هل يجوز أن تستخدم (الأقلام) للخروج عن دائرة الودّ والألفة والحياء , وهل يجوز أن تتحوّل هذه الأقلام إلى (مآبر) وأسافين أو حقول (ألغام) ... أليس من (الأولى) أن تتآلف هذه الأقلام وتتوحّد للوقوف في وجه الفساد والمفسدين بدلا من تبادل (الإتهامات) والشتائم والمزايدات والبحث عن المطبّات والشبهات ؟ .
كم أشعر بالأسف والأسى والإستهجان وأنا أراقب عن بعد أو ربما عن قرب تلك الحرب الكلاميّة (المخجلة) التي تدور رحاها بين قطبين من أقطاب إعلامنا الذي يمرّ في مرحلة صعبة وحرجة ... حربا إندفع فيها (البعض) دون هوادة للخروج عن الشعور والمشاعر أو عن حدود الأخلاق المهنيّة أحيانا في وقت لم تكن فيه هناك (قضيّة) بين الطرفين أصلا تستحق كل هذا (الإحتقان) .
وبالرغم من إنني لست مع هذا الطرف ضدّ ذاك ولا تربطني ايّ (مصالح) شخصيّة مع طرف لأستعدي الطرف الآخر , إلاّ انني (أنتصر) لكل الأقلام الشريفة الصادقة التي (تنأى) بنفسها عن (المهاترات) والإندفاعات الشخصية ... أنتصر لمن يسخّر قلمه لخدمة الوطن , ويبحث عن الحقيقة أينما وحيثما كانت ... أنتصر لكل أصحاب الأقلام الجريئة , ولكل من لا يبيع نفسه في لحظة جوع أو هوان ... أنتصر لصحافتنا الأردنيّة بنوعيها لتظلّ حرّة نقيّة غير قابلة (للإنبطاح) والإسفاف والهبوط والمزاجيّة , ولكنني لن أكون مع من لا يقدّر قدسيّة الكلمة , ولست مع من (يدسّ) أنفه في خصوصيّات الآخرين ويشوّه الحقائق لتحقيق مآرب يسعى إليها , ولست مع من دون دلائل أو قرائن ... لست مع من يحطّم قلمه على عتبات الإذلال والإستذلال والإنهزاميّة , ولست كذلك مع كل من (يجيّر) قلمه لخدمة المنافقين والمتنفّذين والمتنفّعين .
وإذا كانت هذه (الحرب) الدائرة بين بعض الصحف اليوميّة وبعض المواقع الإخبارية الإلكترونيّة قد أشغلت الرأي العام الأردني , وأسهمت في تشويه صورة الإعلام الاردني , وتمادى بعض الأطراف في إنتهاج أساليب (هجينة) لا تليق بالجسم الصحفي الأردني ,فإنه لا بدّ من إيقااف هذا (الشطط)بكل الوسائل حتى لا يبقى إعلامنا بكل الوانه ومؤسساته عرضة لتخبّط المتخبّطين والمتحرّشين , أو منشغلا بخلافات شخصية (تنحدر) في معظم الأوقات من آفاق معتمة .
لا يجوز لأحد أن (يبرّر) أخطاءه او أهواءه بإدعائه على أنّه هو صاحب الولاية والشأن , مثلما لا يجوز لغيره ان يتهمه بالخيانة والتسوّل ... والعين الرّمداء لا يشفيها ذري الرمال .
أعتقد أنّه لا ولاية لأحد على الآخر , ولا فضل لأحد على أحد إلاّ بمدى إنتمائه للوطن , فصحافتنا اليومية جزء مهم من إعلامنا الوطني الحرّ , وكذلك فلقد أحدثت صحافتنا الإلكترونية نقلة نوعيّة متميزة , ونجحت في كشف بعض ملفات الفساد , وفتحت أبوابها للأقلام الحرّة والجريئة دون تمييز أو تحيّز .
هذه دعوة للجميع ... لكل الذين خرجوا عن (المألوف) وتوتّرت أقلامهم وأعصابهم ... إرحموا أنفسكم واجمعوا أقلامكم لتتآلف معا في خدمة الوطن الواحد , والوقوف في واجهة واحدة لصدّ كل اولئك الذين يتربّصون بالوطن ... ولتبقى صحافتنا دوما فوق كل الشبهات .