زاد الاردن الاخباري -
كتب : محرر الشؤون السياسية - خاص - عام و نصف من الإحتجاجات و الاعتصامات و التظاهرات و المسيرات.. عام و نصف من الأمن الناعم.. عام و نصف من ضبط النفس و التعامل الحكيم مع أبناء الشعب الغاضبين، بالتغاضي عن بعض التجاوزات المحدودة..
المأساة تظهر عندما خرج مكفوفون و معوقون حركياً و أصحاب احتياجات خاصة، منذ أسبوع، للمطالبة بحقوق من العار التحدث عنها و انتقاصها.. خرجوا مع ربيع العرب، لا ليطالبوا بإسقاط النظام ، و لا الإنقلاب عليه، لم يطالبوا أصلاُ بإصلاحات سياسية.. طالبوا بحقوق يجب أن تؤمّن لهم من خزينة الدولة الممتلئة بأموالهم و أموال إخوانهم من المواطنين..
إعتصام ذوي الاحتياجات الخاصة قوبل بقمع عنيف على أيدي رجال الدرك، قرار القمع صدر غالباً عن مسؤول "رفيع" يجلس خلف فنجان قهوته في مكتبه الـ"مكندش"، قرر فجأة الإستجابة للأوامر القاضية بمنع الإعتصامات أمام الديوان الملكي، في وقت نفّذت -ولا تزال- عشرات إن لم يكن مئات الإعتصامات في المكان نفسه.
مسؤول رفيع كهذا، يرى نفسه حجر أساس في بناء الوطن، و أن المملكة الأردنية الهاشمية بأكملها لا تستطيع المضي قدماً دونه، و أن الشعب و قيادته لا يساوون شيئاً إن لم يكن موجود، و أن اقتصاد الوطن سينهار في حال غيابه عن الساحة.
حضرة المسؤول قرر إعادة هيبة الأمن، فطالب بإظهار الخشونة و البطش على أضعف خلق الله، ذوي الإحتياجات الخاصة، فهو يرى أن قمع هؤلاء المحتجين، إن صحت تسميتهم بذلك، سيحمي كرسيه و يحافظ على منصبه، مع إسقاط جميع اعتبارات الحكم المتمثلة بالحرية و العدالة و الإنصاف و محاربة الفساد و المفسدين.
لربما هذا ثمن اختيار مؤسسة العرش لمسؤولين بعقليات متحجرة متكلسة، تسعى لمصلحتها أولاً و آخراً، و إن كان ذلك عن طريق الإيقاع بين الحاكم و المحكوم و دق الأسافين بينهما.. فالنظام الآن يدفع ثمن اختياره هؤلاء، فأي خطأ سياسي و أمني و اقتصادي صادر عن المسؤولين بات يهيّج الشارع إلى أن وصل الأمر إلى الخروج بهتافات معادية للنظام، لم نكن عهدناها في الأردن من قبل.
فالمعادلة أصبحت واضحة.. مسؤولون يخرجون بقرارات تحمي مصالحهم و كراسيهم، الشعب الـ"طفران" يدفع ثمنها، يغضب الشارع، يتعالى ضجيجه ضد النظام، الذي يخسر نقاطاً عمل كثيراً لكسبها من شعبه.