زاد الاردن الاخباري -
كتبت -ريم الرواشدة - في اليوم العالمي للمياه الذي يصادف اليوم الاثنين،يمثل الاردن حالة ناضجة في نقص المياه تستدعي الدراسة من جهتين:الاولى تتعلق بتزايد انخفاض مستوى البحر الميت، والثاني: السبيل لتأمين مياه الشرب.
في مسألة البحر الميت، المهدد بالجفاف والموت الحقيقي على مر السنين، انخفض مستواه خلال العقود الثلاثة الماضية اكثر من 28 مترا جراء استنزاف مياه البحر»المغلق»من الاطراف المشاطئة و تحويل روافده.
يقول عضو لجنة الخبراء المشكلة من البنك الدولي لدراسة خيارات إنقاذ البحر الميت الدكتور عبدالله الملكاوي أن «البحر الميت من الظواهر الجيولوجية النادرة في العالم، فهو بحر مغلق شديد الملوحة يقع على أطول فالق إزاحي قاري في العالم يصل طوله أكثر من ألف كيلومتر مصحوباً بإزاحة جانبية تبلغ حوالي 105 كيلو مترات».
وفي الوقت الذي يشدد فيه الاردن على اهمية الحفاظ على البحر الميت وحل مشكلته البيئية ينعدم وجود أي مركز مختص بدراسات البحر الميت،ويبتعد المعنيون عن اجراء ابحاث علمية او دراسات تعنى بالأهمية الاقتصادية للبحر الميت.
ويقر نائب رئيس جامعة العلوم والتكنولوجيا الدكتور ملكاوي أن «الابحاث و الدراسات المتعلقة بجيولوجية البحر الميت اردنيا كبيرة في إعدادها».
ويقول:»من الناحية العلمية فإن ما نشر من أبحاث ودراسات عن البحر الميت من قبل الإسرائيليين يفوق بكثير ما نشره نظراؤهم الأردنيون».
ويضيف:»نستطيع ان نقول ان الابحاث الاردنية المختصة بصناعات املاح البحر الميت و التي لها انعكاسات على الاقتصاد الوطني متواضعة جدا مقارنة مع ما ينتجه الاسرائيليون وذلك عائد الى قلة الاهتمام».
ويدعو الدكتور ملكاوي الى انشاء مركز متخصص بدراسات البحر الميت، ويقول:»أصحاب القرار في المملكة مطالبون بالتحرك السريع وإيلاء هذا الموضوع الاهتمام اللازم بإنشاء مركز متخصص يعنى بإجراء الدراسات والأبحاث الخاصة بالبحر الميت وسبل تسخيرها في مجال الصناعات الطبية والعلاجية والتجميلية والتي من شأنها تعزيز الاقتصاد الوطني ورفده بالصناعات المتميزة».
ويشير الى أن «الجانب الأردني من البحر الميت يعتبر غنياً بالمواد الأولية الخام بسبب شواطئه الموحلة بعكس الجانب «الغربي»، وعلى الرغم من ذلك فإن الصناعات التجميلية في الأردن والتي تدخل فيها أملاح البحر الميت متواضعة نسبياً مقارنة مع الصناعات الإسرائيلية، علماً بأن مساهمة قطاع صناعة مستحضرات التجميل في الأردن على سبيل المثال لا تتجاوز إيراداتها الثلاثين مليون دولار سنوياً، في حين أن مساهمة هذه الصناعات في الاقتصاد الإسرائيلي «تتجاوز ذلك بمئات الأضعاف».
وحذرت دراسة ألمانية صدرت العام الماضي من أن انخفاض مستوى المياه في البحر الميت قد تكون له نتائج بيئية خطيرة.
وقال الباحث شهرزاد أبو غزالة من جامعة التكنولوجيا في دار مستاد بإلمانيا إن انخفاض مستويات المياه في البحر الميت، وهو أعمق نقطة في الأرض، قد يؤثر على قدرة المنطقة على توليد الكهرباء وتوفير المياه العذبة الصالحة للشرب عن طريق التحليّة.
واضاف أن انخفاض مستويات المياه في بحيرات مغلقة كالبحر الميت سببه ظروف بيئية مثل تبخر المياه والاستهلاك البشري الواسع للمياه من نهري الأردن واليرموك لأغراض الريّ و لصناعة البوتاس من قبل إسرائيل والأردن».
ويقول استاذ كرسي اليونسكو في الجامعة الاردنية الدكتور محمد الشطناوي «البحر الميت في اخر 5 سنوات بدأ ينخفض مترا وقبلها كان معدل الانخفاض 70سنتمترا، والسبب في ارتفاع الانخفاض هو بالاضافة الى استغلال مياه على الشاطئين، شح الهطول المطري الذي معه لم تصل كميات مياه كافية الى البحر الميت فزاد التبخر. حتى انه في بعض السنوات الخمس الماضية تعدى المتر الواحد».
ويشير الى أن «البحر الميت ارث عالمي لا يجب ان يتحمل مسؤولية الاهتمام به الاردن فقط ،ويجب ان يكون الاهتمام به اهتماما عالميا،فقد انخفض مستواه من 395مترا تحت سطح البحرالى 423 مترا تحت سطح البحر العام الماضي اي 28 مترا انخفاضا خلال 50 عاما، ومساحته انخفضت من 1000 كيلومتر مربع الى 600 كيلومتر مربع».
