سهير بشناق - كل يوم والأمهات بألف خير, فلا أحد أحق منهن, ان يحتفى به طوال العام .
وللاحتفال معانيه , بدءا من نشر وأعلاء قيمة البر بالأمهات والاباء في عصر يسوده عقوق الوالدين وتتفكك فيه الاسر في مجتمعات كثيرة لا تجد مناصا من الاحتفال بيوم واحد دون سائر الايام.
ومعنى الامومة عظيم الشأن , ففي تلك اللحظات التي لا تنسى كانت هي تصرخ من الالم لكنها مع كل صرخة مخاض تدعو الله عز وجل ان يحفظ وليدها وهو من ادخل الفرح لقلبها منذ بدء حركته في أحشائها .
تراه فلا تسعها الدنيا, وتغيب لحظات الالم والمعاناة لان قلبها هو الأوسع , والاكثرحنوا, وكيف للغة ان تصف اللحظة الفارقة حين تشتم الامهات رائحة أطفالهن وتضمهم ...فقد جاء الى الدنيا والى دنياها هي من شاركها شهورا تسعة ,بدقا قها وثوانيها وبحلوها ومرها .
ادخل الفرح لقلبها رضيعا ولم تغب صورته شابا يافعا عن مخيلتها , وهذا حال الامهات لا تتوقف مخيلتهن عن بناء الصورة للابناء يافعين وعائدين اليها مع ابنائهم,ينادونها باجمل الالقاب واعزها على روحها .
هي الحياة بكل معانيهاها الجميلة, فالحب الحقيقي يبدأ من قلبها ولا يتغير بتغير الظروف ويبقى ينبض بحب اطفالها وتدعو لهم في صلاتها و ترافقهم في جميع مراحل حياتهم بما فيها من تعب وسهر وخوف.. ونحمل الهدايا للأمهات ولكن اي هدية تفي الام حقها .! وماذا نقول لأمهات يعشن على صور أبنائهن منذ زمن ينتظرن كلمة حب واحدة ولمسة عطف , فالام تعلم ان كل ما تقدمه لابنائها لا تنتظر مقابله سوى ان تبقى الرحمة في قلوبهم عند الكبر فتجدهم حولها فتتحمل كل مصاعب شيخوختها وهمومها .
وكم من الابناء يقدرون امهاتهم ولا يتذكرونها الا في عيد الام فقط فينسون تلك اللحظات من الحنو عندما كان عمرهم سنة -والام تسهر وتبتهل الى الله تعالى ليديم على طفلها عافيته وصحته ويكبر ليشكرها .
وما ان يتجاوز عامه الاول حتى تتلقفه الام وتبدأ بتدريبه على المشى , وتمسي خطواته الاولى فرح حياتها ,فتعلن ذلك لكل من تحبه وتحتفي بابنها فقد خطا ووقف على قدميه, وها هو يدخل عامه الثالث , فتصنع له الوجبات اللذيذة وقد يقذف الطبق على الأرض , ولكنها الأم لا تغضب ,بل تعيد الكرة لأرضاء مقلة عينيها.
ويكبر طفلها ويدخل عامه الرابع - فتعطيه قلما ليتعلم الرسم… فيشكرها بتلوين الجدران, والخربشات هنا وهناك وهي لا تغضب .
وعندما يدخل عامه الخامس تلبسه أحسن الملابس للعيد. فيشكرها بتوسيخ ملابسه,فتعيد غسلها وكيها وترتيبها ولا تقابله الا بالأبتسام.
وحين يصبح على اعتاب ست سنوات - تقوم بتسجيله في المدرسة.
فيشكرها بالصراخ «لاأريد الذهاب»وتدرك بفطرتها انه ما زال متعلقا بحبله السري ,وعليها ان تعيد اصطحابه الى حيث مكانه الطبيعي بين زملائه على مقاعد الدرس.
وعندما اصبح شابا وعمره خمس عشرة سنة - كانت تبكي خلال نجاحه فيشكرها بطلبه هدايا النجاح ,وتمني نفسها بان عوده سيقوى, وستفخر به وهو يلازمها في زياراتها للاقارب حتى وان كان يطيل جلوسه مع اصدقائه.
ولا يتوقف معنى الامومة حتى حين يبلغ «طفلها» الخامسة والعشرين فتساعده في تكاليف زواجه فيشكرها بالسكن أبعد ما يمكن عنها هو وزجته . وعندما يصل الثلاثين ويتشاغب ابناؤه في بيته هو - تقول له عددا من النصائح حول الأطفال. فيشكرها بقوله لا تتدخلين في شؤوننا يا امي ..وينسى طبع الامهات ورقتهن وحرصهن.
وما أعق الابناء وحتى ان كانوا في سن الرشد وقد تجاوزوا الخامسة والثلاثين ..فتتصل الام لتدعوابنها للغداء فيشكرها بقوله : أنا مشغول هذه الأيام ,وان مرضت واحتاجت الى رعاية واخبرته بذلك يشكرها بالحديث عن عبء ابنائه ومدارسهم واقساطهم .
ونتذكرها فنطرق باب بيتها مرة في مثل هذا اليوم لنتفقد احوالها ويغيب عنا ان واجبنا الديني هو ان نزورها في كل أيام العام لنبر بها كما ابرت بنا وأمضت الساعات الطوال تهز سريرا وتبتهل بالصلوات والأدعية ,فالى كل الأمهات :كل يوم وانتن بألف خير .
الرأي