زاد الاردن الاخباري -
أمنية واحدة يحملنها في قلوبهن منذ سنوات، يطوين في كل مرة صفحة عام مضى وألسنتهن تضرع إلى الله بأن يشهد العام الجديد "الفرج" بعودة أبنائهن المعتقلين في العراق إلى أحضانهن. ومع دخولهن العام الجديد، لا شيء تغير فالأمنية على حالها، والأيام كما هي مجرد أرقام ما إن ينتهي واحد حتى يبدأ الآخر متثاقلا تمضي ببطء ساعاته.
ووسط دموع تحرق وجنتيها، تروي ماجدة البيطار، والدة المعتقل في العراق أمجد الشلبي، رحلة معاناتها مع ابن كانت تتهيأ للاحتفال بتخرجه من الجامعة المستنصرية، قبل أن يأتيها النبأ الصاعقة باعتقاله من قبل قوات الاحتلال الأميركي بعد سقوط بغداد بأشهر.
وأم أمجد، الوحيدة المضربة عن الطعام منذ يوم الثلاثاء الماضي، استجابة لدعوة أطلقتها المنظمة العربية لحقوق الإنسان ودعت فيها ذوي 44 معتقلا أردنيا في السجون العراقية والأميركية ببغداد إلى الإضراب عن الطعام من أجل حث الحكومة على التدخل بغية استعادة المعتقلين، وتحديد مصير المفقودين.
وتقول البيطار لـ"الغد" إنها لم تتلق منذ سنوات أي إجابة "تشفي الغليل" من الحكومة بخصوص مصير ابنها. وتتابع "كنت ناوية أبعتله بدلة التخرج، لأنو كان رح يخلص الجامعة، بس مع الأسف اعتقل".
وتتابع "تقرر الإفراج عن أمجد بعد أن قضى عامين في سجون القوات الأميركية لكنه لم يعد إلى أرض الوطن، فقد تم نقله إلى سجون العراق لحين استلامه من قبل الحكومة الأردنية التي لم تحرك ساكنا من أجل تأمين عودته".
وتشارك إيناس خضير زوجة المعتقل علاء خضير، أم أمجد في المعاناة، فهي تنتظر عودة زوجها وعمود بيتها. وتقول إيناس إن زوجها علاء غادر الأردن في بعثة لدراسة الدكتواره من قبل وزارة التربية والتعليم إلا أنه تم اعتقاله ومجموعة من الطلبة من قبل القوات الأميركية عقب سقوط النظام العراقي في العام 2003.
وكان علاء "غادر العراق بعد سقوط النظام إلى الأردن ولكنه صمم على العودة لإكمال دراسته التي بقي على إنهائها شهران فقط إلا أنه تفاجأ بدخول القوات الأميركية على أماكن إقامته في السكن الجامعي لاعتقاله ورفاقه بحجة عدم وجود أية وثائق تدل على هويتهم"، بحسب رواية إيناس.
وتضيف "حكم على علاء بالسجن لمدة عامين وبعد انتهاء المدة صدر قرار بالإفراج عنه إلا أنه تم نقله إلى أكثر من سجن تابع للسلطات العراقية حتى تقوم الحكومة الأردنية بتسلمه رسميا".
وانقطعت الأخبار عن علاء بعد أن نقل إلى سجن سوسه، وفق إيناس التي أوضحت أن وزارة الخارجية لم تتخذ أية خطوات في محاولة معرفة مصير علاء أو إعادته إلى المملكة بعد أن قضى محكوميته.
ومعاناة الغياب هي ذاتها، وإن اختلفت التفاصيل. وتشكو سمر التميمي، زوجة جواد سعيد المنير، عدم وجود أي معلومات عن زوجها، الذي بات في عداد المفقودين. وتروي قصته موضحة أن مجموعة من 3 مسلحين اختطفوه وهو في طريقه إلى عمله بشركة عراقية بمنطقة نفق الشرطة ببغداد صبيحة يوم 28/12/2005.
وتشير إلى أنها كانت هي وأطفالهما يعيشون معه في بغداد، على أنها سارعت إلى العودة إلى عمان بعيد أشهر من اختطاف زوجها خشية على أطفالها. لكنها قبل ذلك توصلت إلى معلومات تفيد بأن زوجها مختطف من قبل وزارة الداخلية العراقية عبر قوات تسمى بدر.
وتوضح التميمي أن وزارة الخارجية والسفارة الأردنية ببغداد لم يقدما أي معلومات شافية بخصوص مصير زوجها المنير. وتقول في البداية كانت الإجابة بأنه "لا يوجد حكومة عراقية لنخاطبها". والآن أصبح الرد الرسمي بأنه "لا معلومات لدينا، واسم المنير ليس مدرجا عندنا" ضمن قائمة المعتقلين الأردنيين في العراق.
والحال نفسه لدى أسرة المعتقل صالح عبداللطيف المعتقل في العراق منذ مطلع العام 2004. ويقول أحمد شقيق صالح إن "القوات الأميركية اعتقلت أخي بحجة دخوله بصورة غير شرعية للأراضي العراقية، وهذا الكلام ليس صحيحا على الإطلاق، فأخي يحمل جواز سفر ورقما وطنيا أردنيا وكان في العراق بصورة شرعيه تماما".
وصالح محكوم عليه بالسجن 15 عاما، وهو يحمل الشهادة الجامعية الأولى في الهندسة ومتزوج ولديه 3 أبناء، وكان يعمل تاجرا في العراق، بحسب شقيقه أحمد.
ويضيف أحمد "إننا نتصل دوما مع أخينا، وهو الآن بحسب الصليب الأحمر في سجن سوسة العراقي، وقد تعرض لتعذيب شديد ما أدى إلى تهشم فكه الأيسر وأثر بالتالي على عينه اليسرى وعلى سمعه".
ويتابع أحمد "طالبنا بإيفاد جراح مختص لعلاج أخي، وقال لنا الصليب الأحمر إن الجهات العراقية لا تمانع في تسلميه للأردن لمعالجته، وأبلغنا الخارجية بذلك، ولكننا لم نحصل منهم سوى على وعود لم تتحقق حتى الآن".
وكانت المنظمة العربية لحقوق الإنسان اعتبرت في بيان صحافي الاثنين الماضي أن "اعتقال المواطنيين الأردنيين وغيرهم (في العراق) مخالفة واضحة وصريحة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية للحقوق المدنية والسياسية ولمبادئ العدالة".
وطالبت الحكومة العراقية بالإفراج عن المعتقلين كافة لديها من دون محاكمة أو إحالتهم للقضاء للنظر في قضاياهم وإصدار القرار المناسب حولها، داعية في الوقت نفسه الحكومة الأردنية إلى الاهتمام بهذا الموضوع ومخاطبة السلطات العراقية للإفراج عن المعتقلين الأردنيين.
وسبق للحكومة وأن أعلنت صيف العام الماضي قرب التوصل لحل لملف المعتقلين الأردنيين في العراق، لكن زيارة قام بها رئيس الوزراء السابق نادر الذهبي في أيلول (سبتمبر) الماضي، إلى بغداد لم تفضِ عن أي شيء بهذا الخصوص.