* الحد الادنى للعقوبة مرتبط باسقاط الحق الشخصي!
* بسطامي: العقوبة الرادعة برفع الحد الادنى!
* النجداوي: القيد الامني يضر بأسرة الجاني
* د. علوش: العولمة حولت البعض الى قتلة
* المدني: القانون تحول عند البعض الى وجهة نظر
* د. القضاة: لا تناسبنا قوانين الغرب
د. محادين: الخصخصة قادت للجرائم
* ام محمد (قاتل اخته): بقينا بلا معيل
زوجة تطلق النار على زوجها وتصيبه بطلقتين في الوجه والصدر فترديه قتيلا.. زوج يطلق النار على زوجته, والاولاد يفارقون الحياة فورا, زوجة اب تضرب ابنة زوجها ذات الاربع سنوات بالعصا حتى تكسر عظامها جميعا وتقتلها وتأخذ عشر سنوات سجن عقوبة, عائلة مكونة من ام واولادها شباب وبنات يتفننون في تعذيب زوجة الابن لمدة 22 يوما متواصلا حتى تقتلها ويأخذ كل فرد خمس سنوات سجن عقوبة.. اخ يقتل شقيقته ويأخذ عشر سنوات سجن عقوبة, اب يضرب ابنته حتى الموت بمساعدة ولديه ويأخذ 5 سنوات عقوبة, هذه جميعا قصص حقيقية نشرت في الصحف استنادا لاحكام المحاكم ووفقا لمحاضرة لمدير الامن العام فإن عدد قضايا العنف الاسري عام 2009 بلغت 1019 قضية. قصص تقشعر لها الابدان ويندى لها الجبين خاصة ان منفذيها ممن يُطلق عليهم اسم الاب او الام او الزوج او الاخ, هذا الاسم الذي اختصه الرحمن بالرحمة والود والبر! ليتحول في بعض الحالات الى »نار جهنم« بل الشيطان الاكبر الذي يأتي على الاخضر واليابس لا يردعه لا دين ولا خلق ولا ضمير, هذا السلوك المقيت المغث هل هو ناتج عن الجهل ام الوضع الاقتصادي المتردي منذ سنوات ام تراه تفكك الاسرة وتغير قيمها او لعله بسبب سهولة الحصول على الاسلحة ام تراه بسبب التمسح تارة بالشرف واخرى بالعشيرة?!.
ما هي اسبابه وهل هو دخيل علينا ام من صلب مجتمعنا وهل هناك رد مكافئ له لثقله على القلب والسمع والحياة. هل هناك قوانين رادعة في الصميم وملجمة لكل من تسول له نفسه العبث في القانون او في حياة المجتمع? ثم هل تكون العقوبة هي الرادع الحقيقي وحدها? حيث ان الجمهور والعلماء والباحثين جميعا يشيرون الى ان العقوبة يجب ان تطبق على الجميع من دون استثناءات وتتزامن مع حلول جذرية لحياة المجتمع الاقتصادية والاجتماعية.. خاصة ان جميع من اقدم على فعلته الشنيعة التي سمعنا عنها وذكرناها بغض النظر عن الدوافع استحق عقوبة لكنها ليست رادعة ولا تشكل اي نوع من الوعظ والعبرة في نظر المجتمع لانها خلت من عقوبة الاعدام لمن تسبب في القتل خاصة ان هناك احاديث متزايدة عن التوجه نحو الغاء عقوبة الاعدام.
والسؤال المهم هو لماذا يحدث ما يجري اليوم وهل فعلا العقوبات غير رادعة لانها تستند الى الحد الادنى من العقوبة في اغلبها او لانها لا تراعي الشريعة ولا تطبق على الجميع كما يقول بعض المحامين وهل هناك حاجة لتطوير القوانين الجزائية حيث تبرز الحاجة الملحة للنظر في احوال اسرة الجاني التي لا علاقة لها بما فعل الزوجة, الابناء,الام من حيث الاعالة لان القاتل يفصل من عمله ويسجل بحقه قيد امني فتبقى الاسرة بلا معيل في ظل الظرف الاقتصادي والاجتماعي المتدهور الذي يعيشه الاردن اليوم?!.
»العرب اليوم« عرضت هذه القضية على المختصين من اساتذة الاجتماع والاقتصاد والشريعة والقانونيين وبعض الاسر المتضررة وعلى رئيس محكمة الجنايات الكبرى فماذا قالوا?
