زاد الاردن الاخباري -
تقدم الاستراتيجية الفرنسية حول الاستخدامات السلمية للطاقة النووية والتي اعلن محاورها الرئيس الفرنسي نيقولا ساركوزي في باريس الاسبوع الماضي مفتاحا مهما للاردن لامتلاك الطاقة النووية المدنية لمواجهة تحدي النمو في الطلب على الطاقة الكهربائية وتحلية مياه الشرب.
وفي الوقت الذي يواجه فيه الاردن والدول ذات التوجهات النووية السلمية تحديات عدة ابرزها التمويل فان الاستراتيجية الفرنسية التي اعلن عنها امام صناع قرار من حوالي 65 دولة في مؤتمر الطاقة النووية الذي اختتم اعماله الاربعاء الماضي تقدم الحلول من خلال تصميم فرنسا على جعل الطاقة النووية المدنية وسيلة للسلام والتعاون والازدهار.
وبهذا الخصوص قال الرئيس الفرنسي الذي تمتلك بلاده 58 مفاعلا نوويا تمد فرنسا بحوالي 80 بالمئة من حاجتها من الكهرباء ان هذه الاقدمية لا تمنح فرنسا اي امتياز معين بل تفرض عليها واجبا الا وهو تقاسم تجربتها مع كل الراغبين في الحصول على برامج نووية مدنية او احيائها.
واضاف ان المطلوب استغلال تجدد الاهتمام بالطاقة النووية لتحويله الى فرصة لتحقيق التقدم والتعاون لفائدة الانسانية.
وتعد هذه الخطوة مهمة لبلد مثل الاردن الذي يواجه تحدي ايجاد شريك استراتيجي لبناء اول محطة نووية، خاصة وان التعاون الاردني-الفرنسي قطع شوطا كبيرا في هذا المجال من خلال مشروعات تشرف عليها لجنة فنية مشتركة تعمل من خلال خمسة محاور على توطيد التعاون في مجال الطاقة النووية بين البلدين.
وفي موضوع التمويل وهو تحد مهم لبلد مثل الاردن خاصة وان تكلفة المفاعل النووي الواحد تتراوح بين 4 الى 5 مليارات دولار تقترح الاستراتيجية الفرنسية ان تساهم المؤسسات المالية الدولية في تمويل مشروعات الطاقة النووية المدنية.
وبهذا الخصوص خاطب الرئيس ساركوزي المشاركين في المؤتمر قائلا "لا افهم الاسباب التي تمنع المؤسسات المالية الدولية من تمويل مشروعات الطاقة النووية المدنية، فالوضعية الحالية تدفع البلدان الى الاعتماد على طاقة اغلى واكثر تلويثا".
وتابع ساركوزي قائلا "يجب على البنك الدولي والمصرف الاوروبي للانشاء والتعمير ومصارف التنمية الالتزام بكل حزم تمويل هذه المشروعات".
ولم يغفل الجانب الفرنسي ايا من جوانب تحقيق اهداف استراتيجيته من قبيل اعطاء الاولوية للتدريب وتأكيده على ان فرنسا اصبحت اكثر انفتاحا على العالم وضاعفت عدد الطلبة في دراسات الطاقة الذرية منذ عام 2007 ثلاث مرات، كما ان الماجستير الدولي سيستقبل هذا العام طلبة من كل ارجاء العالم منها الاردن، بولندا، الامارات العربية المتحدة، الارجنتين، الصين، الهند، فيتنام، تونس، الجزائر حسب الرئيس ساركوزي.
ومع ان الرئيس الفرنسي وصف هذا التقدم بالجيد اشار الى وجوب الذهاب الى ابعد من ذلك.
واضاف لذلك قررت ان انتقل الى مستوى اكثر فعالية عن طريق انشاء معهد دولي للطاقة النووية سيضم مدرسة دولية للطاقة النووية ليكون جزءا من شبكة دولية لمراكز التميز المتخصصة الجاري انشاؤها والتي سيكون اولها في الاردن.
