كان الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه ، ان حباه الله تعالى حصافة في الرأي والاقدام والشجاعة ، واتسم حكمه بالرحمة الشاملة وتميز بالعفو عند مواجهة الخصوم والمعارضين. وقد عاش معركة الكرامة وتابعها بنفسه على أرض المعركة ولم يقبل الا النصر للجيش العربي الذي يحمل هذا الاسم لارتباطه بالعروبة واستمرارية الثورة العربية الكبرى. ومن اقواله في تلك المعركة \"ولئن أخذتم تسمعون عنا وليس منا بعد هذا اليوم ، فلأننا والله قد طالت نداءاتنا وتوالت\" .
يحتفل الاردنيون والامة العربية في كل عام بمناسبة خالدة وعزيزة على قلوبهم ألا وهي مناسبة معركة الكرامة التي سطرت فيها القوات المسلحة الاردنية أروع البطولات واستطاعت انهاء اسطورة الجيش الذي لايقهر( جيش اسرائيل الصهيوني) بعد ان الحقت بالعدو الاسرائيلي أفدح الخسائر البشرية في صفوفه .
بدأت المعركة عند الساعة 5:30 من صباح يوم 21/3/1968 واستمرت اكثر من خمسة عشر ساعة وكان من ضمن خطة العدو الصهيوني تتضمن ثلاثة محاور : محور العارضة ومحور سويمة ومحور غور الصافي. ومن اهدافه الواضحة احتلال بعض الاراضي الاردنية لارغامه على قبول التسوية والاستسلام الذي تفرضه اسرائيل بالشروط التي تريدها من مركز القوة التي تتصوره، وكذلك زعزعة الروح المعنوية والصمود عند السكان المدنيين وارغامهم الى النزوح من اراضيهم ، بالرغم ان الجبهة الاردنية لم تشهد هدوءا منذ حرب حزيران 1967. وفي اليوم التالي للمعركة احضر الجيش الاردني بعض الدبابات وناقلات الجنود الاسرائيلية المدمرة وفيها قتلى من الجنود الصهاينة واستعرض بها شوارع العاصمة عمان امام الناس ليروا بام اعينهم الانتصار العربي على الجيش الاسرائيلي آنذاك.
لقد كان الفريق الركن مشهور حديثة الجازي قائد الفرقة ، واللواء كاسب صفوق الجازي قائد لواء الاميرة عالية ، من الذين لقنوا المعتدي درسا قاسيا ، وكان لصمود الجيش الاردني في معركة الكرامة وتنامي الروح المعنوية العالية ، والقدرة القتالية التي يتمتع بها الجندي الاردني ابلغ الاثر في الانتصار على العدو. وهكذا فان معركة الكرامة اعادت الى الامة احترام الذات بعد اول نصر يحققه الجيش العربي للامة العربية والتي مهدت الانتصار في معركة اكتوبر ايضا.
الكاتب / بسـام العـوران