قواعد الحلال والحرام
الدكتور محمد القضاة استاذ الشريعة/الجامعة الاردنية قال: امر الله سبحانه وتعالى بالاحسان الى الزوجة والاولاد وايضا الزوج لان العلاقة التي تربط بين افراد الاسرة تقوم على السكن النفسي والروحي وتقوم على المودة والمحبة واذا عرف كلا الزوجين ما له وما عليه من حقوق وواجبات فان ذلك يختصر الكثير من المشاكل والنزاعات التي تحدث بينهما وقد جعل الله العلاقة بين الابوين والاولاد علاقة قائمة على الاحترام والتقدير وان يقدم الوالد لابنائه كل ما يحتاجون اذا كانوا في سن صغيرة وما نسمع عنه من وقوع حوادث العنف الاسري الواقعة على الاسرة; اي الزوجة والابناء وكذلك على الازواج فان هذا يدل على بعد من يرتكب هذه الجرائم, عن منهج الله وعدم معرفته قواعد الحلال والحرام ولو كانت الظروف الاقتصادية تضغط على الناس او كان بينهما شيء من الكراهية فان هذا لا يبرر وقوع مثل هذه الجرائم, كأن يقدم الزوج على قتل زوجته او تقدم الزوجة على قتل زوجها او يقدم الزوج على قتل ابنائه او ان تحدث بعض حالات الاغتصاب او تقدم بعض الزوجات على تشويه او قتل بعض الاولاد من ذكور او بنات لان هؤلاء الاطفال فقدوا الام بعد الموت والطلاق وما يوقع على مثل هؤلاء المجرمين من عقوبات فانها لا تشكل في نظري ردعا حقيقيا لارتكاب مثل هذه الجرائم.
وهذا رأي الشريعة الاسلامية لان العقوبات الرادعة لمثل هذه الحالات هي التي جاءت بها الشريعة الاسلامية والتي توقف مد الجريمة وارتكاب هذه الحالات البشعة التي حرمها الله سبحانه وتعالى مهما كانت هذه الظروف والعقوبة التي قررها الاسلام تتناسب مع الجرائم التي ترتكب لان الجزاء من جنس العمل ولو ان القضاء اخذ بما جاءت به الشريعة في القانون الجنائي الاسلامي فإنه سيقلل من حدة الجرائم التي تتضاعف مع الايام, لان العقوبات التي توقع على المجرمين عقوبات لا تتناسب مع حجم الجرائم ولان الله سبحانه وتعالى يقول »ولكم في القصاص حياة يا اولي الالباب« وسيبقى المجتمع غاصّا بالجرائم التي تزداد كل يوم ما دام القضاء بعيدا عن تطبيق العقوبات الشرعية لانها لا تميز بين انسان واخر فالمجرم يُعاقب مهما كانت منزلته وقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم) لاسامة بن زيد عندما اراد ان يشفع للمرأة المخزومية التي سرقت والذي نفس محمد بيده لو ان فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها«. وهذه قمة العدالة والانصاف
معظم القضاة خاصة في القضايا الجنائية مقتنعون تماما بان العلاج الجذري لاستئصال الجريمة هو علاج الشريعة, لان القوانين الوضعية التي اخذت من قوانين الغرب عاجزة وقاصرة عن ارساء قواعد العدالة لان ظروف كل امة تختلف عن الاخرى وما دام ان الشريعة الاسلامية تمتاز بالتوازن والشمول والرحمة فانها لا تظلم الحاكم والمحكوم, وعلى قضاتنا ان يلتقوا في مؤتمر جامع لبحث موضوع ازدياد الجرائم في ظل القوانين الوضعية لادخال القوانين الاسلامية المنصفة والتي لا تحابي طرفا على اخر هذا هو الحل الامثل اذا اردنا النجاة والكرامة لانساننا الذي كرمه الله.
