زاد الاردن الاخباري -
بقلم: عماد الشهاب
نعيش في الاردن كغيرنا من الدول العربية في مجتمعات يغلب عليها الطابع الديني، في كافه المعاملات الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية، وتشكل القناعات الدينية الجزء الاكبر من مساحه اتخاذ القرار عند المواطنين، مما اتاح المجال للتجربة الاخوانية الحديثه خلال السبعين عام الماضيه من تسييس الدين والانتشار وخلق قيادات وتشكيل كيانا سياسيا يكاد يكون الاكثر توسعا وتنظيما من بين الكيانات السياسية الاخرى، مستندين في ذلك الى ثلاث عوامل رئيسية اولها استغلال المشاعر الدينية للمواطنين، وتقديم الجماعه والحزب على انهما حزب العودة الى الدوله الدينية ومتخذين من شعارهم التاريخي " الاسلام هو الحل" كمدخل لأي نقاش او حوار سياسي، متناسين ان الدين الاسلامي كان يخاطب العقول مستندا الى الحجه والبرهان، وثاني هذه العوامل هو حاجة الحكومات المتعاقبة الى كيان سياسي معارض ليكتمل به المشهد العام للدولة، والعامل الثالث هو تمكن هذا الكيان من استغلال المنابر الدينية والتعليمية وحتى المناسبات الاجتماعية لتسويق قيادات الحزب وتوسيع التنظيم تحت غطاء الدعوة والإرشاد، ناهيك عن استغلال عدد من الشعائر الدينية مثل الزكاة ورعاية الايتام وتسيير رحلات الحج والعمرة لنفس الغاية.
فقد استطاع هذا التنظيم استغلال الدين بكافه الطرق الممكنه لخلق كيانا سياسيا يسيطر علية مجموعه من المستفيدين ماديا ومعنويا على حساب حاجة البعض الماديه احيانا والمعنوية احيانا اخرى، ولعب دورا محوريا في حاله الاقصاء السياسي وغياب وضعف التنظيمات الفكرية والسياسية الاخرى، لتحقيق مكتسبات فئوية بحته.
لكن الاخوان وخلال تجربتهم الطويلة، والفرص والإمكانات الكبيرة التي توفرت لهم، لم يتمكنوا من تقديم نموذجا حقيقيا يعكس حقيقة النظريه الاسلامية للإدارة العامة، فعلى الرغم من تولي قياداتهم عدد من مواقع الادارة العامة في الدوله إلا انهم لم يستطيعوا تقديم اي نموذج مختلف، ولم يخلقوا حاله متميزة نستطيع تقيمها والبناء عليها، كما انهم قد فشلوا حتى اليوم في تقديم برنامج سياسيا يعالج اي من التحديات الوطنية الراهنه مثل الفقر والبطالة، وشح موارد المياه والطاقة، والعنف الاجتماعي وما الى ذلك من تحديات وطنية، بحيث تكون مقنعه لعقل المواطن، ولم يكتف الاخوان بذلك لا بل تعدا الامر الى القفز من نظريه نظام الحكم الاسلامي الذي نادى به هذا الكيان، الى استخدام شعارات وقيم ومبادئ يساريه تارة واجتماعية تارة وليبراليه تارة اخرى، منسلخا عن فلسفه وجودة ومعترفا ضمنيا بفشل تجربته في تقديم التجربة الاسلامية النموذج "وليس فشل النموذج الاسلامي بالتأكيد"، ومثال على ذلك صارت قيادات ونخب هذا التيار تنادي بالديمقراطية ونسيت ان نظريه الحكم الديمقراطيه تفند نظريه الحكم الاسلامية، ليهدم هذا الكيان سبب وجودة فقط لغاية انتهاز الظرف الزماني للربيع العربي والتقرب الى الغرب.
السؤال الان وبعد ما شهدناه من حاله جديدة مارسها هذا الكيان لاستغلال المجتمع مرة اخرى من خلال قطف ثمار الربيع العربي، مستذكرين سياسة الاقصاء ورفض الاخر التي تبناها خلال سبعين عام مضت، هل نقع ضحية للاستغلال مرة اخرى؟، ام نبحث عن حاله اخرى نعكس من خلالها الاسلام النموذج؟