لا أظن أن الخبر الذي طالعتنا به الصحف قبل أيام وهو النية بتعديل القانون الذي يحكم على من قام باغتصاب فتاة ، بتحويل الحكم من الإعدام إلى الأشغال الشاقة. لا أظن أنه بشرى تزف إلى الشعب ،بل هو على العكس، باب جديد من أجل زيادة الجريمة في الأردن وخاصة جرائم هتك العرض ....
نحن في الأردن لا نزال نعاني من عدم الاستقرار في النظر إلى أمور كثيرة تتراوح فيها بين الحكم الديني في التشريع من ناحية وما بين العادات والتقاليد من الناحية الأخرى، مع وجود الصراع الخفي الداخلي في إعجابنا بالغرب بسبب تقدمهم التكنولوجي الذي أعطاهم قوة في قرارهم وسيطرة على أمم مثل أمتنا نحاول أن ننكرها بإخفاء رؤوسنا في الرمل .....
وهكذا تتعرض الحكومة إلى ضغوطات من الغرب ظاهرها حق وباطنها باطل من أجل تغيير قوانين تتعلق بالمرأة وحقوق الإنسان.... ولا تجد الحكومة وبعد مماطلات بداً من أن تغير القوانين حسب ما تطالب به الدول الغربية برضاها أو عدم رضاها ، وتعمل بعد ذلك على تسويق هذه التغييرات.. والنقطة الإشكالية في هذا الموضوع أن الغرب عندما يطبق هذه القوانين فهو لا ينا قض نفسه وإنما يتناغم مع تطبيق طبيعة معيشته التي أصبحت جزءا من منظومة حياته، أما لدينا فالأمر مختلف كلياً.
في مجتمعنا الأردني تجد الفتاة المتحررة جداً وهي أقرب إلى الفتاة الغربية في لباسها أو حتى أفكارها وتصرفاتها. وتجد بجانبها الفتاة التي تلبس خمارا أو حجابا وهي متحفظة جداً في طريقة حياتها أو في اختلاطها بالآخرين. وقد تجد عائلتها تحرم حتى مشاهدة التلفزيون أو قراءة المجلات... وما بين هاتين الفئتين تجد أصنافا أخرى كثيرة.. وهذا الاختلاف في نفس المجتمع يدل على أننا في حالة حيرة وارتباك بل وصراع. فهل نريد العودة إلى جذورنا الإسلامية أم أننا نتجه إلى التغريب مختارين أو منصاعين؟؟
إن الصراع الداخلي الذي يعيشه المجتمع الأردني ، والذي لا تقف اختلافاته في اللباس فقط وإنما في عادات الزواج والطلاق والأفراح والأتراح، مما يؤدي إلى أن يتساءل أي شخص عن عادات الطرف الآخر في أي مشروع اتصال بينهم ، إن هذا الصراع والاختلاف لا بد وأن تتحلحل عقده مع تغير الأجيال في المستقبل..
وإذا عدنا إلى تغيير القانون فلا بد أن نذكر أن تغيير هكذا قانون لا يجب أن يمر مرور الكرام، بل يجب أن يبنى على دراسات فقهية دينية أو إلى استفتاء شعبي يدلي الشعب فيه برأيه ، فنحن نعاني منذ فترة ليست بالقصيرة من ازدياد جرائم الشرف وازدياد من جرائم هتك العرض والاغتصاب وننادي باستمرار في إيجاد الوسائل التربوية والعقابية الناجحة والرادعة لها ولا ننسى أن الاغتصاب يكون في معظم الأحوال أسوأ من القتل ذاته لما يسببه للمرأه من أعراض نفسية يصعب الشفاء منها ، فهل هذا يستدعي حقا زيادة الرأفة في المغتصب أم ؟؟ !!!!.....
د معن سعيد
Awsat55@hotmail.com