العنف نقيض الرفق
د. حسين محادين استاذ علم اجتماع/جامعة مؤتة
بداية العنف نقيض الرفق وبالتالي فان ابسط تعريف له هو استخدام القوة لقهر الاخر او تهديده او نيل مكاسب غير عادلة او غير انسانية وتتجلى في انواع العنف الجسدي والجنسي والصحي »الحمل السريع والمتكرر« من دون اشتفاء الظروف الجنسية او التهديد المستمر للاخر داخل الاسرة ولذلك فان مقدمات بناء الاسرة تلعب دورا مهما في شكل العلاقات التي تقوم بها لاحقا من حيث قيم التسامح والتعاون وسيادة الاستغلال من قبل اي عضو من اعصاء الاسرة, وبمن في ذلك الوالدان اللذان يفترض ان يكونا القدوة في نظر ابنائهما, وبناء على ما سبق فان ارتفاع جرائم العنف الاسري لا تدرس بمعزل عن طبيعة واتجاه التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي صاحبت عمليات الخصخصة وما صاحبها, طالت اثارها مختلف شرائح المجتمع, وفي مركزها الاسرة الاردنية حيث ان القطاع العام السابق قبل خصخصته كان يمثل مظلة معقولة لمثل هذه العلاقات الانسانية داخل الاسرة الاردنية سواء من يوفر فرص عمل معقولة او توزيع مكتسبات التنمية او الحرص على تحقيق انسانية الفرد الاردني بدرجات لكننا نلاحظ ومن وجهة نظر علمية بحتة ان مشروعات الخصخصة قد اهملت الجوانب الاجتماعية المترتبة على منظومة الخصخصة والتي جعلت من الانسان الاردني انسانا مشظّا بين ثقافة الرقم اللاانسانية التي تقوم على الارباح وجني المكاسب لشريحة قليلة من المستثمرين المحليين والمرتبطين في السوق العالمي من جهة ومن جهة اخرى جعلت هذا الانسان يعيش غربة مضاعفة اجتماعية واقتصادية بسبب ظروفه السابقة وبالتالي اننا سنشهد تفسخا في منظومة القيم الانسانية وتراجعا في الثقافة الدينية وسيادة للقيم الفردية وقيم السوق التي هي بلا قلب, من هنا بدأت احاسيس الفرد الاردني في اسرته تتجه نحو (الانا المبالغ فيها) وفقدت الاسرة التواد والتراحم نسبيا وقلصت مشروع التكافل الذي كان سائدا من قبل اي اصبح كل منا يكرس جهده ونشاطه لاحساسه الذاتي وقدرته على زيادة رصيده المادي او الرقمي المجرد بمعزل عن الاخرين كجزء من انعكاسات قيم السوق الجديدة التي لا تهتز الا لصاحب الرقم اي من يملك مالا وبغض النظر عن وسيلة الحصول على المال.
واضاف محادين اصبحت الرشوة عنوانا مألوفا على مسامعنا واصبحت تجارة الجسد موضوعا فيه رأي وحتى للمثلية اصبح لها مناصرون من هنا لا نستغرب من ناحية اجرائية لماذا تمزق النسيج الاسري الذي ارتبط ايضا بالضعف وقلة الخبرات التي تزدوها لابنائها من الجنسين وبين الزواج كأننا امام ثقافة فجأة« اننا سنتزوج وفجأة اخرى نريد الانجاب وفجأة ثالثة نصطدم باسئلة الحياة ومتطلباتها ومن هنا يبدأ المأزق, اذ ان نسبة دخل الفرد تدنت وارتفاع نسب البطالة وانتشار متع الحس اللذية جراء تأثير »وسائل اعلامية جعلتنا امام مقارنات غير عادلة تثقل الاسرة او مع من نحب! الامر الذي هدد البناء الاسري وجعله في مهب الاحتمال بدليل ارتفاع نسب الطلاق للخاطبين وصلت الى 68% خلال العامين الماضيين, في الوقت الذي تشهد فيه حالات الطلاق في السنوات الاولى من الزواج ارتفاعا ملحوظا قارب 22% الامر الذي يضعنا جميعا امام تساؤل مفاده: هل وصل النخر جراء هذه التحولات المتسارعة في مجتمع مسلم الى النواه الاولى التي تقوم على الميثاق الغليظ كما ورد في القرآن وبالتالي يولد التحدي رغم وجود مؤسسات حماية الاسرة والمجلس الوطني الا اننا ما زلنا نقف عاجزين عن الحد من الزواج العرفي او انواع اخرى من الزواج مثلا او ظهور على استحياء مؤسسات موازية تقدم خدمات قريبة من هذا الموضوع اذا لنعترف ان مقدمات الزواج قبل الشروع به تفتقر الى النضج والخبرة المسبقة وبات مشروع الزواج بحاجة الى قراءة جديدة تقوم على »ان من ترضون دينه واخلاقه فزوجوه« كي نقلل نسب تأخر سن الزواج وان نحاول ان نحد من تأثيرات وسائل الاعلام غير السوية التي اصبحت متاحة للمشاهدة واضاف بان الجوانب التشريعية التي تبدأ من وعي الاسرة وابنائها تعمل على تقوية وسيادة وتدعيم اركان الاسرة مثلما تعمل سيادة قيم الحوار دورا مهما في تقليل مظاهر العنف, وان اعادة توزيع الادوار الاجتماعية والتكافلية داخل الاسرة يمكن ان تقلص من الصعوبات التي يعاني منها بعض الاسر وتحد من حجم الاستهلاك المظهري (غير الاساسي) الذي يعاني منه دخل الكثير من الاسر مثل الهاتف الخلوي وسرعة علاقتنا مع الاجهزة الكترونية حتى ان المجاملات الاجتماعية ترهق ميزانية الاسرة كما ان تنظيم موضوع الحمل من شأنه ان يجعل نوعا من التوازن بين الدخل ومستوى الحياة وقال اطالب بضرورة عقد مؤتمر علمي وسياسي لنتناول خطورة استمرار وضع العنف الاسري بالشكل الذي هو عليه, كما انادي بالتوسع في تدريس مساق المدخل لدراسة العنف الاسري, وجامعة (مؤتة) هي الرائدة في مستوى البكالوريوس والماجستير في هذا المجال.
