تحملنا امهاتنا وهنا على وهن ، وشهرا بعد شهر ، ورغم معاناتهم وآلامهم وبالذات آلام المخاض التي ترصف على انها من اشد الآلآم ، الا انهم ينشغلون بفرحتهم بنا فيتناسون تلك الآلآم . وكانهم لا يشعرون بها .
الحمل والولادة وما بعد الولادة وما يرافق ذلك من عناية واهتمام وتربية وتلبية حاجاتنا ليست سوى هموما تصاحب امهاتنا الى حد الممات .
فاذا مرضنا تركن انفسهن للانشغال بالسهر على راحتنا وعلاجنا ورعايتنا ، واذا بكينا انشغلن بتهدئتنا واسكاتنا وأفراحنا ، كل شيء تملكه الأم ليس لها أنما لأبنائها ، وربما تحرم نفسها أي شيء في سبيل ابنائها .
ولكننا بماذا نجازيها ...؟!
ما أن نكبر ونعي وربما نتزوج ، حتى ننسى كل ما صنعنه ، فاذا مرضت هي مللنا وتقاعسنا عنها ، لا بل قد ننام هانئين في حين تتلوى هي في مضجعها .وكأنها غريبة عنا ، ومنا من يتثاقل منها ويصيبه الضجر حتى يوسوس له من يوسوس ، فلا يجد حلا للخلاص منها سوى تركها في أحدى دور العجزة ورعاية المسنين دون اكتراث ومبالاة , وكان الرحمة قد نزعت من الصدور والقلوب ، وتجردت الانسانية من ثوبها فينا .
ومع كل ذلك يبقى قلب الأم واحة الحنان والرحمة ، ويبقى نهر الحب والخوف فيها متدفقا ، كما تبقى شمس الامومة ساطعة فيها مهما حاولنا اخمادها .
ان زيارة واحدة لدار من دور العجزة ورعاية المسنين كافية لسماع قصص تشيب لها الرؤوس والولدان ، وتنبئك بواقع مر ومؤلم ، الا ان ما يزيد شعور الألم والمرارة أكثر ، ان تبرر أحدى الامهات لك وتتعذر عن غياب ابنها ، ثم تدعو له بالخير والتوفيق وان تقول بالحرف الواحد \" بظل ابني \" .
لا املك ان اضيف أكثر ولكني اريد ان اقول لأؤلئك الابناء :
يا حوينة الترباية فيكم .
المحامي خلدون محمد الرواشدة
Khaldon00f@yahoo.com