أحيانا تصير دقات الساعة مطارق من حديد مع كل دقة دَوْي وانفجار – ولحظات ترقّب فأرواح تتصعّد في السماء وأخرى تنتظر المجهول – عيون تترقّب فتشخص الأبصار – هول وفاجعة ومواقف غير متوقعة وردود أفعال صامتة وأخرى لا مبالية وغيرها بانتظار الضوء الأخضر من عدو ليَصْدع بالكلمة ويُفسّر الماء بعد الجهد بالماء بقول وفعل لصالح العدو .
مجريات أحداث تجري من هنا وهناك ,غزة وما يحاك فوقها من اتفاقات مسيسة مدفوعة وما يجري تحتها وفي الأنفاق , قضية منذ سنين بعيدة لم تكن لتُسمى قضية لولا التخاذل المعهود من جميع الأطراف وقلة الحيلة وحب الدنيا , تلك السنين لم تعد بعيدة فنحن في زمن الوعي والإدراك ومن تخاذل فيما مضى فقد مضى والحيلة في أيدينا ليست ذات قلة ولكن كثيرة, أما حب الدنيا فجميعنا نحبها ولكن من يحب أن ترافقه المذلة "لا أحد" وان وُجِد فهو ليس برجل أو امرأة إنما غُثاء ما يوشك إلا أن يتلاشى , فهل ستكون لنا وقفة وبصمة للتغيير ؟ وهل زمننا هذا هو الفصل لتسود القضية أو تزول.
العراق, البلد النابض بكل خير بتاريخه العريق وحضارته وتُرْبته الطيبة وشعبه الماجد, ماذا نرى منه الآن؟ سلب ونهب وهدر الأرواح ودمار للبُنية التحتية والفوقية ومهجّرين ومعتقلين , وعصابة من التّجار تَحْكم بعد أن كانوا مُتسولين , فحوّلت نخيلها وواحاتها ودجلة وفراتها إلى مستنقعات وقبور, وسكانها إلى أشباح يكاد لا يُرى منها إلا المقهور, فهل زمننا هذا هو الفصل ليسود الصمت أو يزول؟
أطفال سوريا وحرائرها , شبابها وشيوخها ذاك الشعب المسالم الوادع الذي طالما سمعنا عنه كل خير – يتحول في لحظات إلى بركان ثورة لا يهدأ –نقلة نوعية وكمية ليُثبت للقاصي والداني أن الحق وان انزوى لا بد له من فَوْرة يُحيل ظالمها إلى زبد زائل لتنكشف عنه كل عورة, فماذا فعلنا نحن سوى الشجب والاستنكار وربما بعض الدعم المادي , فهل زمننا هذا هو الفصل فيسود الظلم أو يزول؟.
الإعلام يُشَكِّل أخباره كيفما شاء وحسب مصلحته فيجعل الأشرار كالأخيار, ولا يفرق بين النور والنار ولا الليل أو النهار , ويحول الجلاد إلى مشروع ضحية ومن الضحايا لوائح وأرقام فما هم سوى مشروع استهداف, فتُسْفك الدماء ويُغتصب العرض والأرض تحت مسمى الديمقراطية, فهل زمننا هذا هو الفصل ليسود الجهل أو يزول؟
أصحاب الفكر والمال والمراكز لا نجد منهم سوى كل تخاذل وإحباط ودعوة للتراجع وعدم اتخاذ أي خطوة ايجابية من شأنها التقدم ولو بدرجة , فنجد منهم من يدعي الوطنية ويشارك بكل مسيرة لا للوطنية التي يدّعيها ولكن ليُشار له بالبنان وهو يسير في موقعه بلا حراك يُذكر "مكانك سر" , فهل زمننا هذا هو الفصل ليسود الادعاء بالوطنية أو يزول؟
مشاهد عديدة متنوعة تجري حولنا والأسئلة تكون عادة بلا أجوبة , فنقف حيالها مكتوفي الأيدي مُغْمِضي العين واللّثام يُلْجم اللسان , مررنا في أمتنا بمراحل كثيرة من العز والتمكين , وها نحن نمر بمرحلة من الضعف والصمت , وعجز الكثير منا من الاقتداء بمن سبقنا من الأبطال والبطولات , فمنا من يقول عصر المعجزات ولى وراح , ومن كان النصر حليفه فيما مضى فقد كانت الملائكة تدعمه من السماء , ولكن لم لا يتعظ البشر منا بمثال حي في زمننا؟, قطيع الغنم قيادة واحدة في المسير وباتجاه واحد صفا مرصوصا بانتظام وحركات رتيبة متوافقة تتبع قائدها حتى لو أرداها إلى الهاوية, واشك أن يذهب بهم إلى أي هاوية, بالرغم من عدم وجود العقل فيهم يأخذهم حيث المرعى والمشرب وفوق هذا الأمان المنشود – هذا حال الحيوان"أجلّكم الله" فما بالنا فيمن يتخذ نفسه قائدا لفصيل أو حزب أو حكومة أو دولة ونحن نملك العقل الذي ميزنا الله به عن الحيوان ولكننا نرى عكس ما يكون فخطواتنا متناقضة وفيها الكثير من التردد والتراجع والسماح للغريب والعدو بالتدخل في شؤوننا وتسييرنا وفق إرادتها لا إرادتنا, فالرّكب يسير بنا نحو الهاوية وأي هاوية أخزى من المذلة في زمن تفوّق به قطيع الغنم على معشر البشر , فهل زمننا هذا هو الفصل للتعلم من قطيع الغنم فيسود النصر أو يزول؟ .