في بلاد الغربة تجتمع الجاليات العربية من الأقطار العربية المقسمة والمفتتة على طاولة واحدة يتسامرون في شؤون وشجون متقاربة نوعا ما ، تجمعهم أغاني الراحلة أم كلثوم في صوت جاء وذهب من حيث جاء ، ويتفق العرب عادة في العموميات ويجمعون على الأغلب أن أوضاع أوطانهم تسير من سيئ إلى أسوأ وان الغرب يسبقنا بمئات السنين وأننا بحاجة إلى( صلاح الدين) جديد وان الموارد العربية المادية منها أو الإنسانية تذهب هباء منثورا ..وقد يصل النقاش إلى أطرافه الدينية فيتفقوا أيضا أن الإسلام من المسلمين براء وان الضعف والهوان الذي يعيشه المسلمين هو من البعد عن الإسلام كما أراده الله لنا ...وتستمر أم كلثوم تصدح وتترنح الرؤوس طربا واستحسانا وتأخذ المناقشات منحنيات كثيرة يتفق المغتربون العرب في معظمها حتى يصلوا كالعادة إلى قضية مزمنة (ولكنها جديدة دائما) اسمها فلسطين ...عندها يتدخل الحكماء في أن البعد عن السياسة أفضل فهم يعرفون نهاية الخوض في حديث كهذا الحديث ، ولكن المسار الطبيعي للأحداث أن لا تنتهي الجلسة إلا بعد أن يختصم الجميع ، وليس هناك إلا فلسطين وقضيتها تصل بهم إلى هذا الخصام ، حيث يتبارى الجميع بعرض ما قدموه لفلسطين وقضيتها( فلسطين توحدنا وتفرقنا ) وما خسرته كل دولة من اجل فلسطين وقضيتها ومع أن الكل يعلم أنه مع كل ما خسره العرب من( مال وشهداء) وما تسببت به الحروب من دمار فالحصيلة أن كامل ارض فلسطين أصبحت الان تحت الاحتلال- على دفعات - وان شعبها جميعه إما تحت الاحتلال أو مشرد في قارات الأرض جميعها حتى أن هناك كما يقال مطعم فلسطيني في المحيط المتجمد الجنوبي !!!! افبعد هذه النتيجة نتفاخر أننا قدمنا لفلسطين !!!!!
المغتربون العرب تجمعهم وحدة عربية كاملة فقط بعد الساعة الثانية ظهرا، وذلك عندما تغلق الدوائر الحكومية العربية أبوابها فتبقى أبواب الشعوب مشرعة ...يتحدثون لغة واحدة ...همومهم متقاربة ..مشاعرهم متجانسة ..أغانيهم واحدة ..متفقون أن كوكب الشرق هي لجميع العرب .. ديانتهم في غالبها الإسلام ..يعيشون ظلما واحدا بأشكال متعددة ...حتى استعمارهم كان موحدا بين دولتين فرنسا وبريطانيا ..وبعد أن( رحل الاستعمار) أصبحوا يحاربون البحر والحدود ويجابهون الموت من اجل اللحاق به من جديد ..كأنهم ندموا أنهم حاربوه ، مع أنهم كثيرا ما يشعرون به يتنفس من حولهم ، وكأنه يعلم أننا لا نستطيع عنه بعدا !!!
المغتربون العرب لهم أشجانهم التي تمزق القلوب في حكاياتها ....شباب تركوا أوطانهم وقواريرهم وفلذات أكبادهم من اجل أن يجدوا لهم خبزا ، وجدوا صعوبة بالحصول عليه في بلادهم .. مع أن جيرانا لهم زاروا الطبيب عدة مرات يشكون من تخمة لا يدرون لها علاجا .
د معن سعيد