يتدارك الإنسان متأخراً \" وتحديداً الإنسان العربي \" في بعض الأحيان انه يقع فريسة في شباك بما يسمى \" الفراغ القاتل \" نتيجة عوامل متعددة عبر مسيرة الحياة ، والذي لا يقل في خطورته عن العديد من الأمراض المستعصية أو المزمنة الشائعة الانتشار بين البشر ، أو تلك الأمراض التي يكتنفها الغموض على الأغلب وتنهش أجسادنا ببطء دون العثور على ترياقٍ ينجينا من فتكها .. وخاصة فيما بين هؤلاء الذين لا يعرفون طريق نور تخرجهم من ظلمة الفراغ إلى نور الحياة ، أو كمثل هؤلاء الذين سرقتهم متع الحياة وملذاتها كنوع من الهروب من الذات إلى ما هو أبعد من العيش من أجل البقاء بحياة أمنة ومستقرة .. وبالتالي أصبحوا في صراعٍ دائم مع هذا الداء ، فمنهم من كان لهم الرحمن عز وجل حافظاً ، ومنهم من باتت وصف أفعالهم أقرب إلى مأساة يومية تعكر صفو حياتهم وحياة أسرهم ومجتمعهم الذي ينتمون إليه .. فذهبوا للبحث عن أساليب جديدة للخروج من شباك ذاك الداء ، وكلٌ حسب تقديره في اختيار الأسلوب الذي من الممكن أن يخرجه من هذا الشرك المميت .. فمنهم طائفة أصبح مفهوم \" الانتحار \" لديها له سمة الأولوية ، ما يعني هو انتهاك ما حرم الله في كافة كتبه السماوية هي \" إزهاق الروح البشرية \" .. وطائفة أخرى راحت تبحث عن الأفعال الخارجة على مبادئ عقيدتنا والقوانين البشرية ، فاتخذوا جرائم السلب والنهب والاحتيال والاختلاس والسطو المسلح مفهوم \" عيش \" ، وليس خروجاً على مبادئ الدين الحنيف أو العادات والتقاليد التي ما أن حافظنا عليها سيبقى نور الحياة أقرب إلينا من ظلمته ..!!
ومن هؤلاء أيضاَ منْ استسلم وقتل وقت الفراغ ليقع فريسة في شركٍ أكثر تهلكةٍ مما كان عليه في ذاك الفراغ ، فكان له مروجي السموم بالمرصاد .. فاقتنصوه فريسة سهلة لتعاطي سمومهم مرة تلو الأخرى ليتحول فيما بعد من متعاطٍ لتلك الآفة إلى مروجٍ لها كنوع من التطور التجاري \" باعتقادهم \" الذي من الممكن أن يرفعهم إلى مرتبة الثراء الفاحش بكل يسر وسهولة ، غير آبهين لعواقب ومخاطر تجارتهم تلك والتي من الممكن أن تطال أبناءهم بالدرجة الأولى وأبناء المجتمع كافة ، لا تستثني أحداً صغيراً كان أم كبيراً فيما إذا تفاقمت إلى صورةٍ يصعب التندر إلى الخطوط الأولى لترياقها والنجاة من موت محقق .. !!
فنحن إذاً لا زلنا بحاجة إلى تثقيفٍ واعٍ ومدروس في كيفية تحويل وقت الفراغ من الحالة السلبية إلى الحالة الايجابية ، ومن حالة مرضية إلى حالة صحية تفيد الإنسان ومجتمعة ، وعلينا أن نسعى جاهدين وبكل ما أوتينا من قوة إلى إغلاق كافة الأبواب في وجه تجار السموم هؤلاء ، الذين أدمنوا على الاصطياد بالماء العكر لترويج سمومهم بين أبناء المجتمع ..!!
ويجب أن لا يقف هذا التثقيف عند مستوى طلبة المدارس أو الجامعات فحسب .. فهؤلاء يقعون في شركها من باب الفضول و حب الإطلاع .. بل لا بد من أن يتجاوز ذلك إلى ممن هم في خريف العمر أيضاً ممن ثقلت عليهم هموم الحياة وسدت أبواب العمل في وجوههم فذهبوا لسد عوزهم بما هو أكبر نفعاً مادياً من خلال المتاجرة بهذا السم القاتل ..!!
ونحن كأبناء مجتمع مثقف متطور ، سبق في تطوره العديد من الدول .. لا بد من أن يكون لنا دور ودور فعال في هذا الاتجاه ، وأن لا نُحمّل نشامى الوطن \" مكافحة المخدرات \" حملاً قد يفوق طاقات البشر .. بل نسير وإياهم بخطيين متوازيين لينتهيا بقمع بؤرة الوباء تلك من جسم هذا الوطن ..!! م . سالم أحمد عكور akoursalem@yahoo.com