون بالصوت العالي والقبيح لعقد صفقاتٍ بائسةٍ محلها الأجساد والاعراض والأرواحُ والقذراة، ناسين أن عين الله ترى ولا تنام. ولم تسلم من هذه المظاهر الدخيلة حتى الأحياء السكنية التي يجب أن تبقى مصونةً بعيدةً عن هذا العفن الذي يكادُ يُطيحُ بنقاء عمّان المدنية وعفافها.
ولا أعتقد ان هذا التلوث الروحي غير معروفٍ ولا مكشوفٍ للجهات التي يُفترضُ ان من واجبها السهر على مكافحته ومنع انتشاره واستئصاله من جذوره. فلا والله، لا نُقر بذلك ولا نستسلم له، ولا والله، لا نسمح لهم بتلويث المدينة والنقاء. ولا والله، لا نقبل أن تنتشر الرذيلة والمنكر على مرأىً ومسمعٍ منا ولا \"ندبُّ الصوتَ\" يا مسؤولين، عليكم بنظافة عمّان المعنوية مثلما تحرصون على نظافتها المادية.
أدري أن أعشاش دبابيرٍ خرجت من تحت الأرض إلى فوقها وباتت تنمو وتزداد في الزوايا والأوكار، وأن مكافحتها لن تكون نزهةً ممتعة أو سهلة، ولكنها واجبةٌ بحكم الدين والأخلاق والقانون. فنحن مجتمع عربيَ مسلم، وليس منّا مَنْ يُقرَّ المنكر أو يقبله، بل يفرض الدين والأخلاق والقانون ان نتصدى له ونقضي عليه، فهو إن انتشر فلن يوفر أحداً منّا أو من أبنائنا وبناتنا، بل سنكون جميعاً ضحايا لهذا المنكر والتلوث الذي بات مكشوفاً تحت مسمياتٍ واهيةٍ فالشقق المفروشة التي تؤجر بالساعة ليست مجرد شققٍ مفروشة تؤجر بالساعة وإنما حاضنات عارياتٍ لقذارةٍ ومنكر، والملاهي والقهاوي والنوادي وبعض الفنادق جُلها ميادين رذيلةٍ وأسواقُ نخاسة تبيع العبيد للعبيد، عبيد المادة لعبيد الشهوة، تُقايض بضاعةً فاسدةً بمالٍ حرام، وتتاجرُ بما لا تحل به التجارة.
هو ملفٌ يجب فتحه والنظر فيه ومعالجته حتى يٌغلق، وهي دعوة لكل معنيّ غيور على الدين والأخلاق وحريصٍ على سُمعة عمّان وعفاف أهلها: أنْ نظفوا عمّان فهي وردتنا الجميلة التي إن خسرناها فسيكون آخر عهدٍ لنا بالورود.