لا أجد وصفاً للمبررات التي يسوقها بعض المسؤولين في معرض رفضهم إنشاء نقابة للمعلمين إلا القول بأن هذه المبررات هي مجرد \" تصفيط حكي مرتب شكلاً فارغ مضموناً\" ولا علاقة لهذه المبررات بالقانون أو المنطق من قريبٍ أو بعيد. حتى لو حشدوا لذلك قرار المجلس العالي لتفسير الدستور الرافض لإنشاء مثل هذه النقابة قبل حوالي عشرين عاماً تغيرت فيها الدنيا واختلفت الأوضاع. فأي ولاء هو الذي يُخشى ضياعه إذا انتسب المعلم لنقابة المعلمين، وهل ستكون النقابة دولةً أخرى معادية؟. النقابة هي مجرد جسم تنظيمي هدفها تنظيم المطالبة بحقوق المعلمين وتدافع عن مصالحهم وتعمل على مزيدٍ من التأهيل والتدريب للمعلمين وتضمن حداً ادنى من الترابط والتنسيق فيما بينهم. وهم بالتأكيد لن يحاربوا الدولة، وسيكونون عوناً لها في تأدية واجبها المتصل بتوفير التعليم.
لا يجوز النظر لمسألة إنشاء نقابة للمعلمين من هذه الزاوية الضيقة. ومن غير المقنع التمترس خلف مخاوف وهمية، فنسبة كبيرة من منتسبي النقابات المهنية من أطباء ومهندسين وغيرهم هم موظفون عامون ولم يحصل ان حمل هؤلاء السلاح في وجه الدولة.
لا شك أن الازمة التي يعيشها التعليم العام لها أسباب كثيرة، وهذه الازمة لن يتم حلها بإنشاء نقابة للمعلمين فقط، لكن وجود هذه النقابة سيساهم في حل مشكلات المعلمين وهو طرف مهم ومؤثر في معادلة التعليم.
كقانوني، لا اجد في الدستور الأردني ولا أي قانونٍ آخر أدنى من الدستور ما يمنع إنشاء نقابة لأي مهنة كانت واتحدى أن يأتي أحد بنصٍ في الدستور أو القانون يمنع صراحةً أو دلالةً إنشاء نقابة للمعلمين او لأي مهنةٍ كانت لأن الأصل في الإشياء الإباحة أما المنع فهو إستثناء يحتاج لنص. وإذا كان أصحاب صالونات التجميل لهم نقابة تنظم مهنة التجميل و\"المكياج\" وتعرض مطالب العاملين في هذه الصالونات فهل من الحكمة منع هذا الحق عن المعلمين؟
حدثني معلم أن \"الطلبة باتوا أقدر على ممارسة \"حقوقهم منّا\"، فهم جوهر العملية التعليمية والكل يتعاطف معهم ويسعى لتدليلهم ويضع القوانين لدعمهم، اما نحن فقد صرنا ملطشةً مخوّنينَ بلا قانون يحمينا ولا نقابة تجعل منا مجموعةً تفرض احترامها على الجميع. وهناك مدارس تُنشى اتحادات وبرلمان لطلبتها بهدف تدريب الطلبة على الممارسة الديمقراطية \"البرلمانية\" وتعزيز مشاركتهم السياسية مستقبلاً في الحياة العامة وعرض مطالبهم على الإدارات المدرسية\". ويختم المعلم – الذي يعيش وضعاً معيشياً مزرياً يُبرر اعتباره أحد مصارف الزكاة الجائزة شرعاً والله أعلم- \"نحن لا نُريد شيئاً أكثر مما للطلبة!\"