ولا بد ان يعمم هذا المساق في المدارس واقول قيم الحوار هي الكفيلة بالحد من هذا العنف وحري بنا ان نتذكر بان علاقتنا الاسرية من حيث الديمقراطية او عكسها هي انعكاس او مرآة متبادلة في المجتمع الاكبر ومن لا يمتثل لقيم الحوار والديمقراطية في اسرته لا اعتقد انه سيكون ديمقراطيا في حال تبوأ مركزا في الحكومة او في مؤسسات المجتمع المدني.
الضوابط الاجتماعية
الدكتور ابراهيم علوش/اقتصاد/جامعة الزيتونة قال: تزداد معدلات العنف عادة في المجتمعات التي يصيبها ركود اقتصادي وكلما ازدادت حدة الركود وكلما قلت فرص العمل ولم تعد تكفي الرواتب لتأمين العيش الكريم كلما بحث الناس عن قنوات غير قانونية او شرعية لتأمين حياتهم لكن هذا ليس قانونا مطلقا بمعنى ان الضوابط الاجتماعية والقانونية والاخلاقية تفعل فعلها في تخفيف وطأة هذا القانون لكنها لا تلغيه والسرقة والجريمة تترابطان طرديا مع الركود الاقتصادي اي تزداد معه, في كل المجتمعات الحديثة ونعرف ان سيدنا عمر اوقف حد السرقة في عام المجاعة لكن ما نشهده اليوم ليس مجرد تغيير كمي بل تحول نوعي اي انه ليس صعودا طفيفا في الجريمة بسبب الوضع الاقتصادي بل تحول نوعي نحو الاسوأ يتعلق بضغوط العولمة على المجتمع وسيادة النزعة الاستهلاكية في الوقت الذي يشعر فيه كثير من الناس انهم غير قادرين على تلبية متطلبات العيش الكريم. مثل تلك الضغوط التي يتعامل معها الناس بطرق مختلفة وبالتالي ستتحول العائلة والعلاقات الانسانية والحياة الشخصية الى شيء خارجي عند الفرد بعد ان كانت تستوعبه ويصبح حكمه على الاشياء منطلقا من اعتبارات فردية محض وانانية وذاتية لان هذا هو طبيعة التوحش الذي تقرره الرأسملية المعوملة في البنية النفسية للفرد.
وقال: نحن مجتمع تقليدي محافظ يتعرض لضغوط العولمة وبالتالي يصبح المنظور الاساسي ويسود في المجتمع صراع الجميع ضد الجميع ويتحول الآخر الى شيء لا الى انسان ويسهل قتله واستغلاله والتعدي عليه لان هذا هو المنظور الذي تغرسه العولمة المتوحشة في ذهنية الافراد. وفي الحالات المتطرفة نجد القاتل الجماعي غير المبرر الناتج عن مثل هذه الضغوط هو امر شائع في المجتمعات الغربية والحل لا يبدأ بالوعظ الاخلاقي او الديني او غيره. بل التصدي لجذر المشكلة, وهو البنية الاجتماعية والاقتصادية وهذا ليس العامل الوحيد بالتأكيد والا لما وجدت فروقا بين الافراد في التعامل مع هذه الضغوط المتزايدة يوما بعد يوم.
تشديد العقوبة
المحامي باسل البسطامي قال: يلاحظ انتشار هذا النوع من السلوك الاجرامي في مجتمعنا في الاونة الاخيرة لاسباب عدة قد تكون من ضمنها وسائل الاعلام وانتشار المخدرات بشكل محدود والوضع المالي الناجم عن الاوضاع الاقتصادية ونلاحظ ان المشرع الاردني يقوم بين الحين والاخر بتعديل النصوص القانونية بالتشديد على العقوبة بهذا النوع من الجرائم اعملا بالقاعدة المعروفة »ان رادع العقوبة عنصر اساسي في الحد من انتشار الجريمة« وهذا الرادع يجب ان يكون متناسبا مع نوع الجرم وما اصاب المغدور /»الضحية« من اضرار مادية ومعنوية فمن هنا فان العديد من رجال القانون يطالبون بتشديد العقوبة في مثل هذه الجرائم مع التوجه الى الاعلام بوجوب الامتناع عن ايراد تفاصيل تلك الجرائم البشعة في الصحف اليومية, تلك الصحف التي تدخل كل بيت ويقرأها الصغير والكبير لان ميدان نشر تلك التفاصيل منوط بطلاب القانون والمحامين والقضاة وليس المواطن العادي واضاف وفي رأيي الشخصي انه يتوجب على المشرع رفع الحد الادنى للعقوبة في مثل هذه الجرائم التي تخص الاسرة حتى تكون يد المحاكم مُقيدة بخصوص تخفيض العقوبة في حالة اسقاط الحق الشخصي عن المتهم: اي بمعنى انه حتى ولو تم اسقاط الحق الشخصي من خلال العطوات العشائرية والجاهات يجب ان لا تقل العقوبة عن الحد الرادع والمساوي لحجم الجريمة وبشاعتها وتأثيرها على الاسرة.
