تفاءلت أو ربما ( توهّمت ) ذات يوم أنّنا سنتخلّص من كل حالات التخّبط و( الهبوط ) ... سنتخلص من حالة تدنّي أو إنعدام ( الرؤية ) ... ستنهض تلال عمان من ( غفوتها ) وقد تجلّت أو طربت لتغاريد ( عصافيرها ) وعانق كبرياؤها ظفائر العاشقات , وتعالت من هنا أو هناك قصائد الشاعر الكبير حيدر محمود التي كان يغازل فيها عمان المحبة وعمان الوطن وعمان النقاء .
كانت لحظات ( محمومة ) بالذكريات والشوق والحسرة ... حاولت أن أجبر نفسي على التفاؤل رغم انني أدرك أن هذا التفاؤل لا يتجاوز حدود الوهم ... تمنيت لو يعود بنا الزمن إلى ( الوراء ) لكي نحصّن أنفسنا من كل المتملّقين أو من اولئك الذين ( خطفوا ) البسمة من على شفاهنا ... أو من اولئك ( السماسرة ) الذين استوطنوا على أكتافنا وظهورنا ... اولئك الذين ( تلاعبوا ) في عواطفنا وطيبتنا وحتى ( سذاجتنا ) ... أو اولئك الذين زرعوا في طرقاتنا الحجارة و( المتاريس ) ... تمنيت لو تعود ليالي عمان ... تمنيت لو أني ( أزاحم ) من جديد الآخرين على بوابات المسارح أو في صالات الفكر والغزل ... لو تجمعني من جديد جلسة ليلية في مطاعم هاشم وسط العاصمة عمان باولئك ( الأصدقاء ) الطيبين رفاق الودّ والطفر نتقاسم سويّا رغيف الخبز وطبق الفول ورأس البصل دون أن يزاحمنا أو يحسدنا أحد ... تمنيت ولو لمرّة نطوف حول عمان نزرع أطرافها بالحب وننثر منازلها بالورد .
ما أجمل الذكريات رغم ما فيها من ألم ودموع واحتراق ... فهي تجعلنا نعيش في أجواء الزّمن الجميل ولو للحظات ... تدفعنا للنهوض من جديد و تحيي فينا الأمل رغم كل ( الكوابيس ) ... تنعش القلب العاشق ولو أنه يحترق ... نبحث عن كل الأصحاب في الأفق البعيد رغم كل ( المسافات ) ... تهدأ النفس ولو قليلا رغم ما يحيط بها من ( التواءات ) ... ولكن كم هي ( مأساة ) ان يصحو المرء من ( حلم ) جميل ويجد نفسه يتقلّب على اشواك تدمي ذراعيه وقلبه ... يصحو ليجد نفسه ( منكسرا ) تحت رحمة الضّالين ... يجد أنه مجبر أن يضع رأسه بين كل الرّؤوس , ويحملق في كل الوجوه ( الغريبة ) من حوله , جميعهم مدجّجون بالجشع والطمع ... جميعهم أصحاب ( أجندات ) ... جميعهم أصحاب ( سوابق ) فاسدون مفسدون ... ردّاحون نمّامون ... يبيعون الوطن في أسواق ( نخاستهم ) رغم أن الوطن أكبر منهم ... يرتمون على اعناقنا وارزاقنا ... يتجوّلون في طرقاتنا وينهبون جهدنا ويسرقون أو ( يختلسون ) أفكارنا ويحاولون أن ( يحطّموا ) أقلامنا أحيانا .
وإذا كانت أحلامنا لنا وحدنا لا وصاية لآخرين علينا فيها .. فلماذا لا نحرّر إرادتنا من قيدها ... ونعيد لنفوسنا ( عنفوانها ) وألقها , رغم أن ما بين الحلم والإرادة ( طوفانا ) يجب أن نتجنّبه أو نواجهه , ولكي ( نحرّك ) عزيمتنا فإنّ ذلك يتطلّب منا مزيدا من التضحيات والصبر والجلد ... حينما يتوفّر كل ذلك فإننا سنكون قادرين على أن ( نغلق ) كل الطرق أمام حركة وتسلّل المتسلّلين .
عدنان الرواشدة
adnan_rawashdh@yahoo.com