إذا كان المطلوب في ما يحصل في بعض المدارس هو الوصول إلى نقابة للمعلمين فأظن أن الكثير من المواطنين يدعمون هذا التوجه من قبيل المعاملة بالمثل مع المهن الأخرى ...أما إذا كان المقصود في هذه الحملة الشرسة الغير مسبوقة هي إقالة وزير فأظن أن الأمر مختلف كليا وأن المواطن الأردني سيقف موقفا آخر وذلك لسبب بسيط جدا .وهو أننا لا نرى أي سبب وجيه للمطالبة باستقالة وزير .....
من المعتاد في الأردن أن وزيري الصحة والتربية –وهما وزراء الخدمات الرئيسيين – يواجهون ضغوطات ومشاكل متعددة في وزاراتهم مما يسبب لهم حرجا وإحراجا في كثير من المواقف قد يكون من الصعب حلها ، وربما هذا يحدث لأن الواسطات والجهوية ما زالت تلعب دورا رئيسيا في رغبات المواطن وقرارات الوزير ،فبينما نجد المواطن يطالب بالعدل من جهة بحجة الشهادة والخبرة ، نجده يبحث عن الواسطة من جهة أخرى بحجة الجهوية والعشائرية ، وليس بعيدا عنا استقالة وزارة كاملة بعد شهور من تشكيلها لأنها لم تراعي التمثيل المناطقي في توزيع المناصب الوزارية ..
لا بد أن مشاكلنا في جميع الوزارات ستستمر إذا لم تبدأ الوزارات والوزراء بالعمل على أساس منهجي مؤسساتي ولسنوات طويلة قادمة ، عندها لن يأخذ أي وزير قرارا من أجل الشهرة فهو لن يستفيد منه لأن تطبيقه سيبدأ بعد أن يرحل من الوزارة ، أي أن وزير التربية إذا اتخذ قرارا بتغيير نظام الثانوية بناء على دراسات مستفيضة من وزارته ، فلن يبدأ تطبيق النظام في عهده وإنما بعد سنتان أو ثلاثة من اتخاذ القرار والذي سيكون في عهد وزير آخر ...وهذا يسمى قرار مؤسسة التعليم وليس قرار شخص فهو يأتي بعد مشاورات مع الجهات المؤثرة في النظام التعليمي مثل الجامعات ورجال التعليم والبرلمان ... وهذا ينطبق على أي قرار في أي وزارة أخرى ، فالقرارات المزاجية للوزير تجعل الوزير التالي يغير مباشرة قرار الوزير الذي سبقه وذلك لأن كلا القراران مزاجيان ...طبعا هذا من خصائص وزراء دول العالم النامي ....
كنا نتمنى أن تترافق الحملة على أحد الوزراء مع تقديم الدراسات التي تقنع المجتمع الأردني بمبررات العملية ، ومحاولة تقديم البدائل التي تثري العملية التعليمية وتقوي من أساساتها ، لأنه من الصعب إقناع المواطنين أنه عندما صحونا من نومنا فجأة قررنا عمل مطالبة حماسية بإيجاد النقابة وتحسين صورة المعلم وإلا سنقوم بإضرابات تبدأ مباشرة بغض النظر عن النتائج ...فأين كان المعلم طوال عشرين تشكيل وزاري سابق؟؟؟؟؟؟
د معن سعيد