أثناء تصفحي ومتابعتي للأخبار والأحداث والتحليلات استرعى انتباهي هذا الخبر في إحدى كواليس صحيفة العرب اليوم أنقله للقرّاء كما ورد من المصدر \" أعاد سماحة مفتي المملكة السابق نوح القضاة الهدايا التي كان يتلقاها خلال عمله في دائرة الافتاء الى الدائرة, بعد أن قام موظفون في الافتاء بارسالها له اعتقادا منهم انه نسيها في مكتبه قبل أن يغادره, ولكنه عاد وارسلها مجددا الى الدائرة. ومن بين هذه الهدايا ساعة وبعض الهدايا الرمزية اضافة الى مجموعة من الكتب. ووفق المصادر فان موظفي الدائرة اعتادوا على مفتي المملكة وهو يوزع عليهم الهدايا التي كان يتلقاها خلال عمله, رافضا - بصمت وان كان لاحظه الموظفون - ادخالها بيته. يشار ان دائرة الإفتاء أعادت العام الماضي - ابان عهد سماحة القضاة - نصف مليون دينار إلى الخزينة كفائض من ميزانيتها.\"
يا سيدي يا نوح، أطال الله في عمرك صحيحاً معافىً في بدنك وروحك وسموّ نفسك، لما تركتنا ولمّا بعد لم نتعلم؟ تُعيد الهدايا للكرسيّ وترد على الخزينة فائضاً من المال في الزمن الشحيح!
يا سيدي يا نوح، لا أستغرب ما قمتَ به وقد نهلت من رأس النبع أصفى فُرات. من القرآن والسنة، ومن سيرة السلف الصالح فأعطيت درساً في الرِفعة والسمو والنزاهة لكل \"مَنْ ألقى السمع وهو شهيد\". نعم يا شيخنا، بك تتشرفُ المناصب ومنك تتعلم الأجيال وعلى مثل خطاكَ فليمضِ كل مسؤولٍ يعرف ان المسؤولية أمانة وأن الامانة حق يجب أن يؤدى وأن ما عند الله باق.
يشهدُ الله أنني ما التقيت بهذا الرجل قط، ويشهد الله أنه ما التقاني ولا عرفني، وأن ما بيني وبينه هو الأخوّة التي فرضها ربُ السموات والأرض ولكنني أرى فيه إنموذجاً للمسؤول الذي نحتاج إليه في هذا الوقت العصيب. وأراه مستحقاً لكلمة حقٍ ودعاء بالخير.
الكل يشكو والمديونية تزيد، والناس حيرى من امرهم، ونوح يرد على الخزينة فائض المال في دائرته! أليست مفارقةً تستحق أن نعيد النظر في أسباب خيبتنا وعجزنا ومديونيتنا التي في ازدياد؟
لو عندنا ألفُ نوحٍ لكان الفائض المردود للخزينة نصفُ مليارٍ من الدنانير سنوياً – على الأقل- تنهي فقرنا وتبني المدائن والمصانع والمدارس والمزراع والرياض.
هي نصف مليونٍ ردها نوح ولكنها تعني الكثير، وأهم ما تعنيه في تقديري أن المخرج من آزماتنا سهلٌ متاحٌ يسيرٌ إذا صحت العزائم وخلُصت إلى الله النوايا. فبارك الله بنوح وله وعليه ونفع الله به الأُمة.