زاد الاردن الاخباري -
بدأت في تونس اليوم الثلاثاء أعمال الدورة السابعة والعشرين لمجلس وزراء الداخلية العرب برئاسة نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية نايف سعود القاضي.
وقال القاضي خلال افتتاح الدورة التي عقدت برعاية الرئيس التونسي زين العابدين بن علي ان أعمال هذه الدورة تنعقد في ظل ظروف عربية وعالمية غاية في الدقة، وفي ظل متغيرات متسارعة تعيشها أمتنا العربية الإسلامية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وما نتج عنها من تطورات على صعيد الظواهـر الجرمية المختلفة.
واضاف ان هذه التطورات أصبحت تشكل التحدي الأكبر لنا جميعاً في كيفية التعامل معها ومواجهتها خاصة مع بروز وتنامي ظاهرة خطيرة على مجتمعاتنا العربية وديننا الإسلامي الحنيف الداعي الى التسامح والتعامل بعقلانية مع الآخر، ألا وهي ظاهرة الإرهاب.
واشار الى ان الارهاب ما زال يشكل هاجساً أمنياً لنا جميعاً، نسعى لمكافحته بشتى الوسائل ويلقى منا كل الإدانة والاستنكار، مؤكدا انه من أخطر الظواهر الجرمية على الإطلاق، ولم يعد بإمكان أي دولة في العالم أن تكون في مأمن منه، وما زالت العديد من دولنا العربية عُرضة الى خطره.
واشاد القاضي خلال كلمته بالدور الحازم لمجلس وزراء الداخلية العرب بالتصدي لهذه الظاهرة بكل شجاعة ومسؤولية، سواء ما تم على صعيد الإتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب أو الاستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب وخططها المرحلية، مؤكداً أهمية استمرار التعاون والتنسيق المتواصل بين أجهزتنا العربية المعنية بالتصدي لهذه الظاهرة مع ضرورة إيلائها كل العناية والدراسة لمعالجتها من كافة جوانبها، ووضع الحلول المناسبة لمسبباتها.
واضاف اننا نسعى من خلال اجتماعنا اليوم الى توحيد جهودنا، وتوجيهها في مواجهة أشكال وأنماط مختلفة من الجريمة، والتي بدأت تتطور نتيجة للتقدم الحاصل في وسائل الاتصال وتكنولوجيا المعلومات، مشيرا الى ان جرائم المخدرات، الجريمة المنظمة، جرائم تقنية المعلومات، الإتجار بالبشر وغيرها تتطلب منا جميعاً الارتقاء بتقنيات العمل الأمني، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي بين الحكومات، لأن من الصعوبة بمكان على دولة وحدها مهما كانت امكانياتها المادية والبشرية أن تتصدى بفاعلية لهذه الظواهر الجرمية دون العمل والتعاون في إطار ثنائي وجماعي.
واكد ان الاردن من جهته يسعى بجدية وحزم ووفق امكانياتنا المتاحة للتعامل مع مختلف الظواهر الجرمية، والوقوف في وجهها حيث يتم باستمرار اتخاذ العديد من الإجراءات التنفيذية والتشريعية اللازمة لمواجهتها.
وقال وزير الداخلية اننا تمكنا من التصدي لمثل تلك الظواهر، وخاصة في مجال مكافحة الإرهاب من خـلال المساعي الجادة والحثيثة لمحاربة التنظيمات الإرهابية، وملاحقة شبكاتها أينما وجدت، حماية لأمننا وسلامة مواطنينا، حيث تعرض الأردن لعمليات إرهابية استهدفت أمنه واستقراره، ودفع ثمناً لها العشرات من أرواح أبنائه شهداء ومصابين.
واكد حرص الاردن بعدم السماح، وتحت أي ظرف كان باستخدام الأراضي الأردنية منطلقا للقيام بأي عمليات إرهابية ضد أي دولة، مشيرا الى أننا سنستمر في محاربة الإرهاب والإرهابيين ليس دفاعا عن بلدنا ومواطنينا فحسب، وإنما دفاعا عن صورة الإسلام السمح وقيم ديننا الحنيف الذي ينبذ العنف ويدين التطرف والتعصب، وسعياً منا للمساهمـة فـي تحقيـق الأمن والسلم الدوليين.
واشار الى اهتمام الاردن في تعزيز التعاون والتنسيق مع كافة الأشقاء بما يخدم مصالح الأمة، والدفاع عن حقوقها وقضاياها العادلة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
كما اكد عزم الأردن بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين على المضي قدماً في تقديم الدعم الموصول للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني الشقيق، مشيرا الى ان السلام والاستقرار في المنطقة لن يتحققا الا بنيل الشعب الفلسطيني حقوقه كاملة وفي مقدمتها إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وفي سياق اقليمي يحقق السلام العادل والشامل في المنطقة يكون فيه الأخوة الفلسطينيون هم أصحاب الحق في إدارة دولتهم ومؤسساتهم دون تدخل من أحد.
