كريمان الكيالي - في ظل الالتزامات الكثيرة التي تثقل كاهل المواطنين بخاصة ذوي الدخل المحدود ،والاحتياجات المعيشية التي تتزايد ، يصعب توفير مبلغ ولو قليل من المال، ف»المصاري « لم يعد بها بركة وكله «رايح»ولايوجد من يخبىء قرشه الأبيض لليوم الأسود .!
يعرف التوفير بأنه الحد من المصروف وجعل النقود اكثر قيمة وفائدة ، بدلا من انفاقها في منفعة قليلة اوحبا في المظاهر ، بل ويعتبر الوسيلة الأمثل لمستقبل آمن يضع في الاعتبار تقلبات الزمن التي كثيرا ما تفاجىء الناس.
بعيدا عن صرة الجدات وقاصات البنوك، ثمة طريقة مختلفة لـ»التحويش « مبادرة يطلق عليها إسم «جمعية « - اذا جازالتعبير- حيث يتفق عدد من الاشخاص على الاغلب من الموظفين على اقتطاع مبلغ معين من رواتبهم كل شهرلفترة زمنية محددة تتراوح بين عدة اشهر او عام وهناك من يختار ان تكون عامين ، يتولى احدهم توزيع المبلغ الذي يتم جمعه كل شهرعلى احد المشتركين بحسب القرعة لضمان العدالة ، ومثل هذه الجمعية، لاتخضع بالطبع لمظلة الاتحاد العام للجميعات الخيرية ولا تسجل في وزارة التنمية الاجتماعية .
يتمكن كثيرون من خلال هذه الجمعيات من توفير مبلغ من المال إما للادخار، اولتلبية متطلبات الاسرة الكثيرة، كما تقول «ام معتز» وكانت قبل عامين بادرت لدعوة عدد من زملائها وزميلاتها في المؤسسة التي تعمل بها لعمل جمعية من اجل دفع اقساط ابنها في الجامعة ، حيث رحب كثيرون بالفكرة ووصل عدد المشتركين إلى عشرين، وبواقع 100 دينار شهريا ، وهذا يعني ان الفترة الزمنية للجمعية هي عشرين شهرا والمبلغ الذي سيتسلمه كل شخص هو الفا دينار وهو مبلغ جيد استطاع من خلاله احد الزملاء ان يؤمن دفعة أولى لشراء سيارة فيما ساعد المبلغ آخر في نفقات الزفاف ، كما وتمكن ثالث من دفع اقساط مدارس الابناء ، كما قامت زميلة بتجديد بعض من اثاث بيتها القديم ، اما اخرى فقد ادخرته للزمن كما تقول . وحول الالتزام في الدفع نهاية كل شهرتقول : منذ ان نتسلم الرواتب ، أبدأ بالإتصال مع الزملاء ، هناك من يتأخر يوما او يومين بسبب تحويل راتبه على بنك آخر، لكن الجميع يدفع وملتزم ، لأن كل شخص ينتظر دوره في الاستلام ، وجميع المشتركين طلبوا ان نجدد الجمعية بعد انتهائها لما لها من فوائد كثيرة كما يقولون. و يرجح البعض بان هذه الجمعيات عرفت من خلال المسلسلات والافلام العربية ، وهناك من يرى فيها البديل للشراء بالتقسيط الذي لم يعد يعمل به مع انه كان شائعا ايام زمان وكان يساعد الناس في تدبير شؤونهم كما يقول « ابو وائل « الذي اشترى اثاث بيته بالتقسيط في بداية ثمانينات القرن الماضي حين تزوج وبقي يسدد ثمنه قرابة عام ونصف، بواقع مائة دينار كل شهر.
هناك من يعتقد وهم كثر بأن «جمعيات التوفير» بمثابة طاقة فرج تفتح لهم ، فالراتب لم يعد يفي بمتطلبات الاسرة كما تقول الموظفة « أحلام» التي ما ان تنتهي من جمعية حتى تدخل في اخرى ، وماتوفره من مبلغ كل عام ، تستفيد منه في شراء مقتنيات تنقصها في المنزل ، ففي المبالغ التي وفرتها تمكنت من شراء مكيفات واستبدال بعض الادوات الكهربائية باخرى جديدة فمجموع ما نتقاضاه انا زوجي من رواتب لا يتعدى سبعمائة دينار تنفذ بين اقساط المدارس والجامعات والفواتير والبنزين والمتطلبات الاخرى.
واختارت الموظفة «منى 29عاما « وتتقاضي راتبا يصل بعد الخصومات 300 دينار ، ان تنضم لجمعية في المؤسسة التي تعمل بها وتقول : الراتب يضيع بين احتياجاتي كموظفة علاقات عامة لا بد لها من مظهر لائق وملابس «شيك « ولهذا لم اجد سوى هذه الطريقة للتوفير، من خلالها تمكنت من توفير دفعة اولى لسيارة اشتريتها بالتقسيط .
برغم مافيها من منافع بشهادة المستفيدين ، هناك من له وجهة نظر اخرى يعتبرونها عبئا كبيرا بخاصة اذا تسلم الشخص المبلغ في بداية الجمعية لأنه سيبقى يدفع اقساطها شهورا طويلة ، مما يشعره وكانه يسدد دينا متأخرا عليه كما تقول الموظفة «سهاد البلة « التي كثيرا ما تشترك مع زوجها في جمعيات من اجل دفع اقساط الابناء الذين يدرسون في مدارس خاصة .
اما موظف مبيعات»عامر» لديه اسرة مكونة من أربعة أفراد وراتبه لايتعدى 350 دينارا فيقول بان قسط الجمعية كثيرا ما يتعارض مع بعض الالتزامات العائلية التي تطرأ فجأة او تتصادف مع مناسبات رمضان والاعياد التي تحتاج نفقات اضافية .
اضافة الى ذلك ،هناك جمعيات تقيمها ربات البيوت ، وقد تكون بمبالغ قليلة عشرين او ثلاثين دينارا وفي احسن الاحوال تصل خمسين دينارا وتقول «ام مصطفى « بانها وبعد انتقالها لسكن جديد وجدت في الحي الذي تقطن به هذا التقليد فاشتركت بجمعية من فئة خمسين دينارا ، وتقول بأن هذا المبلغ يساعدها في دفع اقساط مدارس ولديها الاثنين كل عام .
الرأي