زاد الاردن الاخباري -
الكثيرون لا يعرفون نبتة الهوهوبا، لكنّ باحثا أردنيا شابا يرى في حال استغلالها من قبل الجهات الحكومية واعتماد زراعتها محليا، فإنها ستكون رافدا أساسيا لميزانية الدولة.
ويوضح الباحث الزراعي عبد الحافظ أبو عرابي في مقابلة مع "السبيل" أجرتها معه الأحد، أن شجرة الهوهوبا أو الجوجوبا تحتوي على زيت نادر يستخدم في وقود الطائرات، كما تحتوى على مواد طبية وبروتين يصل إلى 30 في المائة من مكوناتها.
وتزرع النبتة حاليا في الولايات المتحدة الأمريكية، و"إسرائيل"، والمكسيك، وبيرو وتشيلى، والأرجنتين، واستراليا، ومصر، ونيوزيلندا، كما تستعد الهند، وليبيا، وتونس، والسودان لزراعتها.
ويؤكد أبوعرابي أن "إسرائيل" حريصة على زراعة النبتة بشكل لافت في صحراء النقب، مشيرا إلى ان الجهات الحكومية هناك تحظر تصدير بذورها إلى الخارج.
وبحسب أبي عرابي، فإن الصحراء الأردنية تعتبر منطقة واعدة لزراعة النبتة المذكورة، إذ تتوفر البيئة اللازمة لها من ناحية الجو، والأراضي الصحراوية الخفيفة التي يحتاجها النبات، إضافة إلى أن نوعية الإنتاج في الأردن لا تختلف عن نوعية الإنتاج في مختلف أنحاء العالم.
ويقول أبو عرابي: "تم إدخال زراعة الهوهوبا في الأردن من خلال المشروع الاقليمى لزراعة الهوهوبا في بعض دول الشرق الأوسط التابع لمنظمة "الفاو" في الفترة من 1985 وحتى 1990، ولم تنجح الفكرة آنذاك لأن الجهات المختصة اعتبرته نباتا رعويا". مضيفا: "تمكنت من إقناع الإدارة في جامعة العلوم والتكنولوجيا على زراعة 50 دونما بنبتة الهوبوبا والتجربة الآن ناجحة جدا".
ويزيد: "أتمنى أن ألتقي الملك عبدالله الثاني لشرح تفاصيل المشروع أمام يديه، وأن تكون باكورة عملنا برعاية ملكية سامية".
ويذكر الباحث أن الشجرة تستخدم في العديد من الصناعات المختلفة، كما يستخدم باقي عصر البذور في استخراج مواد طبية وإنتاج بروتين نباتي، بالاضافة إلى السماد العضوي، وتستخدم قشور بذور النبات في إنتاج خامات دوائية جديدة.
وينتقد أبو عرابي قرار جهات حكومية زراعة نبات الجاتروفا بحجة مردوده الإيجابي على المملكة، مشددا على أن هذا النوع من النبات يتسبب بأمراض سرطانية، وله تأثيرات سامة على التربية والإنسان والحيوان، فضلا عن أن عائداته الإنتاجية قليلة جدا، مقارنة بعائدات الهوهوبا. ويستغرب أبوعرابي تشجيع البعض على زراعة الجاتروفا بالأردن، على الرغم من عدم جدواها اقتصادياً. ويقول: "طبقاً لتصريحاتهم فإن إنتاج الشجرة (عمر أربعة سنوات) هو 5 كغم، ويحتوى الدونم على 60 شجرة (مسافة الزراعه 4*4)، وعلى هذا الأساس يكون إنتاج الدونم 300 كغم، ويستخرج منها بعد عصر البذور حوالي 75 كغم زيت جاتروفا (بواقع 25% من وزن البذور)، ويحول إلى وقود حيوي يباع بحوالي 35 دولارا (45 سنت للتر)". متسائلا، هل هذا العائد مجد ليغطى باقي تكاليف الزراعة؟ وتكاليف تحويل الزيت إلى وقود وتعبئته ونقله؟
ويتساءل أبوعرابي أيضا عن الهدف وراء الدعاية في هذا الوقت بالذات، لإدخال زراعة الجاتروفا في الأردن؟ موجها اللوم إلى وزارة الزراعة بشكل رئيس.