وعبر عن حرص الأردن الدائم على ضرورة إلتزام جميع الفلسطينيين بوحدة الموقف وإنهاء الانقسام الحاصل حالياً الذي من شأنه تشتيت الجهود وإضعاف الآمال بالوصول الى ما نتطلع إليه لحل القضية الفلسطينية.
وثمن القاضي الجهود التي تبذلها أطراف إقليمية ودولية مخلصة لإحلال السلام في المنطقة وعلى رأسها الجهود التي يبذلها الاخوة في الدول العربية الشقيقة لإحياء عملية السلام ووقف الاستيطان في القدس والضفة الغربية والذي ندينه ونشجبه وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي ضمن إطار زمني محدد وواضح وضمن المرجعيات المعتمدة وخصوصاً مبادرة السـلام العربية بحيث تعالج جميـع قضايا الوضع النهائي وصولاً الى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة وعاصمتها القدس الشرقية وبما يحقق الانسحاب الإسرائيلي من كافة الأراضي الفلسطينية والعربية التي احتلت عام 1967 ويعيد الحقوق الفلسطينية والعربية.
وقال القاضي ان حل قضية فلسطين بشمولية وعدل سيكون العامل الأساس في نزع فتيل كل المشكلات القائمة في المنطقة وعلى رأسها الإرهاب، وتحقيق السلام والازدهار لشعوبها.
وفي الشأن العراقي قال وزير الداخلية ان الاردن وقف بكل امكاناته الى جانب الأشقاء العراقيين في سعيهم الدؤوب لاستعادة أمن واستقرار بلدهم العزيز، وبما يسهم في توفير الاجواء المناسبة لبناء مؤسساته، لتحقيق ما يصبو اليه الشعب العراقي الشقيق من تقدم وازدهار، لافتا الى انه تم اتخاذ العديد من الإجراءات لضبط الحدود المشتركة مع العراق الشقيـق لمنع الأذى عنه وتحصينه ضد أي مخاطر تحيق بأمنه واستقراره.
وبين ان الحكومة الأردنية وبتوجيهات ملكية سامية تواصل تقديم كل الرعاية والمساعدة للأشقاء العراقيين المقيمين على أراضي المملكة، بما يمكنهم من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي باعتبارهم ضيوفاً أعزاء، حيث تم السماح للأشقاء العراقيين المتواجدين على الأراضي الأردنية الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية العراقية التي جرت مؤخراً من خلال فتح مراكز للاقتراع في عدد من المدن الأردنية، لإتاحة الفرصة أمامهم للمساهمة في دعم وتعزيز الحياة الديمقراطية في بلدهم العزيز.
واشار الى أهمية تطوير وتمتين علاقات التعاون الأمني الثنائي والجماعي بين جمهورية العراق والدول المجاورة له، والتي تُبحث في الاجتماعات السنوية التي يعقدها وزراء داخلية دول جوار العراق، والتي كان آخرها الاجتماع السادس في مدينة شرم الشيخ بدعوة من حكومة جمهورية مصر العربية الشقيقة خلال شهر تشرين الأول الماضي، وما نتج عنه من قرارات، تجّلت بالاتفاق على تجديد العمل ببروتوكول التعاون الأمني الموقع بين العراق ودول الجوار خلال اجتماع جدة بالمملكة العربية السعودية الشقيقة في العام 2006.
وفيما يتعلق بالشأن الايراني قال القاضي ان امن الدول العربية وإستقرارها مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالأمن الإقليمي في المنطقة ككل، مشيرا الى ان ما يحدث على مستوى الإقليم يؤثر بشكل مباشر على أمن الدول العربية.
وقال انه انطلاقا من ذلك فان الأردن يرفض أي خيار آخر في التعامل مع إيران ويؤكد دعمه للحلول الدبلوماسية والسياسية للأزمة القائمة بشأن برنامجها النووي، مشيرا الى تأكيد الاردن على حق جميع الدول في إمتلاك الطاقة النووية للأغراض السلمية وعلى ضرورة التعامل بشفافية مع جميع الملفات النووية في المنطقة بما في ذلك الملف النووي الإسرائيلي.
واضاف اننا نتطلع بإهتمام إلى الاجتماع السابع المقبل والذي ستستضيفه مملكة البحرين الشقيقة خلال العام الحالي، لبحث سبل آليات تعزيز التعاون والتنسيق بين دول الجوار ومع العراق الشقيق وخاصة في مجالات مكافحة الإرهاب، وضبط الحدود، وغيرها من المواضيع ذات الإهتمام المشترك، والتي تهدف في مجملها الى تقديم كل ما من شأنه دعم أمن واستقرار العراق الشقيق والذي بدوره سينعكس على أمن واستقرار كافة دول الجوار.