ان هذا النوع من الجرائم والذي قد يبدأ بالشتائم وينتهي بالقتل العمد يؤثر في البنية الاساسية للمجتمع وهي الاسرة وانتفاء رادع العقوبة القوي يشجع ضعاف النفوس على ارتكاب الجرائم بانواعها التي تمس الاسرة وتماسكها. لقد طرأت تعديلات على قانون العقوبات في الاشهر القليلة الماضية حيث تم الغاء عقوبة الاعدام في عدة جرائم وذلك بتأثير الدعوات الدولية المطالبة بالغاء عقوبة »الاعدام« في جميع الجرائم وانا شخصيا ضد هذا الرأي لان هناك انواعا من الجرائم تتعلق بالاسرة او بغيرها ولا يملك القاضي النزيه العادل إلا ان يحكم باقصى العقوبة على مرتكبها كجرائم اغتصاب القاصرين والقاصرات والجرائم البشعة المشابهة والتي اصبحنا نسمع عن ازدياد عددها في مجتمع محافظ كمجتمعنا.
حذافير القانون
الاستاذ نعيم المدني - محام - قال: هذه الاحداث التي تتم انما تتم لغياب بعض المؤسسات الرسمية وهذا يؤدي الى الشرذمة وغياب القانون وغياب من يطبق القانون بحذافيره على الوقائع التي تمت, اما موضع الفقر والاوضاع الاقتصادية فهذه الامور ليست وليدة الساعة بل هذا ما كنا نعيشه سابقا ولم يكن وضعنا كما هو اليوم ولم تكن تحدث هذه الجرائم بسبب الفقر, لكن عندما يكون هناك قانون يطبق على الجميع ولا يستثني احدا كما لا يطبق القانون بجانب العشائرية (حيث كل شيء بفنجان قهوة).
ومن المفترض ان لا يكون هناك استثناء على تطبيق القوانين وهذا هو السبب الاساسي فيما نرى اليوم من وقائع واحداث, فالقانون يجب ان يطبق على الجميع ومن دون تدخل.
اضاف: نحترم القانون لانه قانون وليس لاننا نستطيع تحويره وتبديله!! وللاسف اليوم صاحب الجولة والصولة يحول القانون الى وجهة نظر..
اما ما يقال عن الشريعة, فاقول الشريعة الاسلامية تضمنت عقوبات وزجر لجرائم القتل والزنا لكنها لم تتضمن الجرائم الجديدة البشعة والشاذة التي يعاني منها المجتمع, وهنا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم »اذا سرق الشريف تركتوه ولو سرق الضعيف لاقمتم عليه الحد«! وهذا ما هو حاصل عندنا اليوم فنحن هنا اخذنا بالقانون... غير ان الحل لكل ما نواجهه هو تطبيق القانون على الجميع كما لا بد من تطبيق المادة السادسة من الدستور الاردني والتي تنص على ان المواطنين سواسية امام القانون!!
قابيل قتل هابيل
الاستاذ احمد النجداوي - محام - قال: الجريمة بشكل عام ظاهرة كونية منذ الازل عندما قتل قابيل اخاه هابيل وهذا الامر انسحب على الكون بمجمله ليبقى الخير والشر يتنازعان العنصر البشري وقد قال تعالى في كتابه العزيز »اهبطوا الى الارض بعضكم لبعض عدوا« اذا ما بقي الوجود سيبقى الخير والشر يتنازعان النفس البشرية في المجتمعات الحديثة بحكم التطور الذي حدث والمتسارع في الاحداث ووسائل الاتصال والتكنولوجيا والتعقيدات الاقتصادية والاجتماعية الحديثة يكون امرا طبيعيا ان تتزايد نسبة الجريمة.
واضاف عندما ندرس اسباب تزايد الجرائم في الاردن نقول انه اولا ليس مقتصرا على الاردن وحده بل شأن كل المجتمعات وما دام المجتمع يتوسع والناس تتكاثر بسرعة عندنا وتزداد الثروات ايضا فلا بد ان ينشأ عن هذا جرائم اجرامية اكثر.. والسؤال هل العقوبة مهما ازدادت ومهما تنوعت يمكن ان تحد من الجريمة الجواب لا!!
فقبل العقاب وتشديد العقوبة يجب ان نعالج اسباب الجريمة!! واسبابها ربما تعود للحالة الاقتصادية حيث تتفاوت الثروات ويتعمق الفقر والجوع بينما يزداد الثراء في بعض فئات المجتمع وهي قليلة وكلما ازداد الفقر والبطالة والجوع يصبح المناخ مهيئا للجريمة.
