إن صفاء النية أبرز مؤشرات دعم الحرية في المجتمع، فقوانين البلد ترتبط عكسياً من حيث صرامتها ورخائها مع نوايا سكانها الإيجابية والسلبية؛ فنحن مَنْ نكبل مجتمعنا بقيود الخوف من التعدي على الآخرين؛ فتجد المنع مقدَّم على المباح سدًّا للذريعة في قوانين الحياة. تأمل في الجامعات ومحلات الكوفي شوب , والملات التجارية والتي اصبحت مرتعا للهمل والشبيحة...
عشرات الجدران تُبنى خوفاً من حثالة المجتمع واللصوص والمجرمين وفاقدي الذوق العام، ثم نلوم أنفسنا، ونحقد على مجتمعنا، ونكره حياتنا؛ لأننا لسنا قادرين على التأقلم مع إفرازات سلوكياتنا.
لم نتأمل يوماً أن صلاح المجتمع جزءٌ من صلاحنا، وأن رقيَّه أصلاً بسببنا، دائماً نشير بأصابع الاتهام إلى مَنْ حولنا، ولا نعلِّق أبداً أخطاء المجتمع على شماعاتنا، نحب أنفسنا أكثر من مجتمعنا، ونعشق أنانيتنا ولو كانت على حساب وطننا؛ فنردد دائماً حين الخسارة "عليّ وعلى أعدائي"؛ لنجسد واقع "أنا أولاً، وغيري في حريقة"!!..
دائماً أردّد قصة الأعرابي الشهم الكريم في صحرائه القاحلة على فرسه الأصيلة، عندما وجد تائهاً عطشان في طريقه فسقاه ودعاه ليقلّه حيث يشاء، فاستحى بكرمه ونزل من فرسه؛ ليصعد ضيفه، وبكل حقارة نكز الفرس وهرب بها، فبدأ الفارس الأعرابي بالصياح قائلاً: "يا هذا اسمعني! لا تخبر أحداً بما فعلتُ رجاءً"، فرد عليه اللص: "أتخاف على سمعتك وأنت تموت؟!"، فرد عليه الفارس: "لا.. ولكني أخشى أن ينقطع الخير بين الناس".
همسة من الواقع..
"أسعد كثيراً لنجاحات غيري!! فقمم التفوق تتسع للكثير.. فلا ترهق عقلك في عثرات الفاشلين لتصعد..".