كلمة رَجَمَ في كلّ معاجم اللغة العربيّة تعني ُطِردَ أو أبعِدَ وهذا يعني أنّ الكلمة السّابقة يصحّ أنْ نشْتقّ منها صيغة مبالغة ( رجيم ) يُوصَفُ بها معلّم الأردنّ ؛ كيف لا وهو مطرود ، ومُبْعدٌ عن التّمثيل السّياسيّ ، والاقتصاديّ وحتّى الثّقافيّ تحْت ذريعة أنّ المعلّم ضعيفٌ سياسيّا ، واقتصاديّا ... الخ ، فالمعلّم إذن غير مؤهل بأنْ يكون وزيرا أو عينا أو محافظا أو سفيرا ... إلا في أحلام اليقظة ، ومن المستحيل أنْ تكون له نقابة ٌ مساواة ً له بالأطباء وغيرهم وهذا أضعف الإيمان ، والمعلّم المخطىء ويلٌ كلّ الويل له فكم من معلّم مُسّتْ كرامتُه أمام طلاّبه وهو مقيّدٌ ومن ورائه رجال الأمن ليركب في السّجن المتحرّك إلى السّجن الثّابت ، وكم من معلّم أهين إهانة ً ماديّة ً أم معنويّة ً أمام أبنائه الطلبة من الطّالب نفسه أو وليّ أمره وسواء أكان مصيبا أم مخطئا فهو المُدان وفورا تُتّخذ بحقّه أشدّ العقوبات دون أنْ يُرَى أو يُسْمَع لا بل ويطلبون منه أنْ يُوَعّي الطلاب بأنّ الدّولة العبرانيّة لا تحترم حقوق القدس وأبنائها ، وكم من معلّم صار من الغارمين لأنّه لجأ إلى اقتراض الأموال ليدفع رسوم ابنه المبدع في الجامعة الذي بعد التخرج سيوجه إبداعه نَحْوَ خدمة الوطن ومليكه وشعبه .
و ( كم ) من الصّيْحات و الصرخات الساّبقة هي قليل من كثير أو بالأحرى قطرة ٌ من ماء بحر وهكذا يفسّرها كلّ المعلّمين ، وغالبيّة النّاس عِوامها وخواصّها ولكن لا يستطيعون رفع الحظر والعقوبات عنهم وتخليصهم من الذّل وإعادة الهيبة لهم فهم ليسوا أصحاب قرار ولو أنهم يملكون عصا سحريّة لأعطوا مهنة الأنبياء والرسل حقّها كلّ الحقّ .
حتى الآن ما زال وضع المعلم هو هو لا بل والله لقد ازداد سوءا فأغلب المعلمين يعملون في وظيفة أخرى بعد دوامهم وأغلبهم لا يملكون بيوتا ولا سيارات ولا يستطيعون الزواج لأن العروس لا توافق عليه والاسباب واضحة ولا يستطيعون أن يذهبوا إلى الأماكن السياحية إلا مع رحلات الطلاب وعلامات البؤس واليأس والإحباط والضعف الجنسي واضحة على وجوههم حتى أن المعلم الذي يمشي في أي شارع صار يعرف من علامات وجهه انه معلم...الخ وأخيرا جاء الوزير يتهكم ويسخر بدلا من ان يطالب الحكومة ــ خوفا من شبح النقابة ــ ضرورة إعطاء المعلمين حوافز مثل إعفاء جمركي و مساواة مكرمة المعلمين بمكرمة الجيش وزيادة الرواتب وعمل راتب ثالث عشر.
بقيَ أنْ أقولَ لمتخذي القرار أنّ المعلّم هو الذي علّم تلميذه الوزير والعين ورجل الاقتصاد... والمعلّم كالماء فمَعَ أنّه أحيا عقول البشر إلا أنّه يبقى بلا طعم ولا لون ولا رائحة.