هناك اسباب اخرى وهي اجتماعية ويندرج تحتها العادات والتقاليد ونمو وتزايد الروح الفردية والقبلية والعائلية وبكل اسف الاجهزة المختصة اذا لم تكن تقاضي عن هذه فهي تشجعها وكذلك النزوح الدائم والتكاثر في المجتمعات البشرية مثل المخيمات نتيجة الهجرات المتتالية من فلسطين والعراق وغيرها هذه الهجرات ترتب عليها ازدحام لا تتوفر فيه وسائل الحياة العادية, يكثر فيها الاكتظاظ والاحتكاك بين فئات السكان والولاءات المتكاثرة وعدم الرعاية وانفصال بين الازواج وهذا كله يُرتب استحقاقات جرمية.
واوضح النجداوي بان وسائل الاعلام والاتصال والفضائيات والصحف كثيرة جدا ومعظم هذه الوسائل لا تراعي مواضيع التربية الاجتماعية السليمة وهذا يؤدي الى ان يشاهد الاطفال والمراهقون والكبار احيانا صور القتل والجريمة والمناظر الشاذة., كما ان غلاء المهور وما يجري من عادات تعجيزية تؤدي الى العزوف عن الزواج او عدم القدرة عليه مما ادى الى كثرة العزاب ذكورا واناثا وهذا له استحقاقاته في مجال التواصل والاتصال غير المشروع وبالتالي الهروب الى حيث مجالات الجريمة ومن هنا واجب الدولة ان كانت تريد محاربة الجريمة او الحد منها ان تعالج هذه القضايا.
وقال بالنسبة الى »العقوبات« فان كافة الاحصائيات واقوال علماء الاجتماع وغيرهم يقولون بان العقوبة وحدها مهما جرى تشديدها لا يمكن ان تردع عن الجريمة لذلك في النظام العقابي يجب ان يُؤخذ بتدابير اخرى غير التشديد من حيث »تفريد العقوبة« اي مرعاة ان من يحكم عليه بعقوبة لا تطاله وحده بل كل الاسرة, كما ان هناك خطأ ايضا فمثلا شخص يعمل بوظيفة او عمل ما.. ويُحكم عليه بعقوبة فينفصل من العمل ويسجل »قيد امني« يؤدي الى حرمانه واسرته من باب الرزق.. فالعقوبة اذا لا تطال المتهم وحده بل الاسرة جميعها مما يتوجب مراعاة هذه الامور.
وبين بان الشريعة تتكون من عدة جوانب, العبادات, المعاملات, والقصاص.. والذي فيه اراء مختلفة.. وتبقى المعاملات وهي متغيرة ولها احتياجات وعناصر متطورة واليوم لا استطيع ان اطبق وسائل الردع التي كانت في صدر الاسلام في عصرنا الحالي واقول ان الاسلام هو الحل.
اذا العقوبة مهما بلغت لا تجدي.. فهناك من يرتكب جريمة لينهي حياته.. يريد الاعدام!! العقوبة ليست ردعا وجميع العقوبات الشرعية والوصفية لا تردع والردع يكون بمعالجة اسباب الجريمة وليس بنتائجها من منطلق ان السياسة العقابية يجب ان تبدأ وقائية لا ان تبدأ استئصالية والحكومات المتعاقبة لم تعمل بهذه الطريقة ومن هنا هذه الجرائم ستزداد وتكثر.
ام محمد ارملة وام لشاب قتل اخته قالت: ابني الوحيد شاب والمجتمع يعيره باخته وسلوكها الخاطئ ليل نهار, فقتلها ليتخلص من كلام الناس وحيث نقطن في منطقة شعبية والجيران يتدخلون في حياتنا وقد حكم عليه عشر سنوات سجن وهو متزوج ولديه ولد عمره 3 سنوات وبنت عمرها اربع سنوات وزوجته لا تعمل وانا عمري 70 عاما وارملة وزوجي كان يعمل (آذنا) في مدرسة وتوفي واليوم لا معيل لنا.. الا وجه الله.
والدين كسر ظهورنا, فالاولاد لهم احتياجات والتنمية تعطي زوجته (130) دينارا وهذا كل ما نحصل عليه!!
واضافت باكية.. والله لما اريد زيارته ادفع ستة دنانير لانه في سجن »سواقة« واناشد جلالة الملك ان يساعدنا ويخفف حكم ولدي وعلى الجميع مساعدتنا لان الولد والبنت لا دخل لهما بما فعله ابوهما!! وزوجته فقيرة لا صنعة يدها وانا لا استطيع.. فانا كبيرة ومتعبة.
