أنفاس تتسارع.. وأقدام تتراكض.. وأرواح موضوعة في كف وفي الكف الأخرى حجراً...
أناس يتقاتلون على المناصب والشهرة ودفع الغالي والنفيس ولو كانت ضمائرهم وأعراضهم, وأجساد المساكين والشهداء تُداس تحت مسميات لشعارات كاذبة على مدى السنين لم تحقق سوى المزيد من الانقسام والتغلغل الظالم بين أفراد الجسد الواحد سواء المتواجدين تحت خط النيران أم المتواجدين المتفرجين لما آلت إليه أحوال البلاد.
ذاك طفل وبيده حجرا عندما واجهت عينيه المليئة بالغضب فهمت أن اسمه ليس ما سُجّلَ عند ولادته ولكن اسمه مُسْتَوحى من نظراته \" الغريب الشهيد\" وان عمره لا يعد بالسنين أو الأيام ولكن بعدد الحجارة التي وُجّهت لعدو ظالم جاثم فوق الصدور مستبيحا الأرض والعِرْض , كل هذا والكثيرون يتقاتلون ليس لإنصاف تلك الأرض أو ذاك العِرْض ولكن للمنصب والشهرة والمال, أمور زائلة ولا يبقى سوى ذاك الغضب المتمثل بتلك العيون وتصميم بإزهاق آخر قطرة من دمائهم لإحقاق الحق وإزهاق الباطل ولو كره المشركون.
فيا حجراً... ترفّق بتلك الأكف الطاهرة ولتكن سهما ناريا موجها لعدو الدين وعدوها, ولتحصد ما تحصد من أرواح خبيثة اجتثت اجتثاثا على مدى العصور وغُرِسَتْ في تلك الأرض الطيبة ,ونحن كالمتفرج الذي لا يحرك ساكنا وكأن الأمر لا يعنينا , بعضنا يصفق والبعض الآخر يعقد الصفقات ودفع الغالي والثمين لا لنصرة الحق والعِرْض , ولكن للحفاظ على كرسيا أو منصبا وترتيبا بين سُلّم أولوياته الشهرة الباطلة.
يا حجراً ... رأيت مثلك كثيرا وتلمستها بيدي فلم استشعر بها رائحة الجنة , ولم أحس كأني طيراً أيابيل ترمي أعداء الله بحجارة مثلك من سجيل, ولم تنفع كلماتنا ولا مؤتمراتنا بالظالم ولم تجعلهم كعصف مأكول, فاخبرني بالله عليك ما السبيل؟....
فإحساسي وكلماتي لم تشفع لي والقلم يعاندني ويأبى أن يخط إلا بدمع العيون وقطرات نازفة من قلب حنون , فمتى يا حجراً سترتاح وتُريح قلمي ؟ أخاف أن تسبقك ساعة المنون!..
يا حجراً ... أتقبلني رفيقا لك أسير معك ليحتضنني كف ذاك الطفل الغريب الشهيد ؟ ولكني أخشى أن تقول لي انك أحنّ وألين من قلبي, أنا الإنسان فأمثالنا اغتالوا الأطفال والنساء والشهداء وهم ينظرون, وتردني خائبا فلا أكون سهما ناريا مثلك أو شهيد أو حتى قلبا يستحق النبض ويعد الأيام والسنون.....
فيا من خلقت الحجارة التي تُسَبّح بحمدك, فمنها من يشقّق فتخرج الماء منه, ومنه من يسقط من خشيتك, اجعلني وقلمي حجرا في قبضة طفل غريب شهيد......