بفرضها ضريبة خاصة على السيارات الهجينة تكون الحكومة قد اضاعت فرصة ذهبية لتنظيم قطاع النقل وتخفيف تكاليفه على المواطنين مع الاحتفاظ بربحية معقولة للمشغلين.
من المعلوم ان قطاع النقل يعاني من ترهل كبير وازدحام حاد, ولا تقل معاناة المواطنين عن ذلك, فوسائل النقل في الغالب قديمة وتفتقد لعوامل السلامة والمحافظة على البيئة, وغالبية العاملين فيها غير منتظمين لغياب المؤسسية الاستثمارية المشغلة لتلك الوسائط.
كان بامكان الحكومة ان تبقي الاعفاءات الضريبية والجمركية على السيارات الهجينة وتقدم حوافز لمشغلي وسائط النقل على مختلف مستوياتهم لاستبدال مركباتهم وحافلاتهم بالمركبات الهجينة مما يعزز عمليات المحافظة على البيئة من جهة والعمل بشكل جذري على تقليل فاتورة الطاقة التي تعتبر احد اهم التحديات التي تعصف بالاقتصاد الاردني.
طالما تغنت الحكومات بوسائل خفض الفاتورة النفطية وترشيد استهلاك الوقود التي تستحوذ فاتورته على اكثر من 25 بالمئة من دخل الاسرة, وتوفير الطاقة من خلال السيارات الهجينة كان يؤسس لشكل انفاق جديد في الاردن قد يمتد لسلع اخرى.
وبخصوص سيارات التكسي التي طالما خرجت علينا اصوات من هنا وهناك تطالب بزيادة "فتح العداد" كان بمقدور الجهات المعنية العمل على تشجيع السائقين على استبدال سياراتهم بالهجينة مما سيساهم في تقليل اجور النقل وزيادة ربحيتهم من جهة اخرى, لان اقبال المواطن سيزداد على ركوب سيارات التكسي الهجينة الجديدة بأجور منخفضة.
ايضا هذا الامر ينطبق على باقي وسائط النقل, كان بامكان الحكومة ان تصدر قرارا بتشجيع السائقين على استبدال مركباتهم مما سيكون له اثر كبير في تحسين صورة وسائط النقل التي تتسارع الدول الى تحديثها لما في ذلك من اثر ايجابي على الحركة السياحية والمساهمة بتخفيف استعمال المواطنين لمركباتهم الشخصية.
تخفيض فاتورة المحروقات من خلال استعمال المركبات الهجينة امر سينعكس ايجابا على عجز الميزان التجاري الذي تشكل الطاقة وحدها اكثر من 30 بالمئة منه, وهو يتأثر ايجابا او سلبا بارتفاع او هبوط اسعار النفط.
قد تقول الحكومة انها لجأت لقرار فرض الضريبة الخاصة على السيارات الهجينة لاسترداد حوالي 90 مليون دينار خسرتها ايرادات الخزينة من ضريبة السيارات العادية, ولكن في الحقيقة ان الاقتصاد الوطني سيدفع اضعاف هذا الرقم في استيراد المشتقات النفطية التي سيزداد استخدامها, لا بل سيكون الامر في غاية الخطورة على العجز التجاري اذا استمرت اسعار النفط بالارتفاع, وهو امر له آثار سلبية على الاقتصاد من جهة وعلى الامن المعيشي للاردنيين من جهة اخرى حيث ستتآكل القوة الشرائية لدخولهم مما يضاعف الاعباء اليومية عليهم نتيجة الارتفاع الذي سيطرأ على معظم اسعار السلع والخدمات نتيجة ارتفاع اسعار الطاقة.
لا شك ان الحكومة ستفقد الكثير مما ستوفره او تعتقد انها وفرته من فرض ضريبة على السيارات الهجينة, وستكتشف في النهاية ان ما جنته بيمينها ستدفعه اضعافا مضاعفة بشمالها.0