لن أكتب مفصلاً عن المغتربين و حقهم الانتخابي، فقد تحدثت حول هذا بمقالات سابقة بمناسبة كهذه، و قد أكون أكثر من كتب في هذا الموضوع، و لكني هدفت من عنوان هذا المقال إلى مجرد وقفة للفت النظر لهذه الفئة التي ما زالت تشعر بالدونية بغربتها وهي ترى الجاليات العربية الأخرى جميعها دون استثناء تشارك بلدانها ما تعودنا على تسميته بالعرس الديمقراطي و هو الانتخابات. ربما يكون لدى حكوماتنا المتعاقبة سبباً أكثر إقناعا مما يصرحون به و لا نعرفه، و نسأل الله أن تزول الأسباب و نرى اليوم الذي نقف فيه بطابور المنتخبين شأننا شأن المغتربين الآخرين و أسوة بإخواننا بالوطن الحبيب؛ هذا اليوم سيأتي إن شاء الله كما قالت المطربة فيروز " إذا مش بكره بعده أكيد". و حتى ندلل على أننا جزء من وطننا الغالي و رغم استثنائنا من الانتخاب فسنسمح لأنفسنا بالتعليق على هذا القانون باعتبار أن التعليق ليس محكوما بقانون الاغتراب إلا إذا رأى البعض بأن هذا الأمر لا يجوز أيضاً.
سأصم أذني عن كل ما يقوله الحزبيون حول موضوع القانون و أعلن أن هذا القانون يشكل قفزة مقبولة للأمام مخلفاً وراءه أسوأ قانون عرفه الأردن ألا و هو قانون الدوائر الوهمية الذي جعلنا نترحم على قانون الصوت الواحد. نعم هذا قانون متنوع و إن كنا نتوقع أن يكون أكثر إنصافا و خاصة لبعض الألوية مثل لواء الكورة الذي ما زال يتمتع و الحمد لله بالنائب الواحد رغم أن الدنيا قد تغيرت بكل الألوية و هو مكانك سر. لقد راعى هذا القانون مختلف الأطياف رغم احتجاج بعض الأطياف الأخرى، فوقعنا بالاعتراض والاعتراض المقابل، و هذا يدل على أنه لا يوجد قانون مثالي تقبل به جميع الفئات فما تقبل به الأحزاب ترفضه الفئة غير المتحزبة، وهذا أحد الأسباب الذي يجعلني أصم أذني عن سماع الحزبيين.
أما السبب الثاني فلأنني أرى أن احتجاجهم غير منطقي لأنه يتعارض مع مناداتهم بالنسبية، فما هي نسبة المتحزبين إلى باقي فئات المجتمع؛ هل يريدون الحصول على حق غيرهم الدستوري؟ كذلك أرى أن في طلبات الأحزاب استقواء من الكبيرة على الصغيرة بالنسبة لعدد المقاعد. و قد أتفهم احتجاج جبهة العمل الإسلامي مثلا كحزب كبير منظم على القانون لأنه لم يعطها الجزء الأكبر من الكعكة الوطنية و لكني لا أستطيع فهم اعتراض الأحزاب الصغيرة أو المغمورة و التي لا يعرفها إلا منتسبوها على هذا القانون و هو الذي ساوى بينها وبين الأحزاب الأكثر شعبية؛ أهو الاعتراض لمجرد الاعتراض أم تسجيل موقف لدى الحزب الأكبر حتى ينالهم رضاه.
إن تحفظي على هذا القانون إضافة لحرمان المغتربين أنه صعب الفهم إلا على العارفين بأمور الانتخابات و سنكتشف عند التطبيق حدوث بعض الثغرات. أما عن رأيي الشخصي فأنني ما زلت متمسكا بحقي بانتخاب كل من سيمثلني بمحافظتي أو دائرتي الانتخابية فهم جميعا سيمثلونني بما فيها النائب المسيحي أو الشركسي و ليس فقط من انتخبت وهذا هو قانون ال 89 و الذي كان معمولا به قبل الصوت الواحد.
و من باب الغبطة لا الحسد فإني أشد على أيدي الأخوة المقيمين على ثرى الأردن الطيب مهنئاً بحقهم في هذا الفرح الوطني، و أتمنى على الجميع المشاركة بالانتخابات حتى لا نسهم بحسن نية بوصول من لا يستحق إلى قبة البرلمان بحيث يكون همه الوحيد جواز سفر يكون مميزاً يحمله عندما يذهب لعرس ما كما قال أحدهم و راتب مدى الحياة لشخصه الكريم. لا نريد نوابا يستقوون على الحكومة بحقهم بحجب الثقة و يحجبونها عن الوزير لأسباب شخصية. نريد نواباً يشرّعون القوانين للحكومة و أولها قانون الانتخاب، فلنشارك لإخراج نوابا يكافحون الفساد و المفسدين و لا يعيقون سير القضاء.
لنتعاون جميعا للخروج ببلدنا من عنق الزجاجة ليسير قدما في إصلاحاته.
حمانا الله و أردننا من كل شر.
كل عام و الجميع بخير
alkhatatbeh@hotmail.com
alkhatatbah.maktoobblog.com