زاد الاردن الاخباري -
قد يجد المخطوبان نفسيهما أمام قرار الانفصال لسبب من الأسباب، ربما يكون من توصل لهذه النهاية أحدهما أو كلاهما ، وربما يكون قرار أحد الأطراف كالأهل وأولياء الأمور، وبعد وقوع أبغض الحلال إلى الله، يقف كل منهما وحيداً، يبحث عن طريق أخرى، وحياة جديدة تخلو من طيف الطرف الذي كان قد رضيه شريكاً له في وقت ما.
«إلهام» تبلغ من العمر 27 عاماً، مرّت بخطوبة فاشلة على حد تعبيرها، فقد عقد قرانها على ابن عمها، بمباركة من الأهل والأقارب، لكنها كانت طيلة فترة الخطوبة تشعر بتجاهله لها، وانصرافه عن الاهتمام بها منشغلاً بأمور ثانوية لا تمت لعلاقتهما بصلة، ما دفعها وبعد جهد جهيد لطلب الطلاق، وقد حدث، ثم كانت خطوبتها الثانية التي تشعر بطعم السعادة بها الآن.
أما «مروة» 24 عام، فلاقت علاقتها بخطيبها ذات المصير إلا أن الأحداث اختلفت، فبسبب تجاهل الخاطب لأهله أثناء اختياره، لم يستطع احتمال العقبات والمشاكل التي نتجت عن ذلك، ما أدى لفسخ الخطوبة وانتهاء هذه الحياة.
«رائدة» ترى أن فسخ الخطوبة قد يشكل للفتاة مشكلة اجتماعية، لأن نظرة المجتمع لا زالت تنظر للفتاة المطلقة على أنها هي المجرمة، ولو لم تكن كذلك لم يقم زوج المستقبل بتطليقها، لكنه حل في الكثير من الأحيان إن كان قراراً مدروساً، فهو يوفر على كلا الشريكين منذ البدايات حياة قد لا تكون مريحة لهما، وسيكون التخلص من تبعات هذا الأمر، أقل بكثير من استمرارها وانحلالها بعد الزواج.
تغريد المومني، مختصة اجتماعية وتربوية، ترى في حديث لـ»السبيل» أن الوقاية تبدأ بتوجيه النصيحة والتوعية لكلا الخاطبين قبل عقد قرانهما، فيؤخذ الرجل على دينه وخلقه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوّجوه»، وتؤخذ المرأة لدينها لقول رسول الله صلى الله عليه و سلم: «تنكح المرأة لأربع لمالها وجمالها ودينها وحسبها ونسبها فاظفر بذات الدين تربت يداك».
وتضيف: ويتدخل في نمط الاختيار الحالة الاجتماعية والبيئية بمعنى أن يختار الرجل ما تناسبه وتوافق الفتاة على من يناسبها في ما ذكرنا من أسس شرعية وأسس بيئية مجتمعية، فلكل مقام مقال ويراعى في ذلك الإيجاب والقبول لكليهما وموافقة أولياء الأمور أيضاً، ورضى أفراد الأسرتين ومن يهمهما من الأقارب.
وعند تمام الخطوبة وعقد القران -كما تقول المومني- فلا بد من التقريب بين الطرفين وإزالة الخلافات والموانع التي لا قيمة لها ومحاولة بث الألفة والمودّة بينهما وتعزيز أواصر الوفاق والاتفاق لا الخلاف والاختلاف، فيتقرب كل منهما للآخر وتتقارب أفكارهما وتملأ نفوسهما الطمأنينة وكذلك الحال بالنسبة لأفراد الأسرتين.
وتضيف: الخلاف بين الخاطبين أمر محتمل، ينتج عن أسباب تختلف باختلاف الشخصيات، لكن في حالة وقوعه -لا قدر الله- فلا بد من دراسة أسباب هذا الخلاف، فإن كانت الخلافات ثانوية يحاول كلا الطرفين إيجاد حلول لها ويعاونهما في ذلك ذوو الحكمة من العائلتين.
أما إذا كانت الخلافات أساسية أو جوهرية، فالأصل التنبؤ بها قبل الخطبة (إن أبغض الحلال عند الله الطلاق)، فيكون في هذه الحالة منعاً لمشاكل أكبر قد تنجم عن الاستمرار في الزواج ومما يؤول إليه الحال بعد إنجاب الأطفال، وهنا نقف وقفةً نحاول فيها التوفيق بين الطرفين قبل اتخاذ قرار الانفصال أو الطلاق بحيث إن كان بالإمكان استمرار الزواج فلا يخفى على أحد منّا مدى الخسائر الماديّة والمعنويّة التي تلحق بالطرفين حسب نظرة المجتمع الذي يعيشون فيه، فالقاعدة الشرعية التي توضح اختيار أخف الضررين فقد يكون ضرر الاستمرار أو ضرر الطلاق، والمسلم كيّس فطن يختار الأقل ضرراً.
وتختم المومني بقولها: إذا وقع الطلاق، فعلى الطرفين الرضى بقضاء الله وقدره، فقد قدّر الله وما شاء فعل وأن يشكل قناعة ويقين بقوله تعالى: «فعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم، فالخيرة في ما اختاره الله ولا يعرف الإنسان درب السعادة في الغيب وعلى كلاهما التكيف ومحاولة إزالة آثار الضرر أو الألم و بدء مرحلة جديدة في البحث عمّا يناسبهما دون يأس أو قنوط، لقول الله تعالى: } ولا تقنطوا من رحمة الله{.
السبيل