بدون مقاومة الشعب لن تنتصر قضية الحرية والمساواة والعودة للشعب المعذب، ولن تتم تعرية الفاشيين وقطعان مستوطنيهم وسياساتهم الاستعلائية العنصرية، وبدون برنامج وطني كفاحي كامل، ونضال مدني ديمقراطي سلمي، يجمع مكونات الشعب العربي الفلسطيني في مجرى واحد، يكون ذا طابع عملي واقعي، وأدوات كفاحية تنسجم مع القيم الدولية، تحظى بقبول العالم وتأييده، مثلما حظيت اليوم من قبل قطاع من المتضامنين الإسرائيليين والأوروبيين والأميركيين، لن تتم هزيمة المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، أخلاقياً ومعنوياً وسياسياً ودبلوماسياً كخطوات جوهرية على طريق اندحاره الكامل أمام عدالة الحقوق الفلسطينية وشرعية مطالبها وتطلعاتها.
إسرائيل دولة فوق القانون، كما يصفها صائب عريقات دوماً، والسؤال كيف يمكن العمل الدؤوب التدريجي التراكمي لجعلها دولة تحت القانون، وتخضع للمساءلة الدولية، ذلك هو التحدي الدبلوماسي والسياسي أمام القيادة الفلسطينية ومؤسساتها، بدعم وتنسيق مع المؤسسات العربية والإسلامية والمجموعات الدولية الصديقة المؤيدة لحقوق الإنسان والرافضة للبلطجة الإسرائيلية، والانفلات الاستيطاني التوسعي، واستعمالهم للقوة المفرطة في وجه المدنيين الفلسطينيين الذين يتطلعون للكرامة والعيش المشترك المتساوي، وحق الحياة الطبيعية مع الآخر، ومثل الآخر، أسوة بشعوب الأرض، على وطنهم فلسطين، المساواة داخل أراضي 48 والاستقلال داخل أراضي 67، والعودة واستعادة الممتلكات للاجئين.
المطالبة بتحسين ظروف سجناء الحرية، كمعتقلين سياسيين، وأسرى حرب، مطالب مشروعة محقة، يجب إعلاء درجات الاهتمام بها، لتصبح قضية إنسانية سياسية مفتوحة، من أجل رفع درجة المطالبة بالإفراج عن الأسرى الذين أعتقلوا قبل التوصل إلى إتفاق أوسلو، وإقرار الاعتراف المتبادل بين منظمة التحرير والدولة العبرية العام 1993، وبالتالي يجب إطلاق سراح من أعتقل وأسر قبل ذلك التاريخ، وإخضاع الأسرى المرضى للمنطق نفسه بالإفراج عنهم وحريتهم، اعتماداً على تقارير طبية موثوقة للصليب الأحمر، وأن يشمل ذلك التركيز على عناوين فردية لأشخاص بعينهم لتصبح قضية كل أسير هي قضية مؤرقة للفلسطينيين وللإسرائيليين معاً والمتعبة لهما، كل منهما من موقعه ومصالحه، أمام المجتمع الدولي، وأمام المختصين بقضايا حقوق الإنسان، بما فيها إصدار قرارات دولية بحق أشخاص معينين تعرضوا لإجحاف مفرط وما أكثرهم.
لم تحظ قضية الأسرى وسجناء الحرية، باهتمام الدبلوماسية الفلسطينية، على المستوى الدولي بشكل لائق، ولم تبذل محاولات جادة لجعلها قضية سياسية وإنسانية بإمتياز كما تستحق، ولذلك يجب وضع خطة عمل قانونية دبلوماسية كي تكون عنواناً مفتوحاً مؤرقاً للعنجهية الإسرائيلية، تستنزف جهدهم ومكانتهم الدولية، لا أن يبقى المنطق والسلوك الإسرائيليّان هما السائدان، وأن تكتفي تل أبيب بإغلاق الأبواب على هؤلاء البشر الذين لهم الفضل بعد الشهداء، في كل ما تم إنجازه فلسطينياً، وهذا أحد أسباب الحقد الإسرائيلي الدفين والمعلن ضدهم.
حراك يوم الأسير الفلسطيني هذا العام، كان مميزاً، ويجب أن يتحول إلى تقليد كفاحي مفعم بالفخار والإنجاز، كما كان يوم الأرض لأصحاب يوم الأرض في الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل الفلسطيني المختلطة، تحول إلى يوم عمل للفلسطينيين وأصدقائهم بكافة أماكن تواجدهم في شطري مناطق الاحتلال 48 و67 وفي بلاد الشتات والمنافي، وهذا ما يجب التفكير فيه وفعله يومي 15 أيار و5 حزيران المقبلين، لكل منهما أفعاله ونشاطاته المنهجية المنظمة، لجعل أيام السنة، أياماً وأدوات وعناوين كفاحية متصلة لإعلاء الحق الفلسطيني، وتعرية فاشية الاستعمار الإسرائيلي واحتلاله وعنصريته.
حراكات يوم الأسير الفلسطيني مادة سياسية وكفاحية لآلاف الأسر وأصدقائهم وتنظيماتهم، يجب أن تترك أثراً عميقاً في دفع الاهتمام بقضيتهم، لتكون قضية سياسية بقدر ما هي قضية إنسانية ملحة، وهكذا يجب ان يتحول الأسر والاعتقال عنواناً للرفض الشعبي الفلسطيني للسلوك الإسرائيلي كما هو الاستيطان كما هو الاحتلال، لأنهم عناوين للظلم والاستعمار والعنصرية.