ويدعو الباحث المسؤولين والباحثين والمتخصصين إلى دراسة نبات الهوهوبا، والوقوف على التجربة المصرية لزراعته وتصنيعه، للوصول إلى استراتيجيه ثابتة لاستغلال مياه الصرف الصحي المعالجة لخدمة الأردن، وتحقيق أرباح حقيقية، وإقامة صناعات تستخدم خامات طبيعية صديقة للبيئة، وقادرة على المنافسة العالمية في كافة المجالات، التي تعتمد على منتجات نبات الهوهوبا، قائلا: "هذه الشجرة هي أمل تنمية الصحراء الأردنية، من خلال استراتيجية قومية ثابتة لا تختلف باختلاف المسؤولين أو الوقت، وتحقق عائدا حقيقيا للأردن". ويطالب الباحث الشاب بالبدء الفوري في زراعة أشجار الهوهوبا بعد تجهيز الاشتال والبذور المناسبة، ضمن المناطق المتوقع النجاح فيها. وفتح قنوات التعاون مع الدول المجاورة التي تتوفر فيها ظروف بيئية مشابهة تماما، والبدء بنشر التوعية والبرامج الإرشادية من خلال مديرية الإرشاد الزراعي، لتشجيع المزارعين على البدء بزراعة واستثمار النبتة، فضلا عن استحداث مديرية الاستثمار الزراعي للأراضي الصحراوية في وزارة الزراعة، للوقوف على الأسس الصحيحة من اجل جلب استثمارات حقيقة.
*المناطق المتوقع نجاح زراعة النبتة فيها:
يؤكد الباحث أن نبات الهوهوبا يزرع في الأراضي الرملية (الصحراوية) والأراضي الثقيلة جيدة الصرف، كما أن النبتة تتحمل ارتفاع درجة الحرارة لغاية 50 درجة مئوية، وتتحمل أيضا انخفاض درجات الحرارة لغاية 5 درجات تحت الصفر. ويضيف: "تنمو هذه الشجرة أيضا كنبات مثبت للرمال ومكافح للتصحر، وعلى كمية أمطار تصل إلى 120 مم سنويا". وتنجح زراعة النبتة أيضا في المناطق الغورية من الشونة الشمالية، وفي الشمال، والعقبة جنوبا، مرورا بمنطقة وادي عربة، والديسة جنوبا، ومناطق المنحدرات ما بين الأغوار والمرتفعات (حمرة السلط ومادبا).
الاحتياجات المائية للنبتة:
ويشير أبو عرابي إلى أن نبات الهوهوبا، من الأشجار البرية التي تزرع في الاراضي القاحلة وشبه القاحلة، وهو مستديم الخضرة طوال العام، وتقدر احتياجاته المائية من الأمطار بحوالي 120-400 مم سنوياً (2 م3 يومياً/ للدونم). وتؤكد دراسة أجراها الباحث أن الهوهوبا له قدرة كبيرة على تحمل الحرارة والعطش، كما انه نادر الاصابة بالأمراض، ولا يحتاج الى خدمات زراعية كثيرة، من تسميد وتقليم وتسميد وحراثة.
أما نبات الجاتروفا فهو بحسب الدراسة، نبات استوائي وشبه استوائي متساقط الأوراق، ويتحمل الحرارة والعطش ولكن بدرجة اقل من الهوهوبا، واحتياجاته المائية 300- 1500م سنوياً من الأمطار، (5 م3 يومياً/ للدونم).
وتوضح الدراسة أنه بالإمكان استغلال مياه الصرف الصحي المعالج، الذي تنتجه حوالي 24 محطة تنقية منتشرة في جميع أنحاء الأردن لري الهوهوبا.
