منذ عشرات السنين وأخبارالقضية الفلسطينية تتصدّروسائل الإعلام العربية والعالمية ،وكما يقولون أنّ أشهر هذه الوسائل معظمها تخدم أجندات الصّهاينة،وهي ذاتها الّتي مازالت تظلم الشعب الفلسطيني تحت عدّة مسميّات وعناوين هابطة،وأخذت كذلك تقامر وتتاجر بهم ضمن نشرات الأخبار وتحليلاتها السياسية وتقاريرها وتحقيقاتها الصحفية المدفوعة سلفاً من قبل أصحاب السياسات والنظريات والعبقريات الفولاذية،وهؤلاء بغير أدنى تردد مرتبطون بجهات مشبوهة تكيل المكيالين للشعب الفلسطيني،وتلك الوسائل تملك الحصانة ولا كائن ما كان يستطيع أن يضعها في قوائم الإرهاب أو قوائم الأسماء السوداء،والسبب أنّهم مرتبطون ببروتوكولات حكماء صهيون، واليوم تنظّر تلك الوسائل لما يسمّى \"الدّعوة إلى إنتفاضة ثالثة\" من قبل الشعب الفلسطيني وذلك بسبب التحرش الزائد من قبل الصّهاينة بقدسية المسجد الأقصى المبارك تارة،وبناء المستعمرات الصهيونية الكبيرة في أنحاء القدس تارة أخرى،ونتسائل:لماذا الآن أرادت تلك الوسائل التحريض على هذا الأمر وتوظيفه عربياً وعالمياً؟ ولمن مصلحة من ؟ و لهذا كان علينا كفلسطينيين أن نعترف أنّنا أبتلينا بمصيبتين كبيرتين لا ثالث لهما:
الأولى:مصيبة إسمها القيادات وهم سواء أكانوا أركان الحكم السلطويون في رام الله وغزّة أو زعماء فصائل مسيلمة.
الثانية:مصيبة تذويب العاطفة في قلوبنا وجعلها وسيلة إستهلاكية فقط دون تحمل مايترتب عليها من نتائج مخزية،حيث في الحسبان ليس من السهل قياس بلاءاتها أو مضارها،وعلى هذا الأساس وصفها أصحاب العقول بفيروس الفكر الثوري.فالعاطفة هي سلاح تجّار الثورة الّذين إستخدموها في إنتفاضات سابقة،وقاموا بتغذية عقول الصغار عبر مصطلح\"أطفال الحجارة\" ،ولكن لو وجهت لهم سؤالاً :كيف يؤثر الحجر في الدّبابة أو المجنزرة؟ لوجدت أنّهم ولُوامدبرين خوفاً وطمعاً.ولهذا إنّ من يروّج لمصطلح إنتفاضة ثالثة هم عبارة عن أصحاب شركات وإستثمارات ،وفي المقابل يتلقون أوامر وتعليمات من قبل أسيادهم ،وعادةً مايكونون متخفّين وراء وسائل الإعلام وينشرون شعارات فضفاضة تحت مسمّى\"تحرير فلسطين\"،وقد نجحت تلك الوسائل بتمرير مخططات إجرامية لم بستفيد منها إلاّ عرّابوها على جثث شهدائنا الأبرار،وها أنا أسرد لكم الآتي ولذلك لتكتمل الحقائق وليكون ما أقول هو بيان للنّاس:
*في إنتفاضة عام 1987 التي قادها الشهيد القائد الفذ خليل الوزير (أبو جهاد) وأستشهد وهو يخطّ بقلمه لاصوت يعلو فوق صوت الإنتفاضة،فكانت زلزلة عظيمة للكيان الصّهيوني في البداية ولم يستطع إخمادها فانتهت أن إرتمينا في حضن أوسلو.ولكن في إنتفاضة نفق الأقصى عام 1996 إنتفضنا وقدّمنا المئات بين شهيد وجريح وأسير،وكانت النتيجة أنّ أصحاب القرار إستغلّوا تلك الإنتفاضة وجعلوا منها فاتحة التنسيق الأمني مع الصّهاينة ضد شرفاء المقاومة الفلسطينية،وهذا التنسيق كان أقوى من سابقاته.
