(جسد يلبس ، وقوام يجذب ، ورحم ينجب ، ولسان يتذمر ويتطلب ويكذب ، وأيد تطهو وتغسل وتمسح..) وهكذا.
.. هكذا يريد الرجل (الذكر) المرأة (الانثى) ، من خلال اختزال حياتها اقتصاديا وجنسيا وروحيا وانسانيا بشكل عام وخاص ممهورا بتفسيرات دينية مغلوطة.
.. هكذا يريدها ، حتى يشتمها ويلعنها ويلومها ممارسا الاسقاط النفسي لعقده وقهره على هذا الجسد الضعيف ، بديلا عن الذات التي تستحق الشتم واللعن واللوم.
لكن هذا طبيعي جدا - للأسف - ما دمنا في مجتمع ذكوري متخلف حتى النخاع. لكن الأسوأ والأقبح والأحقر من كل ذلك هو ان تتبنى المرأة نفسها عقيدة استعبادها واستبعادها ، معتبرة ذلك جزءا من طبيعتها الانثوية.
ان تتبنى أساطير تفوّق الرجل العقلي - قبل البدني - وأن تتقبل مكانتها المتدنية كتحصيل حاصل ، وتقتنع بدونيتها ، وبأنها كائن جاهل قاصر ثرثار بنصف دين ، ونصف عقل.. كائن عاطفي انفعالي عاجز عن الاستقلال.
ان تختزل عالمها وحياتها بالبيت والزوج والاولاد الذين هم حدود العالم.. عالمها الذي حدده الرجل وليس حسب فضائه الحقيقي وكما ينبغي ان يكون ، بل كما ينبغي ان يكون كما يريد الذكر المتسلط. عليها فقط - حسب الرجل - ان تنمي امكاناتها كخادم وطباخ وأم وجهاز متعة على أهبة العمل لحظة اشتهاء الزوج ، وعليها ان تلغي انسانيتها وتفردها ككائن مستقل.
ان تقتنع بأنها مسؤولة عن اخطاء وشرور العالم ، لمجرد انها انثى.
الاخطر من هذا كله ان تقاوم المرأة التغيير نحو الافضل ، بكل شراسة ، على اعتبار ان التغيير هو شذوذ واعتداء على سنن الكون وفطرة الامور وخروج ونشوز عن طبيعة الاشياء. هذا اخطر شيء ، ان تقاوم المرأة اهتراء قيودها وتفسخ بوابة سجنها التاريخي.
حينما يحصل هذا ، تكون المرأة هي المتواطئة الاولى على استغلال بني جنسها ، وعلى مصالحها ومصالح بناتها واولادها واحفادها الحقيقية ، وعلى مصالح الانسان الواعي (ذكرا وانثى) الذي يسعى للخلاص من صليب تخلفه.
ان تكون المرأة ضد نفسها.. يا للشقاء.
ghishan@gmail.com