ويرى الرئيس الفرنسي ان هذه الشبكة ستلعب دورا اساسيا من اجل التقدم والعلم من خلال بناء ثقافة علمية وتقنية نووية.
ويعد عدم الانتشار حسب الرئيس ساركوزي حجر زاوية الامن الدولي في الاستراتيجية الفرنسية، مشيرا الى ان فرنسا لن تدخر جهدا في الدفاع عن حق كل دولة في الحصول على الطاقة النووية لاغراض سلمية كما انها بالمقابل لن تدخر جهدا حيال الذي يخرقون معايير امننا الجماعي.
وفيما يتعلق بالحصول على الوقود النووي تقترح الاستراتيجية الفرنسية انشاء بنك للوقود في الوكالة الدولية للطاقة الذرية تموله مساهمات دولية.
وحول الموضوع يقول الرئيس ساركوزي ان المشروع اصبح جاهزا كما ان التمويل موجود منذ ان قرر الاتحاد الاوروبي تحت الرئاسة الفرنسية تقديم 25 مليون يورو لاتمامه.
وتقارب الاستراتيجية الفرنسية الوضع الاردني من حيث امتلاكه لخام اليورانيوم بكميات كبيرة بالتأكيد على انه اذا ارتفع عدد المفاعلات بشكل كبير فقد تطرح مسألة انشاء وحدات جديدة للتخصيب او اعادة التدوير لتستجيب للاحتياجات الصناعية.
وقد اراد البعض منع البلدان الجديدة من الحصول على هذه القدرات بحجة انها قد تشكل خطرا في حد ذاتها.
وترفض فرنسا هذه المقاربة، لان شأن ذلك ان يشكل قرارا غير منطقي اقتصاديا فضلا عن كونه انتهاكا لحق هذه البلدان المشروع في تطوير الطاقة لاغراض سلمية.
وتقدم الاستراتيجية النووية حلا لموضوع النفايات النووية عن طريق اعادة التدوير حيث اشار ساركوزي الى النهج الذي تسلكه فرنسا وروسيا واليابان حيث تتيح اعادة التدوير اقصى قدر ممكن من مورد اليورانيوم مع تقليص النفايات النهائية التي ستخزن باكبر قدر ممكن.
وفي موضوع السلامة تؤكد الاستراتيجية الفرنسية ان السلامة والامن النوويين يجب ان يوضعا في صميم انشغالات العالم خاصة وان الامر لا يتعلق بتحد وطني فقط بل هو اولوية جماعية، فيما ترى الاستراتيجية في موضوع اشراك الشعوب اولوية مهمة، فقد ولى الزمن الذي كانت اقامة المنشآت النووية والمنشآت الصناعية الحساسة(الكيميائية والنفطية) تفرض على السكان، ما يؤكد ضرورة تقديم التوضيحات واقامة حوار والتحلي بالشفافية.
ووفق اعضاء في الوفد الاردني المشارك في المؤتمر فقد قدمت الاستراتيجية الفرنسية حلولا لمختلف التحديات التي تواجه الدول المقبلة على امتلاك الطاقة النووية المدنية وابرزها موضوع التمويل، مذكرين بالامكانيات التي تتيحها التكنولوجيا الفرنسية النووية خاصة مفاعلات الجيل الثالث التي يقولون انها تمتاز بالجودة الاعلى وبالتكلفة الاقل وتتصف بدرجة عالمية من السلامة عدا عن تجاوزها لمشكلة محدودية المكان من خلال حاجتها لمنطقة سلامة قطرها اقل من مفاعلات الجيل الثاني.
ويرى صناع القرار في المملكة ان الطاقة النووية هي الحل الامثل للتحديات الناجمة عن شح المصادر المحلية من الطاقة والافتقار لمصادر المياه خاصة الصالحة للشرب.
بترا