*في إنتفاضة الأقصى عام 2000 إنتفضنا بعد أن دخل الإرهابي شارون \"لا أقعده الله\" المسجد الأقصى بقدميه النجستين،وجاءت تلك الإنتفاضة بعد مسرحية كامب ديفيد في 25 تموز 2000 والتي تمّ فيها محاصرة الشهيد أبو عمّار وإجباره على توقيع تنازل عن القدس فردّ عليهم قائلاً:أمشوا في جنازتي،ولكن هذا ما تمّ ذكره إعلامياً،ولكن الحقيقة إنّ الشهيد أبو عمّار وضع في زاوية مظلمة في البيت الأبيض وذلك لإجباره على إنهاء خدماته والتنحي عن كرسيه،ولكن الشهيد أبو عمّار كان لهم بالمرصاد فبواسطة حنكته الماهرة إستطاع العمل على تحريض جماهير شعبنا الفلسطيني على العدو الصّهيوني وذلك بإستعمال أسلوب إنتفاضة 1987هذا من جانب،وكان بصفته المموّل الأول والمسهل للعمليات الفدائية والإستشهادية من جانب آخر،والهدف ليس من أجل مقاومة الصهاينة كمقاومة،بل كان الهدف الرئيسي هو دفع الإحراج الّذي تعرّض له وخاصةّ أنّه كان يمشي في مسلكهم ويلبي مطالبهم وهو صاحب نظرية الإنفتاح الأمني مع الصهاينة في بداية الأمر ولكن مالبثوا أن إنقلبوا عليه وحوصر وسمّموه عن طريق أعوانه.ولكن هل نستطيع أن نعلن إنتصارنا في إنتفاضة الأقصى عبر نضال دام عشرسنوات حتّى الآن ؟ بالطبع لا ..فنحن لم نحرّر شبراً واحداً من أرضنا بل إنتهى نضالنا على القتال على الكراسي،ودماء أكثر من 8000 شهيد لم تجف بعد، هذا بالعلم أنّ معظمهم فقراء ومن مخيمات اللاجئين الفلسطينيين ،وأيضاً كيف ننتصر ويحكمنا بالحديد والنار سلطة أوسلو العميلة والتي ساهمت مساهمة كبيرة في إستثمار الشعب الفلسطيني إستثماراً كبيراً،وذلك عبر مساعدة الصّهاينة في الكشف عن المقاومين وتفكيك خلاياهم وإحباط عملياتهم الفدائية والإستشهادية.
قيام الإحتلال بالإنسحاب من قطاع غزة في 15 آب 2005، وذلك ليشغلوا الخصمين المتنافسين حركتي فتح وحماس نحو الصّدام المسلّح، ولقد شاهدنا ذلك ودفع الجانبين فاتورة دماء المئات من كلّ الطرفين،ومن ثمّ ما لبثت أن وقع القطاع في قبضة حركة حماس في الرابع عشر من حزيران 2007 ،وكانت النتيجة تحقيق ما خطّط له الصّهاينة هوطرد حركة فتح من قطاع غزة طرداً ذليلاً،ولم يكتفي الصّهاينة بذلك، بل قاموا بمجازر بشعة ضد أبناء الشعب الفلسطيني على مدى سبعة عشر يوماً في أواخر،2008وأزهقوا قرابة 1500 شهيد وجرحوا الآلاف واليوم مازالوا مقعدين في المستشفيات تحت طروف الحصار الخانق.ونتسائل ولو تنازل إسماعيل هنية عن الحكم أليس سيبطل الله مخططاتهم الإجرامية ولكن ماذا نقول سوى أنّ شهوة الحكم غلاّبة،وهذه الجرائم فعلوها ليوجّهوا وسائل الإعلام نحو هذه الأحداث ليصرفوهم عن سرقة ثروات غزة وعلى رأسها الغاز الطبيعي حيث تشير حجم التقديرات الأولية إلى وجود 50-60 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي ذي الجودة العالية، وأن الكميات المتوفرة هي كميات تجارية تلبي حاجة الأراضي الفلسطينية وتكفي لتشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية في فلسطين لمدة 30 سنة من الآن، وتسمح بتصدير الفائض.
