زاد الاردن الاخباري -
بمجرد الاستماع إلى الألبوم الأخير لكاظم الساهر "الرسم بالكلمات" لن نشعر أنه ألبوم جديد للمطرب العراقى الشهير.. قد يتصور البعض أنه ألبوم صدر منذ عدة سنوات.. نفس إيقاع الكلمات والألحان.. نفس الأداء الصوتي للمطرب.. كلمة السر البسيطة للرد على حالة التكرار التي يعيشها كاظم الساهر، تتلخص في اسم مهم في الشعر العربى تحوّل إلى لعنة للمطرب الشهير، وهو اسم "نزار قبانى".. فمنذ النجاحات المدوية التي حققها الساهر، في بدايته الفنية الأولى، بتلحينه وغنائه أشعار نزار قباني، وصار المطرب يلف حول نفسه نصف دائرة، ثم يعود مرة أخرى إلى دواوين شعر نزار قباني، لعلها تنقذه من حالة اليأس الفني التي يصل إليها في بعض الأحيان.. وبدلاً من التجديد الفني الذي هو سنة الحياة وتطورها الطبيعى، يعود الساهر إلى أحضان نزار الدافئة.
ومنذ ميلاده الفني، لم ينس الساهر النجاحات التي حققها بمشاركة نزار قباني، كما لم ينس نزار تجدد الدماء في شريان أشعاره، وعودة الروح إليها مع هذا المطرب، وهذا ما دعا الشاعر الكبير إلى أن يقول، في أكثر من مقابلة تلفزيونية قبل وفاته، إنه وجد ضالته في كاظم الساهر بعد وفاة عبد الحليم حافظ، وأنه الوحيد القادر على توصيل كلماته للمستمع بشكل صحيح بعد رحيل العندليب.
هذه الدرجة من التناغم بين المطرب والشعر، هي التي جعلت بعض التقارير الصحفية تؤكد على أن أسرة نزار قباني أعطت لكاظم الساهر "توكيل حصري" لغناء أشعاره، كما أعطته الحق في توزيع هذه الأشعار على مغنين آخرين !
ولكن بعد وفاة نزار.. تبين أن المدد النزاري يميل إلى النقصان، وظل الساهر يواجه معاناة كبيرة في التفاوض مع ورثة نزار قباني بشأن غناء قصائد جديدة، ورفض الساهر أن يكشف عن سبب المعاناة، وهل يرتبط بالاتفاق على المقابل المادي أم لأسباب فنية أخرى ؟
حالة الزواج الكاثوليكي بين كاظم ونزار حالة فنية متكررة في الفن العربي، فقبلها كان هناك نماذج بين نزار وعبد الحليم، وأم كلثوم والقصبجى، وعبد الحليم وبليغ، والأخوين رحباني وفيروز.. لكن هذه التجارب اتسمت بالتطور والنمو، ولم تقف على طور فني واحد فقط.. لكن العلاقة بين كاظم ونزار اتسمت بالجمود والتحجر، وهذا ما دعا ناقدا مثل محمود الخطيب يكتب في جريدة "الدستور" الأردنية، عقب نزول الألبوم الأخير لكاظم الساهر، أن تجربة "القيصر" مع أشعار نزار فريدة، فلا يمل هو منها، ولا تمل فئة من جمهوره منها، لكنه أطال البقاء في عباءة نزار قباني لدرجة التشبع، لدرجة تخيلنا معها بأنه لا يستطيع الفكاك منها، حتى عدّ البعض نجاحاته مرهونة بقصائد نزار.
وأضاف "أن الساهر مدرسة فنية متفردة، وأصبح علماً في عالم الغناء، وأن استهلاكه، غير المنطقي، لأشعار نزار أضر به كثيراً، فصدى قصائد نزار في تجربة الساهر لم تعد كما كانت في البدايات، فنجاحات "اختاري" و"مدرسة الحب" و"زيديني عشقاً" و"الحب المستحيل"، لم تصل لها أغنيات "وإني أحبك" و"يوميات رجل مهزوم" و"مع بغدادية" و"بريد بيروت" والخ...، فالوهج خفت، كما أن الساهر بات يغني شعراً لا يُغنى، وموسيقى القصائد التي كتبت بريشة نزار أصبحت نغماتها مكررة في ألبومات الساهر.
وبعيداً عن حالة الزواج الكاثوليكي بين نزار وكاظم، نشبت مؤخراً أزمة بين المطربة اللبنانية ماجدة الرومي وكاظم الساهر، بسبب إقدام الاثنين على غناء قصيدة "وعدتك" لنزار قباني، حيث كشفت المطربة اللبنانية، في حديث لقناة روتانا موسيقى، عن لقاء فني قريب سيجمعها بالفنان العراقي كاظم الساهر، لتلحين قصيدة "وعدتك" للشاعر الراحل نزار قباني، مشيرة إلى أن هذه القصيدة ضمّنها كاظم ألبومه الأخير، لكنه تخلى عنها عندما علم برغبتها في غنائها. وقالت المطربة اللبنانية: إن ما حدث بشأن هذه الأغنية "مصادفة عجيبة"، إذ كان الفنان العراقي يكلمها على الهاتف في أمور غير العمل، فقالت له: إن هناك قصيدة تحبها لنزار قباني وهي "وعدتك"، فأخبرها كاظم بأنه غناها ضمن ألبومه الذي سيصدر قريباً، فباركت له قائلة: "مبروك عليك"، وأضافت أنها فوجئت بعد ذلك بإعلان كاظم الساهر، في أحد البرامج، أنه حذف الأغنية من ألبومه، حتى يعطيها لها، بمجرد أنها أبدت حبها للقصيدة، مشيرة إلى أن الفنان العراقي سيلحن لها هذه الأغنية بالشكل الذي تحبه.
هذا الصراع على قصائد نزار، لم يكن الأخير بين كاظم وفنانين آخرين، فقد سبقه أزمة جرت وقائعها منذ عدة سنوات، عندما غنّت المطربة أصالة قصيدة "أنا الدمشقي" كتتر للمسلسل الذي عُرض منذ عدة سنوات، عن قصة حياة نزار قباني.. حيث كان من المفترض أن يغنيها كاظم الساهر، لكن منتج المسلسل اتفق مع أصالة.
إذن، الحالة التي يعيش فيها كاظم الساهر وماجدة الرومي، التي غنت أغنيتها الأثيرة "كلمات" من كلمات نزار قباني وبعدها اختفت فنياً، تؤكد أن هذا الشاعر لم يترك دواوين شعرية مهمة فحسب، بل ترك بعد وفاته "أرامل" يعيشون على ذكراه.
السياسي