على باب المحكمة الشرعية قد ترى العجب العجاب ، نساء ورجال واطفال يصعدون وينزلون بحركات هوجاء ، لوحت وجوههم معالم البؤس حينا والهم حينا اخر ، في حين يمسك بعض الأطفال طرف الثوب ويشقون طريقا ليس اعثر مما ينتظرهم .
الوجوه اقدر على أن تنبئك عن الوضع المزري ، في حين القصص دائما متشابهة فهي اما طلاق او شقاق أو نفقة ، والنهايات دائما معروفة اذ لا تخرج عن ان الزوج اخذها لحما فيما تركها عظما ، وقد يخبرك الزوج بأن الحق على الزوجة .
النتيجة دائما واحدة ، فهي هدم لبيت ما لبث ان بني وربما كان يوما عش سعادة غامرة لكنه ما لبث ايضا حتى انقلب على أعقابه فتحول الى حياة لا تطاق .
وكذلك سيكون الثمن واحدا ، لضياع شباب وفتوة في مهب الريح وعندما يكون هناك ابناء نضيف الى الثمن جيلا سينشق عن اسرة مفككة فيما يقضي حياته فاقدا لدفء الاسرة المتماسكة والمتراصة .
لو سألنا الزوجين عن السبب الذي ادى الى الطلاق ، فسيرمي كلا منهما حمله على الآخر ، فالزوج سيقول الزوجة ، والزوجة ستقول الزوج ، في حين يبقى السر دفينا بينهما لا يعلمه الا الله وحده ومن شاء.
قيل بأن نسبة الطلاق زادت لدينا خاصة بين المتزوجين حديثا ، وبالتحديد بين الشباب ، وبالأخص الطلاق قبل الدخول ، وقضاء يوم واحد في اي محكمة شرعية كافي للاقتناع بهذه النسبة ، وبانها زادت فعلا ، والاجابة على سؤال لماذا زادت ، جوابا يحتمل التأويل ويحتمل الحظي بعدة اجابات ابتداء من مسألة الطلبات الكثيرة من قبل العروس وانتهاء بالظروف الاقتصادية ومدى التحمل والمسؤولية ومرورا بتدخل الأهالي وتقمس ادوار الحموات .
لكن هناك سبب آخر : فلقد مر علي عشرات الحالات السبب فيها ان الأهل لم يسألوا عن العريس جيدا وتعجلوا بالزواج ، خوف ان يضيع على العروس القطار ، وتمت الخطبة ثم اقيم العرس والزواج ، ثم مع العشرة تبين ان العريس الذي اصبح فيما بعد زوجا أنه : \" هامل \" لكونه يشرب الخمر والمسكرات لا بل احيانا المخدرات ، واحيانا امورا اكثر من هذه مما لا يحتملها عقل ولا يرضاها مجتمع له عاداته وتقاليده .
فأمس رأيت \"ميسون\" تلك التي حضرت زفافها قبل عام ، لكني لم اعرفها نظرا لتغيير ملامحها بفعل البؤس والألم ، \" ميسون \" ضحية أم واب غرهم مال العريس في حين تبين انه يتعاطى الخمر ويتعاطى المخدرات ، وانه يفقد عقله وذهنه معها فيسبها ويضربها ويهينها ، وياليت الأمر توقف عند هذا الحد .
\"ميسون\" الان تقف في مهب الريح شبابها ضاع ولوثته الالام واسمها تغير الى \" مطلقة \" والحسرة تملأها حتى اخمص قدميها ، فيما ترمي حملها على اهلها بانهم السبب في ماساتها \" ليش ما سألتوا \" \" قلتلكوا اسألوا عليه \". لكنها تواسي نفسها احيانا فتقول \" الحمد لله ما عندي منه اطفال \" .
المحامي خلدون محمد الرواشدة
Khaldon00f@yahoo.com