زاد الاردن الاخباري -
استهلت صحيفة تايمز البريطانية مقالتها في الشأن السوري بأن دمشق نفّرت نصيرتها موسكو وورطت نفسها في قتال دموي حتى الموت.
وقالت الصحيفة إن سوريا تقف الآن في مفترق طرق. ففي الأيام القليلة الماضية بلغ النظام السوري دركا جديدا من الوحشية. وبدلا من سحب دباباته من مراكز المدن يصعّد الجيش ذبحه للمدنيين محاولا إطفاء كل مقاومة قبل الموعد الأخير لـخطة وقف إطلاق النار الأممية التي تدخل حيز التنفيذ اليوم.
فقد قُتل نحو 180 شخصا في العنف الذي جرى في اليومين الماضيين فقط. والأطفال يُلتقطون من الشوارع ويُعذبون. وهناك نساء وأطفال يُطعنون حتى الموت في منازلهم. والأسر التي تحاول استرداد جثث ذويها تكره على الوقوف في صف أمام الجدران ويُطلق عليها النار.
وأشارت إلى أن اشتداد العنف يشير إلى نظام لا ينوي ببساطة جر البلد إلى حرب أهلية لكنه مصمم على تخريب أي محاولة خارجية لتفادي إراقة الدماء. ودمشق الآن تطالب بضمانات مكتوبة من مقاتلي المعارضة بأنهم سيضعون أسلحتهم قبل سحب الجيش من المناطق السكنية، وهذا من شأنه أن يحبط خطط مفاوض الأمم المتحدة كوفي أنان من أجل وقف إطلاق النار وإجراء مباحثات حول التحول السياسي.
ولأول مرة يفتح الجيش السوري النار هذا الأسبوع على معسكرات اللاجئين في تركيا مما أدى إلى مقتل سوريين اثنين ومترجم تركي. كما أطلق الجنود النار على المدنيين الفارين من المذبحة إلى لبنان. وليس هناك الآن قيود على العنف الذي تبدو طائفة الرئيس الأسد العلوية على استعداد لنشره للحفاظ على بقائها في السلطة.
وأضافت الصحيفة أن هذا الاقتتال حتى الموت ليس فقط وحشية ترعاها الدولة، بل انتحار سياسي. فقد فقدت سوريا منذ وقت طويل تأييد وتعاطف جيرانها العرب. وهي الآن تؤجج الغضب في العاصمتين الوحيدتين المستعدتين للدفاع عن نظام الأسد من إدانة دولية، وهما بكين وموسكو. فالصين، التي صوتت ضد إدانة مجلس الأمن للنظام السوري، تحاول الآن النأي بنفسها عن دمشق. فقد استقبلت أمس رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الذي يعد من منتقدي الرئيس بشار الأسد الأكثر صراحة والذي قد يأمر قريبا قواته المسلحة بالتدخل في سوريا لتأمين ممرات للإغاثة على طول حدود تركيا الشمالية.
وروسيا أيضا غير راضية عن دمشق. ففي حين أنها لا تزال تصر على أن التدخل الخارجي سيزيد الأمر سوءا، فإنها قلقة إلى حد كبير من أن اشتداد العنف سرعان ما يجتاح ويدمر استثمارها الكبير في سوريا: القاعدة البحرية الحيوية في مدينة طرطوس، وتجارة الأسلحة الضخمة ورأس الجسر السياسي الثمين في الشرق الأوسط.
وألمحت الصحيفة إلى أن كابوس موسكو هو رؤية نظام الأسد وقد أطاحت به انتفاضة "سنية". فهذا سيضع في السلطة حكومة للإخوان المسلمين -مؤيدة بقوة من السعودية ودول الخليج المحافظة- مستعدة للتوصل إلى توافق مع الغرب ولكنها معادية غريزيا لأنصار الأسد السابقين. وهذا سيمنع روسيا من دخول البحر المتوسط وحرمانها من علاقات وطيدة مع أي حكومة عربية، ويواجهها بعدو جديد مستعد لدعم وتسليح الثوار المسلمين في الشيشان وشمال القوقاز
ولهذا دعم الروس والصينيون أنان. فهم يعلمون أن خطته هي الخطة الوحيدة لتقليل العنف التي أمامها فرصة للنجاح مهما كانت محدودة. والبديل الذي يخشونه هو زيادة تسليح الثوار والتسلل المتزايد للمتطرفين إلى صفوف المعارضة ومواجهة عسكرية محتملة مع تركيا والتورط الأعمق للغرب في محاولة إنقاذ بعض المكاسب من الربيع العربي.
وختمت الصحيفة بأن الغرب يؤيد موسكو سرا في محاولة لتعزيز خط أشد مع سوريا. لكن نظام الأسد، بتخريبه خطة أنان، سرعان ما يقنع موسكو بأن ليس فقط تغيير في النظام ولكن تغيير النظام قد يكون أمرا حتميا. فقد ألقى الأسد بنرده واختار التدمير المحتوم لطائفته وعشيرته وبلده، وفي النهاية تدمير نفسه.