تقول المعلومات أن الحكومة تقدمت بطلب الى صندوق النكد الدولي للحصول على قرض بقيمة 2 مليار ، وبالتأكيد فإن المبلغ سيستخدم لتمويل عجز الموازنة غير المبرر والذي جاء كإفراز لسياسة التخبط المالي والاقتصادي التي تعيشها حكوماتنا المتتالية ، وتعيين وزراء مالية ليس بالقدر الكافي من المسؤولية على إدارة ملف المالية العامة في الأردن ، كما تجب طرد ومعاقبة مدير عام دائرة الموازنة العامة على تخبطه وسوء تقديره لأرقام الموازنة الحالية ، فهو بكل بساطة عمل على إحداث أزمة حقيقية في قد تعصف بالاقتصاد الوطني ، وقد تؤدي إلى خلخلة الأمن الاقتصادي وتهدد النظام السياسي برمته .
بالطبع طلب الحكومة يأتي بعد امتناع الحكومة السعودية ولو لفترة مؤقتة عن تقدم مساعدات مالية للأردن ، وإلى متى نبقى نعلق مصير اقتصادنا - إذا كان لدينا مقومات اقتصاد – على أكتاف المساعدات المشروطة والتي لا تقدم لسواد عيون الحكومة ، وإنما إحقاقاً لسياسات وبرامج وأجندة عسكرية واقتصادية وتدخلاُ في القرار الداخلي وعلى جميع الصعد . ونحن كشعب أردني نقدر للحكومة السعودية مساعداتها السابقة للأردن ولكن نناشدها ونستحلفها بالله أن لا تقدم أي ريال دعماً للموازنة الأردنية ، إلا بشروط ضمان الإصلاح الحقيقي الاقتصادي والسياسي ومكافحة الفاسدين ومحاربتهم ، ودعماً لمشاريع إنتاجية حقيقية .
طبعاً القرض المحتمل من الصندوق الدولي لا بد ان يرتبط ببرامج وأجندة اقتصادية وفي مقدمتها رفع الدعم ملعون الوالدين عن المشتقات النفطية ، والذي طالما تغنت به الحكومة وأذلت به كبرياء الشعب ، ولكن عندما يأتي الأمر من صندوق النقد فبكل تأكيد سيكون له طعم ونكهة أخرى ، ممزوجة بفشل الساسة الاقتصاديين الذي درسونا في الجامعات ، وأغرقونا بمفاهيم المنافسة والمالية العامة ونظرية الاعتماد على الذات ، ونظرية الاستعمار والمؤامرة التي هم اول من تبنوا تطبيقها على هذا الوطن الذبيح .
الحكومة الأردنية وفي مقدمتها منظري الاقتصاد والسياسة ليست بحاجة إلى برنامج للتصحيح الاقتصادي ، بقدر ما هي بحاجة إلى برامج في التوعية الانتماء للمواطن وللبلد ، وتقدير مفهوم الشراكة المجتمعية بين أصحاب المصالح والمستفيدين في الأردن وهذا بكل تأكيد يشمل قطاعات واسعة من الناس على اختلاف مستوياتهم الوظيفية أو الطبقية والقطاعية . والشراكة المجتمعية لا تأتي بالتنظير فقط وإنما بحاجة إلى أجندة وبرامج عمل واضحة وصريحة يسهل علينا تقييم أداها لاحقاً .
بحق لقد مللنا الفريق الاقتصادي المزعوم ، ومللنا الفريق الاقتصادي في الحكومة ، ومللنا المجلس الاقتصادي والاجتماعي ، وكلها مسميات لعملة واحدة لا تسمن ولا تغني من جوع ولا تقدم أية وصفات عملية لمعالجة ولملمة جراح الاقتصاد .
يقال أن هناك 100 شخصية أردنية من المسئولين السابقين رفضت الانضمام لحكومة الطراونة، والسؤال لماذا لم ترغب هذه الشخصيات بالانضمام. الجواب بكل بساطة وهو عدم رغبتها في العمل في أجواء غير مستقرة وفي ظل حكومة قصيرة العمر، ناهيك عن أن بعضهم يشغل حالياً منصب رفيع من مدير عام أو رئيس مجلس إدارة في غير مكانه وتركه خسارة له وليس للوطن.
وهنا السؤال الأبرز لماذا لم يضحي هؤلاء المسؤولين بمناصبهم لإنقاذ الوطن والمواطن ؟ ومن سيحاسبهم على ذلك؟ ولماذا يطلب من المواطن وحده التضحية ولعانة الحرسي ؟ .
لذلك نحن بحاجة إلى تجديد الدماء في كل شيء .
د.إياد النسور