سامر

صديقي سامر تقاعد حديثا من الجيش العربي، وكحال كل المتقاعدين العسكريين حمل ما يحمل من خبرة ومعرفة وأخذ يطرق أبواب الشركات التي يعرفها والتي لا يعرفها، حاملاً بين يديه مؤهلات عظيمة ولكن للأسف بلا سوق يحتويها، بالنهاية حصل على وظيفة حديثا في إحدى شركات القطاع الخاص، سامر يتمتع بحد عالي من الذكاء الاجتماعي وبحد عالي من الحس اللازم لتحترم الناس والأهم إنسانيتك بينهم، يحدثني سامر عن الفحوصات التي خاضها ليتم قبوله لتلك الوظيفة، لا أعرف بما أملك من قدرة أدعيها على الكتابة على وصف كل تلك الفحوصات وأن من بينها "اختبار الذكاء" ولكن لتكونوا بالصورة الاختبار أستغرق ثلاث ساعات، كل ذلك مقابل راتب سيذهب عن بكرة أبيه مقابل أجرة شقة في طبربور.

قبل مدة لا تتجاوز الشهرين حضرت ندوة لأحد رؤساء الوزارات السابقين، وكانت مخصصة للحديث عن الشأن الأردني الداخلي عموما، ساعتين من الضحك المتواصل، هذا كل ما خرجت بهِ من تلك المحاضرة ، وشيء آخر صرح به دولته أن الأردن وصل إلى ما وصل إليه بسبب تسلم أناس لرئاسة الوزراء لم يكونوا بالقدر الكافي من التأهيل لاستلام تلك المناصب، لم يذكر أسماء ولكنه قال أن العسكريين غير مؤهلين لاستلام مناصب رفيعة مثل رئاسة الوزراء، طبعاً أضاف "مع كل الاحترام"... وأظنه وبعض الظن أثم كان يقصد دولة نادر الذهبي ودولة معروف البخيت، لا أعرف بماذا يُقاس التأهيل لدى دولته في الأردن، فمنذ وفاة المرحوم وصفي التل والأردنيون يعانون الأمرين من رؤساء الوزراء المتعاقبين ، ليس هذا وحسب بل وصل الأمر إلى "لعن الساعة التي عرفناهم بها".

كم كنت أود أن أعرف من دولته عن مؤهلاته –غير أنه صاحب نكته- وكم كنت أود أن أسأله عن حجم انجازاته لكن لم يتح لي المجال، فالمكان كان يغصُّ بالمطبلين والمزمرين، بل أن أحد الحضور قال له وبالحرف "أنا أتابع كل محاضراتك لأني بضحك من كل قلبي ... وشكره وجلس ...!!!"

في هذه الأيام تدرس الحكومة إطلاق قانون لا أعرف ماذا سموه ولا أعرف كيف سيسممونه، لضبط عمل المواقع الإلكترونية، بهدف وضع حد لقضايا اغتيال الشخصية والابتزاز الذي يتعرض له "المؤهلين" من قبل تلك المواقع، لا أعرف ما هي مؤهلات رئيس الوزراء ولست مهتما بها ولكني أتساءل إن كان لدى دولة رئيس الوزراء فكرة عن حجم الإعلانات التي تدفع لموقع الفيس بوك من الأردن على وجه التحديد، وإن كان يعلم أن موقع الفيس بوك غير مكمم ..!

يا دولة الرئيس تلك المواقع لم يدفع لها من المسئولين إلا من لا يستحق أن تُغتال شخصيته وحسب بل أن يعلق من يديه عبرة لمن يعتبر، لو كنت مكانك لأطلقت العنان للمواقع الالكترونية لتفضح سوءاتهم وأخبارهم ولتركتها لتنبش على قبور أمهاتهم أولئك الذين استرخصوا مقدرات هذا البلد، وكان الأولى والأسهل يا رئيس الوزراء أن توجه خطابك للمسئولين الحكوميين الذي عينوا بدون الحد الأدنى من المؤهلات بأن يكفوا أيديهم عن مقدرات البلد، لا أن تكمم أفواه المواقع الإلكترونية.

يا سامر أنا أعتز بصداقتك وبمعرفتي بك ، والحال ليس كذلك مع معظم من تسلموا مناصب حكومية في هذا البلد ، لأن العديد منهم لم يتمتع بالحد الأدنى من مؤهلاتك وهي " حُسن التربية ونظافة اليد ".

"ها كيف لعاد"