استخدام السلطة التقديرية
الدكتور نايف السمارات - رئيس محكمة الجنايات الكبرى قال: ابتداء حتى نعرف ما هو العنف الاسري.. لا بد من ان يكون هناك تعريف مشترك يتفق عليه كل من له علاقة بقضايا هذا العنف ليشرح ما هو مفهومه? وهل ان كل جريمة تقع يمكن ان تصنف تحت هذا المسمى? فالعنف الاسري من مفهوم واسع, كل قضايا المجتمع تدخل ضمن هذا المفهوم لان كل مرتكب جريمة هو عضو في الاسرة كذلك الضحية فهو عضو اسرة.. اذا المفهوم الواسع يشمل الجميع ولكن في المفهوم الذي يتفق عليه الجميع بمعنى العنف الاسري هو الافعال الجرمية التي ترتكب من قبل احد افراد الاسرة على شخص اخر من ذات الاسرة وهذه الاسرة هي الاسرة الصغيرة ولا يمكن ان يتم التوسع في المفهوم ليشمل العشيرة.
فاذا ما اتفقنا ان قضايا العنف الاسري هي التي تتعلق بالعنف الصادر من شخص من اسرة محددة على الضحية الذي بالضرورة ان يكون من ذات الاسرة, هنا يمكن ان نحصر القضايا ضمن مفهوم العنف الاسري, وهي جرائم تحكمها نصوص ليست مجموعة في قانون واحد فهي موزعة في قوانين كثيرة اهمها العقوبات واذا انطلقنا من هذا الاساس فنستطيع ان نقول ان جرائم القتل التي ترتكب من قبل فرد في الاسرة ضد اخر بغض النظر عن معرفة اسبابها ودوافعها وجرائم الايذاء الصادرة ايضا عن ذات الاطراف وجرائم التحرش الجنسي وكل فعل ممكن ان يُصنف بانه تعنيف كتعنيف الزوج للزوجة والذي قد يُصاحبه الايذاء, كل ذلك يدخل بالضرورة ضمن مفهوم العنف الاسري, اما ما هو اشد هذه الجرائم واكثرها غرابة فهي الجرائم التي لم يكن يعرفها مجتمعنا في السابق عندما نسمع بان رب الاسرة يقتل افراد اسرته من زوجة واطفال. هذه اكثر القضايا التي تثير الاشمئزاز والاستغراب والاستنكار تليها ايضا من حيث درجة الخطورة التحرش الجنسي الذي قد يصدر من الاب تجاه احد بناته او الاخ تجاه احدى اخواته, هذه امور غير مقبولة ولا يتصورها العقل والمنطق وكلها تحصل وموجودة اما ان اعتبرنا هذه القضايا من صلب المجتمع هنا لا بد اولا من تحديد اسبابها لمعرفة الاجابة, وللحديث في اسباب العنف الاسري فنحن بحاجة الى حوار خاص فقط عن الاسباب!!
لكن من اهم اسبابه تفكك الاسرة وضعف الوعي والوضع الاقتصادي السيئ وغياب الثقافة العامة والبعد عن التسامح, كل هذه الاسباب تؤدي الى ظهور مشاكل وانحلال الاسرة وتفككها والتي قد لا تحمل طابع العنف في بدايتها لكن تؤدي بالضرورة بعد ذلك الى ظهور العنف الاسري في المفهوم الذي تحدثنا عنه.
واضاف بان الاسرة الاردنية من الاسر المحافظة عموما لكن مع تطور وتمدن المجتمع وسهولة الاتصال وانتقال المعلومة بدأت الاسرة تدفع ثمنا لهذا التمدن والثمن هو الضرر الذي يصيب العلاقات الاجتماعية نفسها مثل عدم تفهم افراد الاسرة ذاتها لمشاكل بعضهم بعضا وعدم قدرتهم على حلها اذا كانت بسيطة بانفسهم.. اذا هذه الظاهرة على هذا النحو لا يمكن ان نسميها دخيلة لان الظاهرة الدخيلة على المجتمع هي التي تأتي فقط مع فئة سكانية معينة هُجّرت او سُكنت قسرا في البلد ولكن بما ان الاحصائيات تفيد بان جرائم العنف الاسري لا تنحصر في فئة من فئات المجتمع الاردني المتعدد الاطياف بل لا تكاد منطقة تخلو من هذه الظاهرة فان المفهوم المنطقي لهذه الظاهرة هو ضرورة الاعتراف بانها مشكلة مجتمع ككل موجودة في العديد من اسرنا الاردنية ولا بد من ايجاد الحلول لها.
الان اذا تحدثنا عن جرائم العنف الاسري التي تم تعقبها والقبض على مرتكبيها وتحويلهم الى القضاء فهنا تصبح المسألة مسألة قانونية وبالتالي تتعامل المحاكم معها كقضية فيها ادوار للاثبات فاذا ما توصلت المحكمة الجزائية الى القناعة المطلقة بان الفعل الجرمي قد ارتكب فعلا, فقط في هذه الحالة يتم الانتقال للحديث عن العقوبة وهنا يثور السؤال هل الاحكام الصادرة بحق مرتكبي هذه الجرائم رادعة ام لا?
