** إذا صحّت الأقاويل التي تردّدت مؤخرا حول مشروع قانون الإنتخابات الجديد الذي يمرّ في مراحل ( متقلّبة ) فإن الحكومة تكون قد ( نسفت ) العمليّة الإنتخابيّة برمّتها , وخلقت أجواء لا تساعد على مشاركة فاعلة لفئات عديدة من المواطنين في الإنتخابات المقبلة خاصّة فيما يتعلّق بشروط الترشيح الجديدة , أو الإبقاء على الدوائر الإنتخابيّة و( الكوتا ) النسائيّة دونما تعديل أو تغيير .
إنّ إشتراط الشهادة الجامعيّة الأولى كحدّ أدنى لقبول الترشيح لإنتخابات نيابيّة يعني إستثناء وحرمان ثلثي المواطنين الأردنيين الذين أنهوا ثلاثين عاما من أعمارهم من خوض هذه الإنتخابات التي يجب ألا تخرج عن الإطار الدستوري لها , وألاّ يتحوّل مجلس النوّاب فيما بعد إلى مجلس نقابي أو هيئة تدريس جامعيّة , إضافة إلى أنّ ذلك قد ( يفسد ) ألق الإنتخابات وحيويّتها , ويحول دون مشاركة العديد من الذين أمضوا سنوات عديدة من أعمارهم في خدمة دوائرهم الإنتخابيّة ويحضون بثقة المواطنين ولكنهم غير حاصلين على مؤهلات جامعيّة لأسباب كثيرة وقد أثبتوا من خلال مواقع ومواقف متعدّدة أنّهم يمتلكون قدرات ( ناضجة ) في العمل السياسي .
لا يستطيع أحد ان ( يتناسى ) انّ المجتمع الأردنيّ يتميّز عن غيره من المجتمعات الأخرى بميّزات عديدة من أبرزها الترابط الإجتماعي الذي لا يسقط دور ( النخويّ ) بغضّ النظر عن مؤهله التعليمي أو عمره أو مكانته ومواقفه وانتماءاته السياسيّة , وهو الذي غالبا ما ( يحرّك ) النشاط الإنتخابي وخاصّة في الدوائر المتجانسة ذات الزخم العشائريّ سواء كان مرشحا أو ناخبا , فإذا ما أغفل دوره فإنّ المشاركة الشعبيّة في الإنتخابات ستكون حتما ضعيفة جدّا .
أنا لست ضد إختيار النائب الكفؤ القادر على المساهمة في صنع القرار السياسي , ولكنني لست مع حصر هذه الكفاءات بفئات دون غيرها , ولنترك للمواطن نفسه حريّة الإختيار فهو الذي يستطيع أن ( يفرّق ) بين الغثّ والسمين إذا ما وفّرنا له وسائل وبرامج تنويريّة , وامتنعت الحكومة عن التدخل في الإنتخابات بأي شكل من الأشكال أو إذا ما توفّرت له ( أجواء ) مطمئنة دون أن يقيّد في حقّه بالإختيار .
كنت أتوقّع أن ( تنتج ) هذه الحكومة قانون إنتخابات ( عصريّ ) يلبيّ طموحات الأردنيين الذين خاب أملهم في آخر أربعة مجالس نيابيّة أفرزها قانون ( هشّ ) ... أن تصيغ قانونا يفسح المجال أمام الجميع للمشاركة في الإنتخابات بكل أطيافهم السياسيّة والإجتماعيّة , وإعادة النّظر في توزيع الدّوائر الإنتخابية , وزيادة عدد المقاعد المخصّصة للمرأة ثم إلغاء ( الكوتا ) النسائية بعد دورتين إنتخابيتين حينما تتمكّن المرأة من الوصول للبرلمان من خلال التنافس الحرّ ... كنت أتمنّى أن لا تكرّر هذه الحكومة ( هفوات ) وأخطاء الحكومات السّابقة ... وألاّ يتمخّض الجمل عن فأر بعد طول إنتظار .
كم أتمنّى أن ( تتراجع ) الحكومة عن نيّتها في إخراج قانون إنتخابات ( مجتزأ ) أو أن يكون ما يثار أو يقال عن القانون غير صحيح ... !! .
adnan _rawashdh@ yahoo.com