الأثر البيئي لزراعة النبات:
تقول الدراسة أن النبتة المذكورة، بإمكانها توفيرغطاء نباتي أخضر، وأن جذورها ليس لها أثر ضار على التربة أو الإنسان، أما نبات الجاتروفا فهو "متساقط الأوراق، لكنه يوفر غطاء نباتيا أخضر أفضل من الهوهوبا، إلا أن جذور نباته لها أثر سام على التربة، وعلى من يتناولها، سواء كان إنسانا أو حيوانا".
مجالات استخدام منتجات النبتة:
تشير الدراسة إلى أن زيت الهوهوبا يستخدم في مجالات عديدة، منها الطب، إذ (تم التوصل إلى إنتاج ثلاثة أدوية مصرية تعتمد على زيت الجوجوبا كمادة فعالة طبيعية ليس لها أثار جانبية، كما تم الحصول على براءات اختراع دولية لها. وتستخدم النبتة أيضا في صناعة مواد التجميل، والمبيدات الطبيعية، واستخدامه في تشميع الفاكهة للتصدير، وزيوت المحركات، والزيوت الصناعية. ويستخدم زيت الجوجوبا في أمريكا وأوروبا كزيت محرك عالي الجودة. ووفقا للدراسة فانه عند إضافة 50 غم من زيت الهوهوبا مع كل كيلو زيت من زيوت المحركات للسيارات، فإنها تسير لغاية 20 ألف كيلومتر من دون الحاجة لغيار آخر، كما تم التوصل إلى إنتاج وقود حيوي من زيت الجوجوبا (بيوديزل)، وهو مطابق للمواصفات الاوروبية والامريكية للوقود الحيوي. وجاري حالياًَ إجراء تجارب على إنتاج بنزين حيوي اوكتين 95 من الزيت ذاته.
وفي المقابل تؤكد الدراسة أن زيت نبات الجاتروفا يستخدم كوقود حيوي فقط، إلا أن زيته أيضا يحتوي على مادة ( Phorbol Esters )، وهى تسبب التهابات للجسم، وتشجع على نمـــو السرطان.
المزايا النسبية لزراعة نبات الهوهوبا في الأردن:
وتذكر دراسة أبي عرابي أن النبتة في حال تم استغلالها محليا، فإنها ستعمل على رفع مساهمة القطاع الزراعي بالدخل القومي إلى نسبة مرتفعة، وثبات مساهمة القطاع الزراعي بالدخل القومي الموجودة حاليا مع تقليل كمية المياه المستهلكة بالزراعة. ويدعو الباحث إلى البدء بزراعة أشجار الهوهوبا في الأراضي الصحراوية، من اجل تعميم هذه النباتات ذات المردود الاقتصادي العالي على المزارعين، "الذين يستغلون أراضيهم بمحاصيل غير مجدية اقتصاديا، رغم استهلاكها العالي للمياه".
العائد الاقتصادي للزراعة:
تقول دراسة الشاب أبي عرابي أن دونم الهوهوبا ينتج اعتبارا من العام الثالث للزراعة بذور يستخرج منها حوالي 30-40 كغم من الزيت، الذي يباع حالياً بالجملة بحوالي 15 دولارا للكيلو، وبذلك "تصل قيمة الإنتاج الأولى إلى حوالي 600 دولار، ثم يزيد المحصول حتى يصل الإنتاج في العام السادس أو السابع إلى أكثر من 200 كغم بذور، يستخرج منها أكثر من 100 كغم زيت للدونم، وتصل قيمتها إلى أكثر من 1500 دولار للزيت الخام فقط".
وفي حال تم تصنيعه، فإن المردود سوف يكون مضاعفا بخلاف "قيمة المنتجات الثانوية الأخرى كالكسب أو القشور". أما نبات الجاتروفا، فتؤكد الدراسة أنه لا يمكن الحكم بدقة على حجم إنتاجه من الدونم.
تامر الصمادي / السبيل