المفهوم السائد
ويضيف في هذا السياق لا بد من الحديث بعجالة عن الغاية المتوخاة ابتداء من العقوبة هل العقوبة للقصاص من مرتكب الفعل الجرمي?! لدى العامة هذا هو المفهوم السائد عن غايات العقوبة لكن في السياسات الجنائية وبالتالي لدى مشرع العقوبة لها هدفان الاول يتمثل بالردع الخاص وهو مفهوم القصاص بمعنى مجازاة مرتكب الفعل عما اقترفت يداه والثاني هو الردع العام يعني ان يكون الذي حكم عليه بالعقوبة عبرة للاخرين ليروا ما يترتب على الفعل الجرمي.
نعود هنا الى الحالات موضوع الحديث فنجد ان القوانين قد نصت على عقوبات في مجملها رادعة اذا اخذناها من الناحية النظرية لكن تبقى المشكلة قائمة انه مع وجود هذه القوانين التي يجب ان تكون كافية للردع الا ان قضايا العنف الاسري بازدياد وليس بتناقص وهذا يجرح فكرة الردع العام التي تهدف اليها العقوبة وهذا له عدة اسباب اهمها غياب الثقافة القانونية لدى المجتمع الاردني والدليل على ذلك انه عندما تنشر في الصحافة احيانا تعليقات على احكام قضائية صدرت بقضايا عنف اسري اخذت طابع الرأي العام لا تنقل الصورة بشكلها الحقيقي ولا يفهم القارئ مثلا ما بين القتل عمدا او قصدا او القتل المفضي الى الموت ويأخذ فقط بالنتيجة بان هناك ضحية اي قتل انسان!! المحاكم لا تتعامل مع القضايا بالمفهوم الشعبي بل تطبق النصوص التي راعت التدرج في فداحة الفعل وما يستوجبه من تدرج في العقوبة فمن يضرب شخصا ولا يقصد قتله انما نتيجة قلة احترازه في الضرب او الايذاء نتج عن ذلك موت المعتدى عليه.. هنا يختلف فعله عمن ترصد وتربص بضحيته واقتنص الفرصة التي يراها مناسبة ليجهز عليه وبالتالي من الطبيعي ان تكون عقوبة كل منهما مختلفة عن الثاني.
ولا بد من الاعتراف ايضا باننا كجهات قضائية نتحمل جانبا من هذه الثقافة العامة السائدة في المجتمع وفي بعض الحالات لا نحسن اختيار السلطة التقديرية في تحديد العقوبة المناسبة للفعل,.. لان النصوص القانونية الجزائية عندما تتحدث عن العقوبة في اغلبها تضع حدا ادنى وحدا اعلى لها وبما ان اغلب قضايا العنف الاسري تنتهي باسقاط اصحاب الحق الشخصي لحقهم فتنطق المحكمة بالحد الادنى للعقوبة ومن ثم استخدام الاسباب المخففة فتنزل بالعقوبة الى مستويات لا ارى شخصيا انها تتناسب مع جسامة الفعل خاصة عندما تتحدث عن ان ضحية العنف الاسري قد توفي.
واعتبر شخصيا بانه الوحيد صاحب الحق في اسقاط حقه الشخصي وليس بقية افراد الاسرة هم من دفعه لارتكاب جريمته فاذا كان من مسوغ لاجراء تعديلات تشريعية لجعل النصوص القانونية التي تحكم العقوبة ذات فعالية اكثر حيث الردع لا بد من رفع الحد الادنى للعقوبة.
وبين السمارات بان الحل لمشاكل العنف الاسري هو سؤال شائك ولا احد يستطيع ان يعطي وصفة جاهزة له وانما يجب ان تكون هناك استراتيجية وطنية حقيقية يشارك في ابرازها الى حيز الوجود كافة الاطراف التي لها علاقة في التعامل مع العنف الاسري نتوقف فيها عند اسبابه وكيفية التعامل معها ومع مرتكبي مشاكل العنف الاسري اثناء قضائهم مدة المحكومية وبعد خروجهم الى المجتمع, واود التركيز على ان افراد الاسرة خاصة اذا كان المحكوم هو المعيل الوحيد للاسرة هم الاكثر تضررا من العنف والحكم على حد سواء وبالتالي لا بد من اخذ هذه المعادلة بعين الاعتبار وايجاد الحلول الناجعة لها والعمل على تعزيز الوعي والثقافة القانونية في المدرسة ابتداء وفي الجامعة ايضا.
العرب اليوم / ماجدة عطالله