ويتوقع الشطناوي»مع استمرار استغلال مياهه دون رفده بالمياه ،انخفاض مساحته الى 300 كيلومتر مربع،وسيصبح على صورة بقعة مائية صغيرة جدا».
وتتركز الأنظار عالميا في انقاذ الى البحر الميت الى الفكرة الاردنية التي تقوم على ايصال مياه من البحر الاحمر الى البحر الميت عبر انابيب ضخمة لتحقيق هدفين: ضخ مياه الى البحر الميت و تحلية كميات اخرى كمياه للشرب في ظل عدم وجود بديل اخر يحقق الهدفين السابقين،واستباقا لكارثة بيئية وبشرية واقتصادية.
وفي الوقت الحالي يتم اجراء دراسات الجدوى الاقتصادية والبيئية لمشروع ناقل البحرين فيما باشر الاردن بدراسة المشروع فنيا، وهو ما اصطلح على تسميته مشروع تطوير البحر الأحمر الذي يهدف إلى معالجة النقص الحاد في المياه الصالحة للشرب في المملكة وذلك عن طريق ضخ المياه من البحر الأحمر عبر خطوط الأنابيب إلى محطة تحلية مياه سيتم إنشاؤها لتدار بالطاقة النووية.
ومن المتوقع أن تنتج هذه المحطة حوالي 700 مليون متر مكعب من مياه الشرب سنوياً عندما تعمل بكامل طاقتها.
ويرى وزير المياه و الري المهندس محمد النجار»ان لا تداخل بين المشروعين-ناقل البحرين والمشروع الوطني، ويقول أن»المشروع الوطني الأردني لتحلية مياه البحر الأحمر لا يتعارض مع الدراسات التي تنفذها الشركات من البنك الدولي إنما هو مكمل لمشروع ناقل البحرين الذي يتمثل في دراسة المشروع فنيا».
ويقر بوجود تساؤلات كانت لدى الاطرف المشاطئة وحتى الدول الممولة لدراسات مشروع ناقل البحرين، ويقول: «أقنعنا البنك الدولي والأطراف المستفيدة من مشروع ناقل البحرين، والدول الممولة للدراسات أن المشروع الأردني لتحلية البحر الأحمر ليس بديلا عن مشروع ناقل البحرين، وأن الأردن ارتأى ضرورة دراسة مشروع ناقل البحرين فنيا جنبا إلى جنب مع دراسات الجدوى الاقتصادية و البيئية للمشروع التي يتبناها البنك الدولي».
ويضيف :» لا اختلاف بينهما لكن الفكرة هي فكرة أردنية في طرح حماية البحر الميت لان كميات المياه التي تتبخر من البحر الميت كبيرة جدا ويسوء وضعه البيئي عاما بعد عام».
ويتابع أن «الاتفاق تم على أن يتبنى البنك الدولي دراسات الجدوى الاقتصادية والبيئية للمشروع،كمظلة جامعة لجهود الدول في الدعم المالي في حين نقوم نحن بالدراسة الفنية للمشروع وكيفية تنفيذه في الأراضي الأردنية،وعدم إضاعة مزيد من الوقت لحاجة الأردن الماسة للمياه».
وتشير بيانات البنك الدولي الى ان البحر الميت فقد أكثر من ثلث مياهه السطحية في العقود القليلة الماضية بسبب التبخر والاستخدامات الصناعية.
إضافة إلى ذلك، ينخفض مستوى الماء في البحر الميت بنحو متر واحد سنوياً، وهو المعدل الذي يرى العلماء أنه سيؤدي إلى جفاف البحر الميت في غضون السنوات الـ 50 القادمة إذا لم يتم اتخاذ أيه إجراءات لوقفه.
كما يرى العلماء أن لانخفاض مستوى المياه عواقب بيئية واجتماعية واقتصادية بعيدة المدى على منطقة البحر الميت وخارجها.
وفي الوقت الذي يستفيد الاردن من 90 % من مياه أمطاره بات التغير المناخي خاصة خلال العامين الماضيين تحديا جديدا يجب ان يؤخذ بعين الاعتبار لجهة تذبذب كميات الامطار الى جانب الزيادة السكانية واستنزاف الاحواض الجوفية.
ويقول خبير المياه الجوفية في الجامعة الأردنية الدكتور الياس سلامة أن مستوى المياه في سدود هذا العام» جيد لكنه غير ثابت،وهي مصممة باحجام كبيرة لكي تستوعب مياه الامطار وأخرى لاستيعاب المياه المعالجة،ونحن بحاجة لحل طويل الأمد فلا يعقل أن نستمر في الاعتماد على المطر والمياه الجوفية».
ويضيف:»التخزين هذا العام وصل في السدود الى 64% و هي نسبة مريحة بشكل عام باستثناء سد الوحدة الذي ما زال تخزينه دون المستوى المطلوب».
ويزيد:»الاستهلاك المائي يتزايد و المصادر المائية تزداد لكن.. شحا، ولا بد البحث عن مصادر اخرى لحين الانتهاء من الديسي و بعده باعوام ناقل البحرين».
وفي إطارذلك ،دخل مشروع جر مياه الديسي مرحلة التنفيذ،بعد ان نالت شركة جاما تنفيذه بكلفة مليار و 75 مليون دولار،وبدء العمل قبل ايام بحفر خنادق الانابيب من موقع جسر مطار الملكة علياء الدولي و ستجري المياه من في شبكة التزويد بالعاصمة عمان نهاية عام 2012 .
الرأي