وقد إبتدعت فصائل المقاومة فكرة الظهور الإعلامي والتغني ببطولاتهم في إنتفاضة الأقصى وهذا كان من مصلحة العدو الصّهيوني وليس من مصلحة المقاومة،وأبرز مثال دفعت فصائل المقاومة ثمنه قضية الشهيد محمود المبحوح،وهذه المفاخرة وإدخال عنصر المجاملة من أجل القول بأنّ هذا الفصيل ضحّى أو قاوم أو ناور يعتبر خطأ فادح، ولكن النتيجة أنّنا لم نحرّر شبراً قيد أنملة.ومن هذا المنطلق أقولها وأنا متوضيء ،ويعصرني الألم لما يصيب الشعب الفلسطيني من الألم والويلات والشرور،\"لا تردّوا على أسيادكم ومحرّضيكم \"،حيث أنّ هناك جهات إجرامية تستغلكم لتمرير أجندات وأهواء شخصية، فالصّهاينة لا يؤثر فيهم حجر أو مقلاع أو قصيدة شعر أو سيمفونية موسيقية،فالنضال الحقيقي هو القيام بحرب عصابات في شوارع وأزقة الكيان الصّهيوني،وهذا حقاً يزعج ذلك الكيان المجرم ويضعفه.ولكن لا ننسى أنّ العدو الصّهيوني ينتظر منّا إنتفاضة ثالثة وذلك لتمرير تفريغ مناطق ال48 من سكانها الحقيقيين وإسكانهم في مستعمرات القدس التي يعلن بين الفينة والأخرى أنّه يمضي في بنائها،حيث ستنجح الخطّة الصهيونية بتوجيه شاشات وسائل الإعلام نحو دماء الشهداء وعمليات المقاومة،ولكن على الجبهة الأخرى يقوم بعمليات التهجير،هذا ولو علمنا أنّ أخطر شيء في حساباته هي الديموغرافيا السكانية وليست الإنتفاضات.
فلن يحرّر الله شبراً من أرضنا ونحن منقسمين.ولن يحرّر الله شبراً من أرضنا ولدينا سلطة تعمل ضد الشعب ليلاً ونهاراً.
ولن يحرّر الله شبراً من أرضنا ولدينا فصائل تستغل دماء الشهداء للوصول إلى مراتب الحكم ونيل الإمتيازات الشخصية.
ولن يحرّر الله شبراً من أرضنا ونحن مرتبطون بأجهزة إستخبارات إقليمية وعالمية،فيجب أن نكون عصاميين ونمول مقاومتنا من مالنا الشخصي أو حتّى نصل فيها إلى مرحلة بيع ذهب ومقتنيات نسائنا.
ولن نحرّر الله شبراً من أرضنا طا لما لم نقتدي بالنّبي الأمي محمد صلّى الله عليه وسلّم،فعلينا قراءة جهاده الأسطوري وبعدها فكّروا في الإنتفاضات،حيث فصائل مسيلمة ليس لها علاقة بالجهاد النّبوي.
والقول بإنتفاضة ثالثة يعني يجب أن يكون هناك قيادة منظمة تنشيء أجيال قادرة على الصمود والتحدي،وليس أبواق إعلامية دون طائل منها.وعلى هذا الأساس إذا كنّا عصاميين فلننتفض وإذا كنّا غيرذلك فالجهل والعاطفة سيلازمنا إلى يوم الدّين.اللًهم بلّغت اللّهم فاشهد،ولندع شاعرنا يصف أصحاب الإنتفاضات ليقول:
فأشرق النور فى قلبي و قلت إذا هذه العروبة جارتني ضواريها
ودمت أهتف هيا مرحى يا أخي وهلا يا للأخوة ما أحلى معانيها
ظننته جاء فى الظلماء ينجدني _ و رحت أوسعه شكرا و تنويها
فقال ألقى بهذي البندقية يا.... و راح يوسعني شتما و تشويها
فقلت يا حارس الأعداء يا بطلا بعض البطولات تؤتى من مخازيها
لو أن همي عدوي ما اكترثت به لكن أخي حوّل \"إسرائيل\" يحميها
هذى القنابل من قوتي و من عرقي_ و البندقية روحي لا أخليها الشجب و السب و الإنكار أسلحة ما عاد شعبي بقطمير يساويها
درس العلا من صلاح الدين علمنا أن البطولات تؤتى من أعاليها
ما نفع ألف خطاب صارخ زلق تكفيك لحظة صمت من فدائيها
لن نشحذ الحق من لص ومغتصب بهذى السياسة حاميها حراميها
إن شئت فاذهب معي فالقدس منتظر هذى الكرامة فى أسمى معانيها
يا أمتي فى ظلام الليل لا تهنى لا يطلع النور إلا من دياجيها