واشار القاضي الى ان جدول اعمال الدورة السابعة والعشرين لمجلس وزراء الداخلية العرب لهذا العام يتضمن العديد من الموضوعات التي تعالج اهم القضايا الأمنية المعاصرة، مؤكدا اننا قادرون على اتخاذ المزيد من القرارات اللازمة بشأنها، وتوحيد الرؤى وتكثيف الجهود فيما بيننا لمواجهتها، من اجل المحافظة على امن واستقرار دولنا، وحماية شعوبنا من اخطارها.
وكان القاضي ثمن في بداية كلمته ما ورد في كلمة الرئيس التونسي التوجيهية، مطالبا باعتبارها الكلمة الرئيسية في أعمال الدورة.
وشارك في الدورة اضافة الى وزراء الداخلية العرب ممثل الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، رفيق بلحاج قاسم، والرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبد العزيز، والأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب الدكتور محمد بن علي كومان، ورئيس جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية الدكتور عبد العزيز بن صقر الغامدي ووفود أمنية رفيعة المستوى وممثلون عن الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي واتحاد المغرب العربي ومنظمة العمل العربية والاتحاد الرياضي العربي للشرطة.
وأكد الرئيس التونسي زين العابدين بن علي في كلمته في افتتاح هذه الدورة وألقاها نيابة عنه وزير الداخلية والتنمية المحلية التونسي أن ما يشهده العالم اليوم من تحولات متسارعة في مختلف القطاعات والمجالات يحتم على الجميع العمل الدؤوب من أجل مواكبة هذه المتغيرات وإدراك أبعادها ورفع تحدياتها بما يقتضيه ذلك من التحلي بصدق العزيمة وروح المبادرة والسعي إلى إشاعة قيم التآزر والتكافل وتوحيد الكلمة في أطار ما يربط العرب من وشائج قربى وأواصر أخوة وما يجمعهم من تطلعات وطموحات.
من ناحيته عرض النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية بالمملكة العربية السعودية والرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب الأمير نايف بن عبد العزيز ما تحقق من إنجازات على صعيد العمل الأمني بالدول العربية وما تم تنفيذه في سبيل بلوغ ذلك من خطط واستراتيجيات.
وأشار الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب الدكتور محمد بن علي كومان إلى التحولات الكبيرة التي يشهدها العالم في مجال الجريمة لا سيما تنامي الروابط بين الإرهاب وسائر أنماط الجريمة المنظمة، مبينا أن المجلس أدرك خطورة هذه التحولات ونادى دائما بتعزيز الوقاية من الجريمة.
وأكد وزير الداخلية والبلديات في الجمهورية اللبنانية زياد بارود رئيس الدورة السابقة للمجلس أن الأمن العربي هو أمن الكفاءة واستثمار التقنيات الحديثة كما هو أمن التنسيق العالي المستوى والوتيرة وأمن الشراكة مع المواطنين وأمن المؤسسات الأمنية الفاعلة.
وتناقش الدورة التي تتواصل يومين جملة من مشروعات الخطط والاستراتيجيات المرحلية والاتفاقيات ذات الصلة بمكافحة الارهاب والمخدرات وغسل الأموال ومكافحة جرائم تقنية المعلومات والجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية.
وكان القاضي استقبل صباح اليوم الثلاثاء وزير الداخلية المغربي الطيب الشرقاوي وبحث معه العلاقات الثنائية التاريخية والمتطورة القائمة بين الأردن والمغرب.
وأشاد الوزير المغربي بالسياسة الأردنية الحكيمة المنتهجة في التعامل مع مختلف القضايا الإقليمية والدولية.
من جهته أشاد القاضي بالدور المغاربي في ما يهم الأمة العربية والاسلامية واهتمامه بقضية القدس مؤكدا التزام الأردن الدائم بالدفاع عن المصالح والحقوق الفلسطينية.
وبخصوص النتائج المنتظرة من هذه الدورة اتفق الجانبان على ضرورة توحيد الموقف العربي اتجاه جميع القضايا وخاصة الأمن ومكافحة الارهاب والجريمة المنظمة وبأنواعها المختلفة وضرورة العمل على توحيد الموقف الفلسطيني لمواجهة التحديات الاسرائيلية المستمرة والتعنت والتطرف الذي تقوم به الحكومة الاسرائيلية الحالية ووقفها مما يضع المنطقة على حافة مرحلة جديدة من المخاطر والنزاعات.
بترا